نحن بحاجة الان للبحث عن تحالف دولى أبعد من التحالف الاقتصادي، تحالف يأخذ ابعادا سياسية وامنية بجانب الابعاد الاقتصادية. لقد أظهرت التهديدات الأخيرة للرئيس الامريكى دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة أهمية الموقف العربى الموحد فى مواجهة التحديات التى قد تواجه المنطقة العربية، خاصة أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تواقح فى عروض الوطن البديل للفلسطينيين، فتارة سيناء ومرة أخرى الأردن وبعد ذلك المملكة العربية السعودية، مما يعنى أن التهديد يشمل كل الوطن العربي. تصريحات دونالد ترامب ونتنياهو طرقت جدار الوحدة العربية لإسقاط أى مؤامرة على الوطن العربي، وأظهرت الحاجة لصياغة رؤية عربية واحدة قادرة على تجاوز كل الازمات، وفتحت بابًا للتفكير الجدى بوضع رؤية عربية للتخلص من الهيمنة الأمريكية، والبحث عن توازن فى العلاقات الدولية مما يحفظ مصالح العرب بعد أن كشفت الحرب على غزة الانحياز الأمريكى والعجز الدولى فى وقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. هذه الأحداث تدفع بشكل كبير جدا الى ان يفكر الزعماء العرب بشكل عميق لرسم علاقات عربية ودولية يكون للعرب دور فى صناعة الأحداث الدولية. تستعد القاهرة التى تبذل جهدا كبيرا لترتيب البيت العربى لعقد قمة عربية استثنائية فى السابع والعشرين من الشهر الجاري، ورغم أن القمة عنوانها دراسة التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية إلا أنها ستكون قمة ترتيب البيت العربى لمواجهة التحديات الكثيرة التى تعصف بالمنطقة، هذه القمة فرصة تاريخية لتقوم القيادات والزعامات العربية لمناقشة أهمية القوة العربية فى العالم، وهذه فرصة لتحقيق هدفين، الهدف الأول إعادة تفعيل كل الاتفاقيات العربية السابقة والتى لم تدخل حيز التنفيذ منذ سنوات ومن ضمنها اتفاقيه الدفاع العربى المشترك، الإعلان عن تشكيل هيئة أركان عربية موجهة تشرف على تشكيل جيش عربى موحد، وكذلك البدء فى تنفيذ اتفاقية السوق العربية المشتركة ورفع الرسوم الجمركية بين الدول العربية وحرية تنقل العمالة العربية بين الدول العربية، وغيرها من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية التى تفضى لإبراز القوة العربية فى العالم. من المهم أن يكون للعرب قوة وازنة سياسية واقتصادية، كما أرى ان هذه فرصة تاريخية للبدء فى البحث عن مسارات دولية خارج هيمنة الدولار الأمريكى وتأثيره على الاقتصادات العربية، والبدء فى فتح آفاق علاقات مع دول ومؤسسات دولية، كما حدث سابقا انضمام بعض الدول العربية لمنظمة البريكس. نحن بحاجة الان للبحث عن تحالف دولى أبعد من التحالف الاقتصادي، تحالف يأخذ ابعادا سياسية وامنية بجانب الابعاد الاقتصادية مثل منظمة شنغهاي، هذه المنظمة التى أسستها روسيا والصين بجانب أوزبكستان، طاجيكستان، قيرغيزستان وكازاخستان، مثل هذه المنظمة انضمام الدول العربية إليها قد يحدث حالة من التوازن فى الأبعاد الاقتصادية والسياسية والأمنية، ويخفف من التأثير الدولارى على الاقتصادات العربية، نحن بحاجة كعرب للانضمام لمثل هذه المنظمة والعمل على تطويرها لتحقيق التوازن، لقد أصبح واضحا للجميع اننا أمام مرحلة تكوين جديدة للعالم لا تقل تأثيراتها عن الحرب العالمية الثانية، فلابد من ان يكون للعرب حضور فى أى ميلاد سياسى أو اقتصادى قادم والدخول بقوة فى منظمة شنغهاى فرصة تاريخية، حتى لا نغيب كما غيبتنا الظروف عند انشاء مؤسسات العالم بعد الحرب العالمية الثانية، حيث إن تشكيل النظام الدولى حينها ظلم العرب بشكل خاص. الدول العربية اذا اجتمعت ستكون القوة الاقتصادية الثالثة حسب تقديرات دولية كثيرة وبالتالى نستطيع ان نكون أصحاب قرار فى هذا الامر وإن كنت قد اشرت الى منظمة شنغهاى فإنى أسوقها كنموذج، المهم هو تحقيق حضور عربى قوى قادر على مواجهة الارهاصات الدولية، حضور قادر على صناعة قرار دولى يضمن حقوق ومصالح أمتنا العربية.