مغامرة ذكية تحقق ملايين المشاهدات.. وتدعم السياحة المصرية د. حسين عبد البصير: التجربة تؤكد أن المؤثرين لاعبون أساسيون فى الترويج للسياحة سبعة أيام كاملة قضاها صانع المحتوى الأمريكى جيمس دونالدسون، الشهير باسم «مستر بيست MrBeast»، على هضبة أهرامات الجيزة، كان لها تأثير السحر باستقطاب ملايين المشاهدين عبر العالم، حيث نجح مقطع الفيديو الذى سجل فيه مغامرته لاستكشاف المنطقة الأثرية الفريدة برفقة مجموعة من أصدقائه فى جذب الملايين عبر وسائل التواصل الاجتماعى، كما تصدر قائمة الأعلى مشاهدة على موقع «يوتيوب» متخطياً ال 100 مليون مشاهدة بعد أيام قليلة من نشره عبر قناته الرسمية على موقع الفيديوهات الشهير. اقرأ أيضًا| الآثار تشارك في بورصة السياحة الدولية بإيطاليا نشر «مستر بيست» فيديو يروى مغامرته داخل أروقة الأهرامات وحولها، فى تحدٍ مثير وصفه بأنه «أعظم فيديو فى تاريخه»، استمر لمدة 100 ساعة قضاها على أرض هضبة أهرامات الجيزة، لينتهى الأمر بتصوير واحد من أكثر الفيديوهات الهادفة إلى تعزيز ترويج السياحة المصرية انتشاراً وتفاعلاً من قبل الجمهور. مع انطلاق مقطع الفيديو الذى يمتد لمدة 21 دقيقة، استعرض صانع المحتوى الشهير جولته داخل الأهرامات، بما فى ذلك استكشاف مناطق لم يسبق للجمهور العام رؤيتها مثل مقبرة الإله «أوزوريس» التى تقع على عمق كبير تحت الأرض، والنزول إلى نفق أسفل تمثال أبو الهول، بالإضافة إلى الصعود فوق الحجرات الخمس داخل الهرم الأكبر، ليستعرض واحدة من أهم عجائب الدنيا السبع، بطريقة فريدة لم يسبق أن يراها به أحد من قبل. شارك عالم الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس «مستر بيست» فى مغامرته على هضبة أهرامات الجيزة، ويؤكد أن اليوتيوبر الأمريكى له قاعدة متابعين ضخمة جداً حول العالم تصل إلى ملايين المتابعين، وهذا هو السبب فى أن محتواه يحقق صدى كبيراً فى أى مكان بالعالم، فخلال يوم ونصف فقط وصل عدد مشاهدات فيديو الأهرامات إلى 75 مليونًا، وأضاف د. زاهى أنه يتوقع وصول عدد مشاهدات الفيديو إلى 400 مليون خلال وقت قريب. اقرأ أيضًا| مصر تستعيد 152 قطعة أثرية من تركيا (فيديو) رغم تسجيل آلاف الفيديوهات والأفلام عن الأهرامات، إلا أن د. زاهى يؤكد أنها لم تلق نفس الرواج الذى حققه فيديو «مستر بيست» وذلك بسبب شهرته العالمية التى نجحت فى عمل دعاية ضخمة جداً لآثار مصر فى أمريكا وأوروبا واليابان وكل مكان فى العالم. الرد على شائعات بناء الأهرامات الرد على الشائعات أما عن أهمية الترويج لأماكن أثرية أخرى، يقول د. زاهى أنه يوجد اهتمام عالمى خاص بالأهرامات لأنها تدخل قلوب الناس فى كل مكان بالعالم والجميع يتشوق لرؤيتها، كما أن الضيف عادة هو من يختار المكان الذى يريد أن يقدم محتوى عنه ولا يمكن توجيهه، بينما يضيف: «وافقت على المشاركة فى فيديو مستر بيست بشرط أن يساعدنى فى أن يعلن للعالم كله أن الأهرامات بناها المصريون، وعندما يرى الفيديو 400 مليون شخص حول العالم كما أتوقع ستتبدد بلا شك الفكرة الخاطئة لدى البعض، والتى أؤكد على عدم صحتها فى كل مكان- وهى أن الأهرامات بناها أشخاص من قارة أطلطنس أو القارة المفقودة». اقرأ أيضًا| «السياحة» تجري زيارة ميدانية لأسوان لتنشيط منتج السياحة البيئية ويضيف د. زاهى أنه دخل برفقة مستر بيست أسفل تمثال أبو الهول لإثبات أنه لا توجد أى آثار تحت التمثال كما يشاع أيضاً، وأنه يوجد فقط 4 أنفاق تم حفرهم فى العصر المتأخر، ثم أخذه إلى مقابر العمال ليرى بنفسه مقابر المصريين الذين بنوا الأهرامات، مؤكداً: «جعلت مستر بيست يساعدنى فى تنظيف هيكل عظمى لأحد العمال الذين شاركوا فى بناء الأهرامات لأريه أنهم كانوا أشخاصاً عاديين وليسوا عمالقة، بل مصريين تماماً». «مصر أمان» ويوضح د. زاهى أنه من التجارب الصعبة التى خاضها برفقة «مستر بيست» كان الدخول إلى الحجرات الخمسة فوق حجرة الدفن بهرم «خوفو» فى مغامرة خطيرة جداً، لأنه أمر شاق ومكان ليس من السهل دخوله، موضحاً أن الهدف من هذه التجربة كان تصوير أسماء العمال الذين بنوا الأهرامات، حيث ساعده اليوتيوبر الأمريكى على الإعلان لكل العالم أن الأهرامات بناها مصريون، وأضاف: «بلا شك الفيديو المكون من 21 دقيقة سيكون له تأثير كبير جداً فى الرد على الشائعات التى تقال عن بناء الأهرامات». ويؤكد د. زاهى أن هذا النوع من الترويج للآثار المصرية لا يمكن تحقيقه بسهولة حتى لو كان بمقابل مادى كبير، ولكن يمكن الوصول إلى نفس الدعاية والتأثير من خلال الاهتمام وتكثيف الاكتشافات الأثرية لأنها أهم عنصر فى الترويج السياحى، فعندما تم الإعلان مؤخراً عن الكشف الخاص بالملكة «حتشبسوت» تم نشره فى العالم بأجمعه، وأضاف: «لا نحتاج لتعريف الناس بآثارنا فقط، ولكن يجب أن نقول للعالم أن مصر أمان وهناك مجموعة من الشباب أتوا إليها وعاشوا مغامرة لمدة 7 أيام فى الأهرامات بأمان تام، وهذا بلا شك تأكيد على أمان مصر وتشجيع للسائح على زيارتها». سياحة المؤثرين من جانبه أكد عالم الآثار المصرية الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، أن تأثير سياحة المؤثرين مثل «مستر بيست» فى الترويج للآثار المصرية كبير جداً، لأنه أصبح لهم دور محورى فى تشكيل سلوك المستهلكين، خاصة فى قطاع السياحة، ومن بين هؤلاء يبرز اسم «مستر بيست» الذى لا يقتصر تأثيره على مجال الترفيه والأعمال الخيرية فقط، بل يمتد ليشمل السياحة والترويج للوجهات السياحية بأساليب غير تقليدية. اقرأ أيضًا| «السياحة والآثار» تشارك في المؤتمر الدولي الإسباني المصري للسياحة ويضيف د. حسين أن «مستر بيست» تحديداً يستخدم عدة استراتيجيات تسهم فى جذب الجمهور وتحفيزهم لاستكشاف أماكن جديدة، مثل التحديات والمغامرات وتوزيع الجوائز المالية الضخمة والرحلات مجانية، مما يثير اهتمام المتابعين ويدفعهم للحلم بزيارة تلك الأماكن، بالإضافة إلى تعاونه مع الشركات والجهات السياحية، ما يعزز الترويج لتلك الوجهات عبر محتوى مبتكر. على الجانب الاقتصادى، يوضح د. حسين أن سياحة المؤثرين تسهم فى تنشيط الاقتصاد المحلى، حيث يُلاحظ ارتفاع عدد الزوار إلى المناطق التى يتم الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ووفقًا للإحصائيات، فإن 70% من المسافرين يستلهمون رحلاتهم من وسائل التواصل الاجتماعى، مما يبرز أهمية المؤثرين فى صناعة السياحة الحديثة، مضيفاً أن تجربة «مستر بيست» تُظهر أن المؤثرين أصبحوا لاعبين أساسيين فى الترويج للسياحة، حيث يجمعون بين الإبداع والتسويق ليخلقوا تأثيرًا حقيقيًا على قرارات السفر. الترويج لمناطق أثرية جديدة تجتذب الأهرامات ملايين الزوار وتستمر فى أن تكون مركز اهتمام عالمى، حيث يؤكد د. حسين أن سر جاذبية الأهرامات، وخاصة أهرامات الجيزة، هو أنها من أعظم الإنجازات الهندسية والبشرية، ولا تزال حتى اليوم واحدة من أكثر المعالم السياحية جذبًا فى العالم، وذلك لأسباب عديدة تتمثل فى الغموض الذى يحيط ببنائها وكيفية نقل الأحجار العملاقة التى تزن أطنانًا، كما أنها تمثل قمة ما وصلت إليه الحضارة المصرية القديمة من إبداع هندسى، وعقيدة دينية، ونظام إدارى معقد، خاصة أن ارتباط الأهرامات بالملوك والآلهة جعلها أكثر من مجرد مبانٍ حجرية، بل أصبحت رموزًا خالدة للحكمة والقوة والروحانية. أما عن كيفية استغلال هذا النوع من المحتوى للدعاية لأماكن أثرية أخرى، يجيب د. حسين أنه يمكن استغلال شهرة الأهرامات كنقطة انطلاق لتوجيه الأنظار نحو مواقع أثرية أخرى، وذلك عبر المحتوى الرقمى، والمؤثرين، والفعاليات، والتكنولوجيا الحديثة، مضيفاً أن السياحة الرقمية اليوم من أقوى أدوات الترويج، لذا يمكن دعوة مؤثرى السياحة والسفر لزيارة مواقع أثرية أقل شهرة مثل معبد دندرة، ومقابر بنى حسن، وسرابيط الخادم، وتصوير تجاربهم بأسلوب مشوق يشبه ما يتم مع الأهرامات، كذلك وعلى غرار المحتوى الذى يقدمه مشاهير مثل «مستر بيست»، يمكن تقديم تحديات داخل المعالم الأثرية، وتصوير فيديوهات ثلاثية الأبعاد وVR عن مواقع مثل أبيدوس أو معابد النوبة، وربطها بالأهرامات كجزء من رحلة استكشاف حضارة الفراعنة، بالإضافة إلى إنتاج أفلام وثائقية وبرامج تلفزيونية شيقة والتى أثبتت أنها وسيلة فعالة فى جذب الجمهور نحو المواقع الأثرية. ويضيف د. حسين أنه يمكن أيضاً الترويج للمواقع الأثرية عبر تنظيم مهرجانات فنية وثقافية مرتبطة بها، مثل احتفالات تعامد الشمس على معبدى «أبو سمبل»، وربطها بعظمة الفراعنة كمهندسين فلكيين عباقرة، وفعاليات إحياء التاريخ الفرعونى بالقرب من الآثار المصرية، حيث يمكن للزوار تجربة حياة الفراعنة عبر ملابس وأطعمة مستوحاة من العصور القديمة، وإعادة إحياء الموكب الذهبى بشكل مصغر فى مواقع أثرية أخرى لجذب الانتباه إليها. بينما مازال فيديو «مستر بيست» عن أهرامات الجيزة مستمراً فى حصد آلاف المشاهدات حتى اللحظة، لا يمكننا سوى أن نؤكد أن زيارته ليست مجرد مغامرة، ولكنها فرصة لتسليط الضوء على دور مصر كوجهة سياحية عالمية رائدة.