اعترفت إسرائيل بأن مصر هى من أعاقت مشروع التهجير، ولكن تجسيدها دراميًا يرسخها فى الوجدان المصرى بشكلٍ أكبر تعودنا فى عالمنا العربى على بث كثير من المسلسلات العربية خلال شهر رمضان المبارك، وعلى أن تكون نسبة المشاهدة خلال هذا الشهر أضعاف غيره من الشهور الأخرى، ولذلك يستغله القائمون على صناعة الدراما. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى ظهرت شراكة مباشرة أو غير مباشرة بين الدراما وهذه المسلسلات، لا سيما من ناحية الترويج لها اعتبارًا من شهر شعبان. وقد لاحظتُ هذا العام من خلال مواقع التواصل وربما أكون مخطئًا عدم وجود مسلسل يتحدث عن الأحداث الجارية التى يمر بها عالمنا العربي. وفى السنوات الماضية شاهدنا بعض المسلسلات التى تحمل رسالة مهمة وتناقش قضايا معاصرة جادة، مثل مسلسل «الاختيار» الذى صور نضال رجال الجيش والشرطة والمخابرات ضد الإرهاب فى سيناء وغيرها من الأماكن الأخرى، وجسّد تضحيات الضباط والجنود، وحفر أسمائهم فى وجدان الأسر المصرية، فى مشهد يؤكد على أن مصر لا تنسى أبطالها. ورغم أن رمضان هذا العام يأتى محاطًا بأحداث جسام مثل حرب غزة والضغوط على عالمنا العربى ومصرنا الحبيبة من كل جانب، فإن أحدًا من هذه المسلسلات لم ينتبه إلى هذا الأمر، وكانت فرصة عظيمة لإبراز ما قامت به مصر من جهود وما حققته من إنجازات تُعد جزءا مكملًا لمواقفها التاريخية كحامية للأمة العربية وراعية لأمنها القومي.. فالدور المصرى منذ السابع من أكتوبر 2023م وحتى الآن يمثل ملحمة عظيمة التحم فيها الشعب المُلهم ومؤسساته الوطنية مع القيادة السياسية فى مشهدٍ جسَد ويجسد وحدة هذا البلد ووقوفه على قلب رجل واحد ضد من تسول له نفسه المساس بأمن هذا الوطن العظيم. ملحمة انتفض فيها الشعب المصرى وجمع المساعدات والقوافل الإغاثية المحملة بالطعام والدواء وأرسلها إلى أشقائه محملة بالسلام والدعاء والدعوات بالتشبث بالأرض والدفاع عنها وعدم تركها مهما كانت التضحيات، مجسدًا فى ذلك مشاهد إنسانية عظيمة ستظل تُكتب بحروفٍ من نور فى تاريخ الإنسانية، ومشهد بائع البرتقال أبسط شاهد على ذلك. ملحمة مثّل الأزهر الشريف أحد أهم أركانها ببياناته القوية وخطابات شيخه التى تُرجمت لكل لغات العالم، وكان واقعها على إسرائيل وإعلامها وقادتها السياسيين أشد ألمًا من رصاصهم فى أجساد الفلسطينيين، فانتفضوا ضدها متهمين الأزهر ومناهجه، ومحرفين معاداة الصهيونية إلى معاداة السامية. ملحمة أبلت فيها القيادة السياسية المصرية بلاءً حسنًا فى الوساطة والتفاوض لوقف إطلاق النار وحماية الشعب الفلسطينى وإيصال المساعدات الإنسانية إليه، ناهيك عن الموقف التاريخى الشجاع الذى لن ينساه التاريخ وهو التصدى للتهجير، والذى لولاه لانتهت القضية الفلسطينية، وأسدل الستار عليها، واستولت إسرائيل على باقى أرض فلسطين، وأصبحت فلسطين جزءًا من التاريخ. نعم هى حقائق معروفة تحدثت عنها الصحف والمواقع والبرامج الإخبارية، واعترفت إسرائيل بأن مصر هى من أعاقت مشروع التهجير، ولكن تجسيدها دراميًا يرسخها فى الوجدان المصرى بشكلٍ أكبر بل وفى الوجدان العربى كله الذى يقبل على مشاهدة الدراما المصرية. إنها فرصة لتعريف الأجيال الحالية والقادمة بطبيعة القضية، وبما تسعى إليه إسرائيل من أهداف تحقق لها ليس العدوان والاستيلاء على الأرض فحسب بل وانقراض أصحاب الأرض ومحوهم من الوجود. إنها فرصة لتجسيد نصائح فخامة الرئيس «عبد الفتاح السيسى» للشباب المصرى بالسعى والعمل والاجتهاد والتطور من أجل أنفسهم وبلادهم معتبرًا أن ذلك هو الترجمة الحقيقية لحب الوطن حبًا عمليًا، فالحب والانتماء ليس مجرد كلمات تُقال أو تُكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، بل إنهما فى حاجة دائمة إلى ترجمة عملية ترسخهما وتدل عليهما. حفظ الله شبابنا وبلادنا وأمتنا العربية من كل سوء. مشرف بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف