رغم الإجماع الدولى والعربى أن الرئيس الأمريكى ترامب خالف كل الأعراف الدبلوماسية والدولية بطلبه تهجير سكان غزة إلا أن الطرح فى حد ذاته من الرئيس يؤكد أن خطته بشأن غزة لن تتحقق لكن ستكون لها عواقب. فإذا كان ترامب يريد من وراء طرحها أن يقدم لليمين الإسرائيلى المتشدد شيئاً يسعدهم فقد نجح. لكنه خلق أيضاً حالة من عدم اليقين وضخ المزيد من عدم الاستقرار فى المنطقة الأكثر اضطراباً فى العالم. خطة ترامب للسيطرة وامتلاك غزة، وإعادة توطين سكانها فى دول أخرى، لن تتحقق لأسباب كثيرة فقد أدان الأعداء والحلفاء على حد سواء اقتراح ترامب، حيث وصفه زعماء العالم ومحللون بأنه قد يؤجج الصراع في المنطقة، ويثير نفور الحلفاء العرب وإذا تم تنفيذه، فإنه يرقى لمستوى التهجير القسرى للسكان المدنيين، وهو جريمة بموجب القانون الدولى. كما أن هناك عقبات كثيرة تقف أمام خطة ترامب للاستيلاء على غزة والتى تترافق مع مخططات ضخمة أخرى أعلنها ترامب، مثل ضم جرينلاند وجعل كندا ولاية أمريكية وستلقى كلها نفس المصير: أولها ارتباط الفلسطينيين العميق بأرضهم، فبعد وقف إطلاق النار فى غزة، عاد نصف مليون نازح للشمال.. ثانيها رفض الدول العربية والسلطة الفلسطينية التام للخطة مهما كانت المغريات. ولأن اقتراح ترامب الذى تراجع عنه ويتضمن إرسال قوات أمريكية إلى غزة سيكون ذلك بمثابة تراجع سريع عن الوعد الذى قطعه أثناء حملته الانتخابية بعدم توريط واشنطن فى حروب خارجية. حيث ستواجه أى قوات أمريكية تتواجد فى القطاع مقاومة شرسة من حركات المقاومة الفلسطينية تعيد للذاكرة الأمريكية ما حدث في أعقاب العمليات العسكرية الفاشلة فى أفغانستان والعراق وفيتنام. أغلب الظن أن ترامب يعتمد مخطط إثارة الخوف والرعب فى صفوف حلفائه وخصومه، وأنه يفعل ذلك لرفع سعر بضاعته على أمل الحصول على بضاعة أخرى ولكن بسعر أقل.. ويتردد أن مشروع التهجير سيجرى التخلى عنه، عندما تبدأ أولى خطوات التطبيع الإسرائيلى العربى -محور اهتمام ترامب - وبدل أن يكون مشروع حل الدولتين الذى تطالب به الدول العربية هو ثمن التطبيع، يصبح التخلى عن مشروع مفتعل هو الثمن المطلوب.