رسمت اللاءات التي أكد عليها الاجتماع السداسي في القاهرة مطلع هذا الأسبوع منهجا عربيا يعبر عن مبادئ التعامل مع القضية الفلسطينية وصولا إلى إقامة الدولتين دون منح الفرصة لأى مساعٍ لتهجير أصحاب الأرض، وهو ما يؤشر على أن التحركات ستأخذ طابعا جماعيا خلال الأيام المقبلة فى حال تصاعدت المطالب الأمريكية، فى الوقت الذى تعلو فيه قيمة وأهمية العلاقات القوية بين الدول العربية الكبيرة بالمنطقة وفى مقدمتها مصر مع الولاياتالمتحدة بما يساهم فى تفويت الفرصة على مساعى تحقيق الأهداف الصهيونية. ◄ لا حلول بمعزل عن أصحاب الأرض ◄ قنديل: قادرة على التعامل مع الضغوط الأمريكية الحالية ◄ لا للاستيطان.. لا لطرد أو ضمّ الأرض.. لا للتهجير ◄ عبير: ترامب عنصر جديد فى معادلة التصفية ■ الاجتماع السداسي العربي وشدد وزراء خارجية مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والأردن وفلسطين على رفض المساس بحقوق الفلسطينيين من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضمّ الأرض، أو من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأى صورة من الصور أو تحت أى ظروف ومبررات، كما أكدوا على الرفض التام لأى محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولى مهامها فى قطاع غزة باعتباره جزءا من الأرض الفلسطينيةالمحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولى بمعالجة الكارثة الإنسانية التى تعرض لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي، وكذلك الرفض القاطع لأية محاولات لتجاوز أو تحجيم وكالة غوث وتشغيل لاجئى فلسطين «الأونروا» والتأكيد على دورها المحوري التى لا يمكن الاستغناء عنه وغير القابل للاستبدال. ■ دونالد ترامب ◄ إدارة ترامب وفى مقابل هذه اللاءات دعت الدول العربية إلى التطلع للعمل مع إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لتحقيق السلام العادل والشامل فى الشرق الأوسط، وفقاً لحل الدولتين، والعمل على إخلاء المنطقة من النزاعات، ودعت لأهمية استدامة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإزالة جميع العقبات أمام دخول كافة المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافى وإعادة التأهيل، وكذلك شدد الاجتماع أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار فى قطاع غزة، بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خاصةً فى ضوء ما أظهره الشعب الفلسطينى من صمود وتشبث كامل بأرضه، ونهاية الترحيب باعتزام مصر بالتعاون مع الأممالمتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك فى التوقيت الملائم، ومناشدة المجتمع الدولى والمانحين للإسهام فى هذا الجهد، وشارك فى الاجتماع وزراء خارجية مصر بدر عبد العاطي، والأردن أيمن الصفدي، والسعودية فيصل بن فرحان، وقطر محمد بن عبد الرحمن، والإمارات عبد الله بن زايد، كما حضر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فيما استبق وزير الخارجية المصرى الاجتماع العربي مباحثات ثنائية مع نظيره الأردني. ◄ ركيزة أساسية ويمكن القول بأن الموقف العربى المدعوم من جامعة الدول العربية يشكل ركيزة يجب أن تسير فى إطار كافة المساعى الدبلوماسية المستقبلية؛ لإثناء الإدارة الأمريكية الحالية عن الذهاب باتجاه تنفيذ خططها التي تقود لتصفية القضية الفلسطينية من جانب ولا تخدم المصالح الأمريكية فى المنطقة؛ بما سوف تسببه من أزمات جديدة تمضى فى طريق نشر الفوضى وليس تهدئة الأوضاع فى المنطقة، وفقا لمبدأ تصفير الأزمات التى تحدث عنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل وصوله إلى السلطة، وسيكون على الدول العربية أن تتحرك مجتمعة فى مسارات عديدة نحو حشد الموقف الدولى للالتزام بالقوانين والمواثيق التى تجرم عملية التهجير وتضمن حقوق الفلسطينيين على أراضيهم، بل فى المقابل السعى نحو تسليط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلى والتوجه سريعا نحو إعادة إعمار القطاع وفق خطة واضحة مدعومة من كافة الدول العربية بما يضمن بقاء أهالى غزة فى أماكنهم، وبما يساهم فى تخفيف حدة الأوضاع المأساوية التى يعانون منها مع تدمير القطاع. ◄ هدف قديم وقالت الباحثة في الشأن الفلسطيني، عبير ياسين، إن استهداف مصر والأردن بدأ منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر عبر حديث التهجير الذى صدر فى البداية عن شخصيات إسرائيلية متطرفة خلف الأبواب المغلقة، لكن سرعان ما أضحى حديثا علنيا من نفس هذه الوجوه المحسوبة على اليمين المتطرف وكان الحديث عن أن يتم تهجير غالبية أهالى القطاع إلى الخارج مع الإبقاء على أقلية تمكن الجيش الإسرائيلي من احتلال القطاع، وأن دفع المواطنين وتوجيههم جنوبا نحو الحدود المصرية كان أيضا ضمن الأهداف العسكرية للحرب، غير أن مصر تعاملت بحنكة مع هذا الخطاب وأفشلت المخطط الذى لم يتوقف طيلة فترة الحرب، مُضيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أضحى عاملا جديدا فى معادلة التهجير، بعد أن كان الحديث فى البداية عن خطاب إسرائيلى ينطق به المتطرفون والآن يعبر ذلك عن سياسة أمريكية قائمة على التوسع والسيطرة، ليس فقط بشأن إسرائيل ولكن أيضا عند الحديث عن قناة بنما وضم كندا، فى سياسة تتجاوز الأعراف الدولية، ما سيكون بحاجة لتعامل عربى على أعلى مستوى والاستفادة من المواقف الدولية التى ترفض عملية التهجير وتدشين تحالفات مع هذه الأنظمة على أن يكون ذلك من خلال الأطر المعرفية العربية بسبل التعامل مع الضغوطات الأمريكية ومواجهة الإدارة الحالية ودفعها نحو التراجع عن مواقفها الحالية. ◄ لاءات أساسية وشددت على أن لديها لاءات أساسية لن تتنازل عنها وهى تعبر عن مبادئ رئيسية فى مواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية، تتمثل فى لا للحرب ولا للتهجير ولا لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يعد جوهر الحوار، والتأكيد على أنه لا يوجد حل غير فلسطينى ولا يوجد أى حلول مصرية أو أردنية للقضية الفلسطينية بمعزل عن الفلسطينيين أنفسهم؛ وبالتالى فإن مواجهة ترامب ومطالبه ستكون بحاجة إلى آليات مختلفة لأننا الآن لا نواجه تصريحات يمين متطرف ولكن سياسات أمريكية تمارس الضغط، وهى مستفزة للرأى العام المصرى والأردنى والعربي، وذكرت أنه سيكون من المهم التمسك بالمواقف التى تنطلق من الالتزام بالقانون الدولى ورفض انتهاك السيادة المصرية أو الأردنية، والتأكيد على أنه مجرد إدخال مواطنين من دولة أخرى بالقوة أو عنوة يعد أمر خارج حدود السياسية ونقطة يتم من خلالها تجاوز خيار حل الدولتين، وهو ما يتطلب من الدول العربية إجراء ضغط موازٍ للذى يقوم به الرئيس الأمريكى نحو الوقف الكامل لإطلاق النار، ودعم صمود الفلسطينيين على أراضيهم وبذل كل الجهود العربية والإسلامية الممكنة للتنسيق مع الدول الغربية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني. وأكدت على أهمية انتظام دخول المساعدات وتوفير كافة سبل العيش لأهالى القطاع وتقديم كل ما يلزم لبقاء هذه المجتمعات على أرضها مع تدمير المباني، وإقامة مساكن مؤقتة لهم وتوفير بنية أساسية بنفس سبل التعامل مع المناطق التى تتعرض لزلازل مفاجئة، وتدشين بنايات مؤقتة يتواجد فيها الفلسطينيون لبعضة أعوام لحين بناء مساكن جديدة دائمة، مع ضرورة رفض أى نقاش حول طرح استقبال الفلسطينيين على الأراضى المصرية أو الأردنية باعتبارها قضية مرفوض النقاش حولها. ◄ أوراق الضغط العربية أكد الدكتور أحمد قنديل رئيس وحدة الدراسات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الدبلوماسية العربية تمتلك من الذكاء ما يمكنها التعامل مع الضغوط الأمريكية الحالية وهناك سوابق عدة استخدم فيها العرب أوراق الضغط بكفاءة؛ بما خدم عدم الوصول لنقطة تصفية القضية الفلسطينية والدفع المستمر نحو سياق حل الدلولتين، مشيرا إلى أن هناك كوادر دبلوماسية لديها القدرة على التعامل مع الأسلوب الذى يبدو غير دبلوماسى والتعامل مع محاولات فرض واقع غير قانونى وغير عادل، ويبرهن على أن هدفه الرئيسى استرضاء اللوبى اليهودى الذى قدم الدعم لفوزه فى الانتخابات الماضية، مشيرا إلى أن هناك قناعة أمريكية باستحالة أن يكون ذلك على حساب حلفاء الولاياتالمتحدة فى منطقة الشرق الأوسط، كما أن مصر والأردن لديهما معاهدات سلام مع إسرائيل سيكون نقضها مهددها للاستقرار فى المنطقة. وشدد على أن التعامل مع الدول العربية من منطلق الصفقات التى يجيدها الرئيس الأمريكى دون أن يراعى ذلك مصالح هذه الدول الوطنية لن يحقق المرجو منها، وأن مظاهرات المصريين أمام معبر رفح أكدت على ذلك، وأن الحل الوحيد الآن يتمثل فى أن يكون هناك موقف عربى موحد يقف خلف القضية الفلسطينية وثوابتها بمعنى حصول الشعب الفلسطينى على كامل حقوقه، وعدم الخضوع لأى ضغوطات قد يتبعها مزيد من الابتزاز السياسى والمطالب غير المعقولة.