ها هى أيام وأمسيات معرض القاهرة الدولى للكتاب الجميلة توشك على الانتهاء. منذ أن وطئته قدماى للمرة الأولى، صبيًا قادمًا من مدينتى شبين الكوم، أواخر السبعينيات، وإلى اليوم، لم تنقطع علاقتى به، أحرص على الذهاب إليه كل يوم ما وجدت إلى ذلك سبيلًا إلا أن أكون مريضًا أو خارج مصر، أرى فى المعرض مصر الحقيقية الجميلة بأهلها ومفكريها وأدبائها، وشعرائها وروائييها، مصر الحضارة والثقافة والتاريخ. كانت هناك ندوة مهمة عن رقمنة التراث الثقافى غير المادى عربيًا، شارك فيها كل من عبد العزيز المسلم مدير معهد الشارقة للتراث، وصالح زامل من العراق، ونزار شقرون من تونس سلطت الضوء على عدة نقاط أوجزها فيما يلى: أولًا كما اغتصبت إسرائيل الأرض، فهى تسعى لسرقة التراث الفلسطينى ونسبه لنفسها، ولأن اليهود قدِموا من كل الشتات، فقد جاءوا بتراث الدول التى هاجروا منها إلى فلسطينالمحتلة وادّعوه لأنفسهم، ثانيًا الغرب ينظر إلينا من المحيط إلى الخليج ككتلة واحدة، فثوابت بناء الشخصية العربية واحدة وإن اختلف اللباس، وبيننا كعرب «عيش وملح» يعنى أننا نتقاسم الأكل والطاولة.. الخطير فى الأمر هو أنه منذ أن بدأت اليونيسكو تسجيل التراث غير المادى فى 2003، حدث نوع من التكالب الذى تحول إلى نوع من الوجاهة العربية، وكل دولة تريد أن تزايد وتقول إن لديها عددًا أكبرعلى القائمة أكثر من غيرها، رغم هذا التسجيل لم يكن له انعكاس على الواقع الاجتماعى حتى الآن. الأخطر أنه وبدلًا من أن يكون التسجيل نوعًا من الحماية والوحدة للتراث العربى، وجدنًا للأسف دولًا عربية، تتنازع فيما بينها على ادعاء ملكية موروث ثقافى لا مادى، حدث ذلك للأسف فى بعض الملفات بين دول المغرب، وكان الأولى بالدول العربية ذات التراث الواحد أن تتقدم بملف مشترك، فالسيرة الهلالية التى سجلتها مصر منذ سنوات، ولم يكن هناك ما يمنع أن تسجل فى تونس، بل وفى الجزيرة العربية، دون أن ينتقص ذلك من مصر شيئًا. لم يكن غريبًا على إسرائيل التى اغتصبت الأرض، وتريد أن تهجر البشر وتنزعهم من جذورهم، أن تسرق تاريخهم وتراثهم وتنسبه بكل وقاحة لنفسها، العيب ليس عليها ولكن على مَن بارك وشجع .