لماذا المحلة كبيرة، سؤال يحتمه الاسم مسبوقا بالكبيرة، لأنها موطن صناعة الغزل والنسيج فى مصر، الكبيرة، كبيرة صناعة الغزل والنسيج، مصنفة عالميًا، تضارع جلاسجو، ويوركشير فى إنجلترا وتتفوق عليها. عدت من شركة غزل المحلة الكبرى مسرورا، يوم من عمرى قضيته ما بين عمال مصنعى (1 و4)، استشعرت «عودة الروح» فى العنابر، ضجيج الماكينات لحن فى أذنى، وجوه العمال مستبشرة، والإنتاج ما شاء الله يضارع مثيله العالمى، والتصدير من المصنع إلى الميناء مباشرة، وعلامته «صنع فى مصر»، وترجمته «صنع فى المحلة الكبرى». زرت مصانع شركة غزل المحلة الكبرى كثيرا، وعلى فترات، وشهدت فيها فصولًا ليست سعيدة، ولكن هذه الزيارة جد مختلفة، زيارة تشرح القلب. الصرح الذى أسسه طلعت حرب (أبو الاقتصاد الوطنى) فى مايو 1927، يستعيد روحه المفقودة، العنابر نورت بعد إظلام، الإنتاج على ورديات لا يتوقف ثانية، ومضبوط على الشعرة، خيوط ناعمة بمواصفة عالمية تنساب من الماكينات كخيوط الأمل. مصنع (واحد) وحده حكاية، مصنف أكبر مصنع فى العالم، نحو 183 ألف مردن (مثل النول) تحت سقف واحد على مساحة 62 ألف متر وبطاقة إنتاجية مستهدفة نحو 30 طن غزل يوميا، وتوقعات تصديرية تناهز المليارى دولار سنويا. ونظيره مصنع (أربعة) نقلة نوعية فى إنتاج الغزول الرفيعة، كامل إنتاجه محجوز للتصدير لعام مقبل، نجح فى تحقيق 615 مليون جنيه صادرات خلال 10 أشهر مضت، تشمل 5 ملايين دولار خلال النصف الثانى من العام المالى الماضى. خطوة أولى موفقة من مرحلة أولى طموح من مشروع عمر المحلة الكبرى، نهضة صناعة الغزل والنسيج تتحقق، المشروع القومى الضخم على ثلاث مراحل، مخطط 60 مصنعا بهذا المستوى التكنولوجى العالمى على مستوى الجمهورية باستثمارات 46 مليار جنيه، للمحلة منها نصيب الأسد (46 فى المائة) من استثمارات المشروع القومى فى مصانع غزل المحلة. هنا فى مصانع شركة غزل المحلة الكبرى يغزلون الأمل فى خيوط كشعاع الشمس تنير وجه البشر، لم أر مثل هذا الحبور والسرور فى وجوه عمال شركة المحلة الكبرى، عمال مدربون، واعون لمهمتهم القومية، على قلب رجل واحد، يصلون صلاة شكر أمام الماكينات العملاقة، زد وبارك يا رب. لمن يفقهون فقه الأولويات، ويتحدثون عن معادلة البشر والحجر، هلا نزلتم المحلة الكبرى يوما تشحنوا بطاريات الأمل التى فرغت فى التنظير والتأطير على فضائيات الليل وآخره، ليل المحلة نهار ساطع، لا تتوقف الماكينات لحظة والورديات تقتات الأمل، المحلة تصدر الأمل. يقينا، ستحتفل مصر قريبا بمئوية المحلة الكبرى، ونتمناه احتفالا رئاسيا شعبيا فى «ميدان طلعت حرب» الرئيسى فى مدخل الشركة الأم، ويكرم الرئيس الاسم وصاحبه ذو أياد بيضاء على المحلة، هناك العمال يلقون على تمثاله تحية الصباح، عرفانا وامتنانا، لا يعرف لأهل الفضل إلا ذووه.