إطلاق الصين لتطبيق «ديب سيك» ينقل الصراع الصينى-الأمريكى لمستوى غير مسبوق لأنه يدور فى مضمار تنفرد أمريكا بالهيمنة عليه وتعتبره درة تاجها ومفتاح قوتها الذى يضمن استمرارية سيادتها على العالم.. فبالتكنولوچيا تسيطر أمريكا على الأنظمة المالية العالمية، وعلى التكنولوچيا يقوم تفوقها العسكرى، خاصة عبر الرقائق التى تدخل فى أغلب الأجهزة الحديثة من الهواتف لوحدات تحكم الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوى والرادارات وأنظمة السيارات الحديثة وغيرها. لهذا قيدت واشنطن لسنوات قدرة بكين على الحصول على رقائق الذكاء الاصطناعى المتطورة لعرقلتها عن تعزيز قدراتها، ليأتى «الديب سيك»، ليوجه لطمة للتفوق الأمريكى ليس فقط لأن إعداده استغرق شهرين فقط، ولكن لأن تكلفته لم تتجاوز 5.6 مليون دولار فى وقت تنفق فيه شركات التكنولوچيا الأمريكية مئات الملايين على نماذج الذكاء الاصطناعى الخاصة بها. والأدهى أنه رغم اعتماد التطبيق على شرائح قديمة ومحدودة القدرات، تفوق على أيقونة الذكاء الاصطناعى الأمريكى «شات جى بى تى»، وكل هذا يعكس تفوقا صينيا فى تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة، ويدلل على قدرة بكين على اختراق قيود واشنطن وهزيمتها فى عقر دارها بعد تصدر «ديب سيك» قائمة التطبيقات ً داخل أمريكا. اللطمة لم تضرب الكبرياء الأمريكى فقط ولكنها طالت الاقتصاد أيضا، حيث زلزل التطبيق الأرض تحت أقدام أكبر شركات التكنولوچيا الأمريكية وتسبب فى خسارتها تريليون دولار من إجمالى قيمتهم السوقية البالغة 17 تريليونا. بخلاف 100 مليار دولار أخرى خسرتها أسهمهم فى البورصة، وخسائر هجرة المشتركين للتطبيق الصينى المجانى، الذى من المتوقع أن يتبعه المزيد. اقتحام الصين هذا المعترك ينتزع من أمريكا تفوقها التكنولوچى ويحرمها مصدر قوتها وهذا يوازى فى تأثيره فقدان «شمشون الجبار» لقوته بعد قص شعره.