«بلفور العصر والدور على مين»، تحت هذا العنوان كتبت هنا قبل 5 أشهر عن تصريح دونالد ترامب المرشح وقتها للرئاسة الأمريكية، أن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب زيادتها، وأكدت أنه ليس مجرد وعد انتخابى كما وصفه البعض، واستشهدت بما فعله ترامب، ولم يجرؤ عليه كل سابقيه من اعترافه بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، والجولان السورية ضمن أراضيها، ووصفت ترامب أنه بلفور العصر. وبعد فوزه، ظننت أنه سينتظر لترتيب الداخل الأمريكي، والأمور العاجلة قبل تنفيذ وعده لإسرائيل، لكنه بدأ مبكراً جداً، وها هو تصريحه الأخير عن تهجير فلسطينيىغزة لمصر والأردن، متحدثاً بأريحية وكأنه يتحدث عن تحريك قطع شطرنج فى مباراة وهو يتنزه بشاطئ المسيسيبى أو خليج المكسيك، «خليج أمريكا كما يريده ترامب!»، وبالطبع لم تنطلِ حجج ترامب على المصريين والأردنيين شعباً وحكومة لتثور ثائرة الدولتين ضد كلامه الفارغ، من أى عقلانية أو كياسة، ويتوج هذا الموقف الشعبى والرسمى المشرف بيانان قويان للخارجية المصرية والأردنية، فى لطمة لصهاينة الإدارة الأمريكية الجديدة. موقف مصر والأردن ليس تخاذلاً عن القضية الفلسطينية، كما يروج بعض الحمقى والمرتزقة، بل أقوى دعم لها برفض تصفيتها وإخلاء الجو لإسرائيل لترتع وتلعب بأرض فلسطين، وبخصوص الحمقى يستوقفنى فى عز هذا الموقف الوطنى المشرف للجميع بعض غريبى الفكر والعقل والقلب، ممن يستدرجوننا لجدل لا وقت أو طائل منه، فليقولوا خيراً أو يصمتوا للأبد!! المشكلة ليست فقط فى صهيونية ترامب ورموز إدارته، ولا مواقفه المبالغة فى دعم الاحتلال الإسرائيلي، إنما فى ثقافة الأمريكان عامة، كما وصفها الأستاذ هيكل بمقال رائع، بأنهم شعب لا يعرف قيمة الأرض وارتباط أصحابها بها، فأمريكا - كما قال هيكل- تأسست وما زالت على شعوب مهاجرة إليها، وليس ذات أصول مرتبطة بالأرض، بينما يعتبر العرب الأرض شرفاً وعرضاً تهون دونهما دماء المصريين والأردنيين دفاعاً ضد أى دخيل، ودماء الغزاويين حتى لا يتركوها.. على ترامب أن يعيد حساباته، إذا كان كلامه بالونة اختبار فليفرغها ويرحمنا، ولو كان جاداً فبالتأكيد عرف التداعيات التى تنتظر وعده لإسرائيل!