لازالت مصر تحقق المزيد من النجاحات في المجالات المختلفة سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، ويتم كل ذلك برغم الظروف العالمية والإقليمية الصعبة التى دفعت بالمنطقة إلى حافة الهاوية، بداية من الحرب الروسية الأوكرانية، وقسوة التداعيات فى قطاع غزة، وهدير الأحداث فى سورية ولبنان، وفحيح الأوغاد فى ليبيا، وفيضان الدمار فى السودان والقرن الإفريقى، وسخونة ملفات البحرين الأحمر والمتوسط، ومن حق كل مواطن أن يفخر ببلاده التى استطاعت رغم كل الظروف الصعبة أن تواصل نضالها من أجل دعم الأشقاء فى غزة على مدار أكثر من عام كان مليئا بالتحديات المؤلمة والصعبة، ونجحت الإرادة المصرية ودبلوماسيتها العظيمة فى لعب دور محورى ومؤثر فى التوصل لاتفاق الهدنة فى قطاع غزة ووقف إطلاق النار ودخول المساعدات، بعد أن عانى أهالى القطاع كارثة إنسانية ستظل وحتى يوم القيامة، نقطة سوداء فى جبين البشرية، وجريمة لا تنسى ضد الإنسانية. واجهت مصر كل تلك الأزمات مجتمعة، بإدارة متميزة لكل القطاعات، وبتلاحم متجدد بين الشعب وقيادته، ورباط مقدس بين المصريين وجيشهم، ودعم كامل وثقة لا حدود لها فى حكومتهم، وقد كان ذلك هو القاعدة الأساسية التى جعلت مصر تواصل العمل فى ملفات أجندة التنمية المستدامة 2030، لأننا باختصار لا نملك رفاهية تأجيلها ولا فاتورة خسائر لأى تأخير فيها، هكذا أكدت وبالأرقام الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في الندوة الرائعة التى نظمتها الهيئة الوطنية للصحافة، وهنا يهمنى التأكيد على أنه لا يمكن أبدا أن يكون لدينا وزيرة بمثل تلك المواصفات المتميزة، فهى تفهم دقائق ملفاتها، وتجيد التحدث فى تفاصيلها، وتحظى بالقبول فى كلماتها، ولا نقوم بتكليفها بمخاطبة الناس باللغة التى تناسبهم، ليعرفوا حجم ما حققوه من إنجاز، ويفخروا ببلدهم الذى وقف على قدميه بثبات، فى وقت كانت تهتز فيه الأرض من تحت دول أخرى. ولا أجد أفضل من إعلان مشروع البكالوريا المصرية، كدليل على أن الحكومة لم تتوقف رغم كل الظروف، عن تنفيذ ملفات أجندة التنمية، وفى مقدمتها بالطبع التعليم والصحة، وأعتقد أن ذلك المشروع من أهم الأخبار السارة للمواطنين فى العام الجديد، وأتمنى أن يجد طريقه للتنفيذ بعد مناقشته واستكمال تفاصيله، فهو مشروع لطالما سعينا إليه منذ عشرات السنين، فقد استرجعت ما كتبه الدكتور طه حسين فى كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر»، ورؤيته التى طرحها عام 1938 من أجل نظام تعليمى يليق بمصر، وظللنا من وقتها نسعى إليه دونما أن نستقر على نظام يراعى ظروفنا ويجعلنا نلحق بالتقدم العلمى الأوروبى، كان طه حسين يفضل النموذج الأوروبى فى التعليم، ورافضا للتعليم الدينى، ويدعو إلى مراعاة كثافة الفصول وتطوير وضع المعلم وانتقاء المناهج المناسبة، وقد وجدت وبدون مبالغة، ومع مراعاة الفوارق، أن ذلك المشروع الذى وضعه خبراء محترفون فيه مقاربة للهدف المنشود، وفوق كل ذلك يحقق ما سبق ونادينا به بضرورة أن تكون هناك هوية وطنية للتعليم فى مصر، وبصفة خاصة للثانوية العامة، حيث تظهر لنا لوحة موزاييك بشعة متعددة اللغات والتقنيات والمناهج، وأعتقد أيضا أن المشروع له بعد مهم يتعلق بالأمن القومى والتنشئة الوطنية، وهو ما يظهر فى مواده الرئيسية «العربية والتاريخ والدين»، وذلك فى وقت تتضاءل فيه لغتنا، ويتم تشويه تاريخنا بغير الحق، ويواجه أبناؤنا موجات متتالية تؤثر فى القيم الدينية لهم، فضلا عن الدعوات للإلحاد والمثلية. لا يخلو أى قطاع من قطاعات التنمية من العمل والحركة، ولا يوجد مشروع فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية متوقف، ويتم استكمال كل المشروعات المدرجة فى تلك الخطة ومتابعة التنفيذ فى تقارير دورية دقيقة، وأعتقد أن مصر قادرة على تجاوز الصعاب، كما سبق وتجاوزنا قبل سنوات أزمات أخرى ضخمة وفترات عصيبة، وهو أمر يتطلب أن تظل إرادتنا متحدة ومتقدة ورشيدة، يكون شعارها العمل والأمل، وتنطلق على قاعدة الابتكار والبحث العلمى، من أجل أن ندوس على كل صعب، لتحقيق الهدف الكبير، وهو الأمان والحياة الأفضل لنا ولأولادنا وكل الأجيال القادمة. ودائما ودوما وأبدا .. تحيا مصر . ◄ بوكس كل لحظة وكل رجل شرطة من أهلنا وحبايبنا، بخير وسلام، كل لحظة وهو السند والأمان للبلد ولكل المصريين.