الغبى هو من يتوهم أنه الوكيل الحصرى للذكاء! يتصور الكيان الصهيونى، والداعمون لعدوانه، أن ما لم ينجحوا فى فرضه بالحديد والنار والدم، يمكن النفاذ إليه بالمكر والدهاء، ودس السم فى العسل، ولو كان أسود مرًا! الهدف الاستراتيجى للعدوان على غزة، غير المسبوق ليس فى تاريخ الحروب فحسب، وإنما عبر قراءة التاريخ الإنسانى برمته، لم يكن القضاء على حماس، أو ضمان أمن المستوطنين، أو حتى عدم تكرار ما حدث فى 7 أكتوبر، وإنما اغتنام اللحظة، وتفريغ غزة من أهلها، فى إطار مخطط إسرائيل الكبري. وفرض التهجير القسرى على أكثر من مليونى غزاوى!. فشل ذريع لحق بالمخطط، وكان لمصر دور تاريخى لا ينكره إلا جاحد، لكن الكيان الصهيونى ورغم توقيعه اتفاق ال 42 يومًا، لم يكف المسئولون هناك عن الحديث بشأن العودة للعدوان لتحقيق أهداف لم تتحقق، رغم كل هذا الدمار غير المسبوق، والدماء الطاهرة التى أريقت، والخسائر التى تكبدها أهل غزة، بينما الضمىر العالمى عاجز أمام آلة الحرب وداعميها!! محاولة جديدة للالتفاف، والاستذكاء، بطرح فكرة توفير أماكن فى عدد من الدول، يتم نقل أهالى غزة إليها، ريثما تنتهى عمليات إعادة الإعمار بعد أعوام أو عقود!! خبث مفضوح يحلل الفكرة المرفوضة من حيث المبدأ، دون الدخول فى أى تفاصيل. لا أظن أن ذاكرة العالم نسيت رفض القيادة السياسية كل الضغوط لتوفير ملاذات لأهل غزة فى سيناء حتى تنتهى عصابة نتنياهو من عدوانها، من فرط إنسانيتها، وحرصها على سلامة المدنيين! وكان الرد صارمًا: إن كان ولابد ففى صحراء النقب متسع. وأحسبه الرد المثالى فى مواجهة الطرح الخبيث، بالبحث عن دول ترحب باستقبال أهل غزة حتى تتم إعادة إعمارها، لأن من سوف يخرج بعد كل ما تحمله من قتل، وإبادة وتجويع، لن يعود أبدًا، فالكيان الصهيونى ومن وراءه لن يفوت فرصة تفريغ القطاع المناضل، ثم يوافق على عودة أهله، ومهما كانت الضمانات اللحظية التى سوف تقدم اليوم، ويتم التنكر لها غدًا، بل «لحس» أى تعهد قد بذل كالمعتاد! إذا كان الترانسفير أو الإبعاد الجماعى لم يتحقق قسرًا، فيجب ألا يتم السماح بإنجازه بالرضا المؤسس على الخبث والخديعة بعد الأثمان الباهظة التى بذلت بإفشال الهدف الحقيقى لعدوان استمر 16 شهرًا.. فى كلمة واحدة: الاقتراح المطروح بضاعة مغشوشة، فالفلسطينى لن يقبل نفيه اختيارًا.