لا حديث يعلو على غزة ووقف النار بها، وبعيداً عن أية تحليلات أو رؤى، يبقى الأهم أن الاتفاق أوقف أقذر حرب إبادة بالعصر الحديث، ليجف بحر الدم المنهمر لحوالى عام ونصف العام، وجرف معه أكثر من 50 ألف شهيد، مع تدمير كامل للقطاع المنكوب، ونثق أن الحياة ستعود أسرع مما يتخيل الكثيرون، مراهنين على حب شعب الجبارين بغزة للحياة، وفشل كل محاولات قتل الأمل والجلد داخلهم. الآن تستوقفنا تساؤلات عديدة، فى مقدمتها المشهد الذى حيرنى والكثيرين، لمسلحى حماس، وهم يطوفون القطاع، معبرين عن فرحتهم بالاتفاق، مؤكدين أنهم يحتفلون بالنصر!!، وبعيداً عن توقع أى نصر يتحدثون عنه، وأى احتفال يمكن أن يقام على أنقاض غزة الجريحة المنكوبة، لكننى أعتبر هذا المشهد رسالة دون أن أستطيع تفهم لمن، بكل تأكيد ليست موجهة لإسرائيل، فكلاهما يعلم التدمير الذى طال الحركة وقادتها وعتادها من جراء الحرب، فهل هى رسالة للسلطة الفلسطينية التى تتجه إليها الأنظار لتقود القطاع، أم للشعب الغزاوى الذى عانى الأمرين بسبب مغامرات حماس، وكأن الحركة تريد إسكات هؤلاء المقهورين، وهى تستعد للبحث عن دور فى إدارة القطاع!، وأرى المشهد سلبياً للموقف الفلسطيني، وترسيخاً لما تروج له تل أبيب، أنها تدافع عن أمنها ضد حماس المسلحة وخطرها المستمر، ولا أفضل من هذا المشهد تأكيداً للرواية الإسرائيلية!! والسؤال الثاني، هل حققت إسرائيل أهدافها من الحرب؟، وما هى حقيقة ما يردده سفاحو تل أبيب من تعهد نتنياهو بإعادة الحرب فور عودة اللاجئين؟، فهل هو مجرد كلام سياسى أم نية سوداء لقاتل محترف؟، لنصل للسؤال الأهم وهو وضع غزة بعد وقف الحرب، وإلى أين تتجه الأمور بها؟، وهو سؤال يحتاج مقالات مطولة لتوقع الإجابة عنه.. وبعيداً عن تلك التساؤلات، تؤكد الأحداث الأدوار المهمة لمصر، وفى مقدمتها على الإطلاق ما قامت به بذكاء وإصرار وجلد، منذ اندلاع الأزمة وحتى الآن، بإفشال المخطط الصهيونى بتهجير الفلسطينيين، ووأد القضية الفلسطينية للأبد، هو ما يجب أن يفخر به جميع العرب..