الآن ومن قبل وغداً اتضحت صورة أمريكا أمام العالم بعد أن تركت الآلة العسكرية الإسرائيلية تزهق الأرواح وتدمر كل شيء وتقتل الأطفال وهم فى سن البراءة ورضع أيضاً فتسيل دموعهم وتنزف جروحهم وتقتلهم بلا رحمة أو شيء ما من الإنسانية فى فلسطين ولبنان وسوريا. ولو عدنا لآراء بعض المفكرين والكتاب عن رؤاهم لأمريكا سنجد الكاتب الروسى مكسيم جوركى فى وصفه لأمريكا أن بها كل شيء يتمناه الإنسان إلا شيئا واحداً وهو الإحساس بالإنسانية. والأديب الأيرلندى أوسكار وايلد عندما دخل ميناء نيويورك سأله موظف الجمارك: هل معك ممنوعات؟ قال: نعم أحمل معى إنسانيتى. ونتذكر زعيم الثورة الفيتنامية «هو شى منه» حين قال: لا يوجد بيت مدمر أو حجر مبعثر أو يد مبتورة أو أم ثكلى إلا وستجد ليَد أمريكا أثراً فيه.. أما الآن فالإنسانية تم حرقها. أمريكا وإسرائيل زادتا من محنة الإنسانية بالقتل والحرق وإهدار ما بقى من مستشفيات لعلاج الجرحى أو إنقاذ الأهالى فى غزة وحصار للأحياء حتى يلحقوا بمن سبقوهم من الموتى وضياع أملاكهم واغتصاب أرضهم، ومَن تُرك فى العراء سيلقى مصيره من النهاية المحتومة سواء من مجاعة أو برد قارس. أمريكا تعانى اليوم من حرائق لوس أنجلوس وتتحرك أجهزتها لمقاومة هذه الحرائق واستقبال النازحين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتقدر التكلفة لإعادة الولاية مرة أخرى بمئات المليارات.. وبالعكس فى غزة تدعم إسرائيل بكل أنواع الأسلحة المحرمة بقتل وحرق وهدم كل شيء تصل إليه أيديهم حتى تحقق لها ولإسرائيل خريطة العالم الجديد فى الشرق الأوسط. هل ستقف دول العالم صامتة أمام هذا الغول الذى يملك كل مفاتيح الشيطان تقليديا وتكنولوجيا وليس فى قلبه أى لمحة إنسانية فهو يملك الظلم البيِّن أم سيكون للعالم الإنسانى شأن آخر؟ أيرلندا ضربت لنا مثلا رائعاً بغلق السفارة الإسرائيلية واستبدالها بمتحف لفلسطين توثق فيه ما حدث فى غزة وهل سيذوب قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانة إسرائيل و«نشرب ميته» ميتة وعذاباً للشعوب فى جميع الدول؟! سؤال إنسانى للإنسانية جمعاء.. أمريكا لا تعرف غير أمريكا وشعارها: لا تسألنى من أنا.