تشهد الدراما المصرية فى السنوات الأخيرة اتجاهًا متزايدًا نحو تحويل الأفلام الكلاسيكية الشهيرة إلى مسلسلات تليفزيونية، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بين مؤيدين يرونه خطوة إيجابية تعيد إحياء التراث الفنى، ومعارضين يعتبرونه افتقارًا للإبداع وابتعادًا عن الأصالة.. هذه الظاهرة أثارت تساؤلات حول مدى ضرورتها، ومدى قدرتها على معالجة الأعمال القديمة بأسلوب يتماشى مع العصر الحديث. فعلى مدار الأعوام الماضية قُدمت الكثير من المسلسلات المقتبسة عن أفلام مثل «الباطنية، الزوجة الثانية، لا تطفئ الشمس، وإمبراطورية ميم». وفى رمضان القادم، يُنتظر عرض مسلسل مستوحى من فيلم شباب امرأة (1956)، بطولة غادة عبدالرازق، وسيناريو محمد سليمان عبد المالك، وإخراج أحمد حسن وهو فيلم كلاسيكى شهير إنتاج 1956 وشارك فى مهرجان «كان» السينمائى بباريس فى نفس العام بطولة تحية كاريوكا وشكرى سرحان وشادية وعبد الوارث عسر تأليف واخراج صلاح أبو سيف.. حول تأثير هذه الظاهرة على مستقبل الدراما المصرية. اقرأ أيضًا | محمد رشاد: الحروب أثرت على مسيرة الناشر العربي اقتباس الرواية مسموح أوضح المخرج أحمد صقر أن فيلم «شباب امرأة» مقتبس فى الأساس من رواية تحمل نفس الاسم للكاتب أمين يوسف غراب، وأن الفيلم استعار خطًا واحدًا فقط من الرواية التى تحتوى على تفاصيل وأحداث كثيرة، وأضاف أن اقتباس الرواية إلى فيلم يعد أمرًا صحيحًا طالما أن الاقتباس يتماشى مع الرؤية السينمائية، والمشكلة تكمن فى تحويل الفيلم إلى مسلسل، إذ أن هذا التحويل يتطلب مجهودًا كبيرًا من السيناريست لتعديل الأحداث وإضافة صراع وتطور درامى يتناسب مع الحلقات، وفيما يخص حقوق الاقتباس، أكد صقر أن الموافقات يجب أن تأتى من أصحاب الرواية الأصلية أو من عائلاتهم، وليس من صناع الفيلم. أمر صحى من جانبه، أكد المخرج محمد النقلى أن تقديم كل جديد فى سبيل الوصول إلى جمهور أوسع هو أمر صحى، ولا يمثل مشكلة، وأوضح أن تحويل الأفلام إلى مسلسلات يتطلب تجديدًا فى تقديم الفكرة، وأشار إلى أنه حول أفلام مثل «الباطنية» و«سمارة» إلى مسلسلات تليفزيونية، وأنه يتم شراء حقوق النشر من المالكين الأصليين، وأكد أن تحويل الفيلم إلى مسلسل كما هو لن يقدم جديدًا، بل يجب أن يُضاف له فكر جديد بعد شراء حقوقه. يحد من الإبداع أما المؤلف مجدى صابر، فقد أشار إلى أن تجارب تحويل الأفلام السينمائية إلى مسلسلات لم تحقق نفس النجاح أو الشهرة التى حققتها الأفلام الأصلية، وأوضح أن المسلسل يبتعد عن الفيلم فى طريقة المعالجة، وفى بعض الحالات يبتعد عن الرواية الأصلية التى قد تم اقتباس الفيلم منها. وأكد أن هذا التحويل قد يحد من إبداع الكاتب ويجعله مقيدًا فى إطار محدد أثناء كتابة المسلسل. وبيّن أنه عادة لا يتحمس لهذه الفكرة، فحتى مع الحصول على حقوق النشر، فإن هذا النوع من التحويل يحد من حرية الإبداع. إضافة وجهة نظر من جهته، قال المخرج وائل إحسان إنه لا يمكن التحدث عن الظاهرة بشكل عام دون النظر إلى العمل نفسه. وأوضح أنه يمكن الاقتباس من فترة زمنية معينة وتقديمها بشكل مختلف، ولكن يجب أن يكون هناك تجديد ووجهة نظر جديدة فى العمل. وأكد أنه لا ينبغى تقديم الأعمال القديمة «كما هي» دون تجديد، بل يجب إعادة صياغتها بطريقة تناسب العصر الحالى. وأشار إلى أهمية دراسة الفروقات بين الزمن الذى كُتب فيه العمل الأصلى والزمن الحالى، مثل إضافة عناصر حديثة مثل الهواتف المحمولة فى المسلسلات التى تم اقتباسها من أفلام قديمة. فرصة للتجديد من جانبها، أكدت الناقدة الفنية ماجدة خير الله أن تحويل الأفلام إلى مسلسلات يعد ظاهرة عادية تحدث فى مختلف الأزمنة. وأضافت أن هناك جيلًا كبيرًا من الجمهور لم يشاهد الأعمال الأصلية، مما يتيح فرصة لتقديمها بشكل جديد. وأشارت إلى أن تقديم نفس الفكرة فى مسلسل يمتد عبر عدد من الحلقات يعطى مساحة أكبر للتفاصيل وتطوير الشخصيات. وأكدت أن المعيار الرئيسى هو جودة السيناريو وكيفية إضافة مداخل جديدة، بالإضافة إلى أهمية الإخراج فى نقل العصر والموضوع بشكل دقيق، مع الحفاظ على السياق الزمنى الصحيح إن كان يتطلب ذلك.