أتمنى تعميم التجربة فى كل حى وقرية ونجع فى ربوع بلدنا المحروسة علها تكون سببا فى كبح جماح التجار الجشعين. تحية تقدير لصاحب فكرة أو بالأدق إحياء فكرة أسواق اليوم الواحد التى أطلقتها وزارة التموين أخيرا بالتعاون مع المحليات باعتبارها خطوة إيجابية لتقليل حلقات تداول السلع بما يعنى خفض أسعارها كون المنتجات تأتى طازجة من «الغيط للبيت». تعميم التجربة لتكون فى جميع القرى والأحياء وتوفير ساحات لها عبر المحليات كفيل بتخفيف أعباء ارتفاع الأسعار وتشجيع صغار المزارعين على تسويق إنتاجهم فى أقرب مكان لمواقع الإنتاج. أسواق اليوم الواحد تعود بى لذاكرة «سوق التلات» الذى كان يعقد فى قريتنا التى كانت صغيرة فى ذلك الوقت -أسنيت كفر شكر قليوبية- كل يوم ثلاثاء وكان يعرض فيه جميع المنتجات الزراعية وغير الزراعية من إنتاج قريتنا والقرى والكفور والعزب المجاورة أى جميع احتياجات الأسرة لمدة أسبوع وبأقل الأسعار. أتذكر فى صغرى أننى كنت أرافق والدتى -رحمة الله عليها- فى رحلة التسوق الممتعة فى سوق التلات التى كنت أحلم بها طوال الأسبوع حيث نعدو خفافا ونعود محملين بسلع يصعب علينا حملها وقد نستعين بأولاد الحلال من أبناء قريتنا لمساعدتنا فى حملها والكل بيرزق.. وكنا إذا لم تسعفنا الظروف للحاق بسوق التلات نذهب للأسواق المماثلة فى القرى المجاورة حيث كانت كل قرية تختار يوما من أيام الأسبوع موعدا لسوقها. لم تكن سوق التلات مناسبة للتسوق فقط، بل كانت بمثابة نادٍ للسيدات أو نزهة لربات البيوت يلتقين من خلاله للتسامر وتبادل الأحاديث والأخبار فى وقت لم تكن قنوات التليفزيون والفضائيات مثل العدد فى الليمون.. ولعبت السوق دورا اجتماعيا مهما فى المجتمع الريفى المغلق وعقدت من خلالها زيجات وأقيمت الليالى الملاح وكانت مثل صندوق الأمنيات فكل شىء تطلبه ولم يكن متوافرا يكون الرد: انتظر لسوق التلات. أتذكر جيدا أحاديث والدتى مع زميلتها فى المرحلة اللابتدائية وصديقتها الخالة أمينة فى السوق حيث كانتا تستغرقان فى أحاديث طويلة قد تمتد لساعة أو أكثر ولا ينهى حديثهما الشيق سوى قدمىّ اللتين كادتا أن تتورما من الوقوف.. كانتا تتبادلان أخبار القرية برمتها.. وفى آخر اللقاء ينطقان فى صوت واحد: الحمد لله «مبنجبش فى سيرة حد» سامحنا يا رب. أتمنى تعميم التجربة فى كل حى وقرية ونجع فى ربوع بلدنا المحروسة علها تكون سببا فى كبح جماح التجار الجشعين بتقليل حلقات التداول وتشجيع أهل الريف على إنتاج السلع الغذائية والزراعية ليعود للقرية دورها التقليدى فى الإنتاج، بل وإمداد المدن القريبة باحتياجاتها. الريف بدون إنتاج ليس ريفا، ليتنا نعود لعصر الريف المنتج لاحتياجاته واحتياجات المراكز والمدن المجاورة وذلك هدف تسعى إليه الدولة بجهد لا ينكره أحد عبر مبادرة النهوض بالريف المصرى «حياة كريمة» وليس هناك ما يمنع من أن يكون تعميم أسواق اليوم الواحد مستهدفا لتلك المبادرة التى أطلق عليها لقب «مشروع القرن» وهى أيضا فرصة للبنك الزراعى عبر فروعه المنتشرة بمنح قروض صغيرة بشروط ميسرة لصغار المنتجين فى الريف.. وقد تكون تلك الأسواق منافسا قويا، ما يدفع مشروعات الإنتاج الكبير لتخفيض أسعارها، أو تدفعها للتركيز على أسواق التصدير وهى مصدر مهم لموارد النقد الأجنبى. نرفع القبعة لوزارتى التموين والتنمية المحلية حال نجاحهما فى إحياء فكرة أسواق اليوم الواحد وتعميمها. روح الفريق المحنة دائما ما يتبعها منحة، وكما نتفاعل مع السلبيات لابد أن نتذكر الإيجابيات.. هذه حقيقة أصبحت واضحة مثل الشمس وتجربة كورونا شاهد، حيث واجهتها الدولة عبر فرق عمل تضم جميع التخصصات فلم تعد لدينا جزر منعزلة، بل لدينا فرق اكتسبت خبرة كبيرة فى التعامل مع المشاكل الطارئة بشفافية وإفصاح لم نألفه من قبل. العمل بروح الفريق أسفر عن تقليل خسائر كورونا لأقل المعدلات.. وهدأت من روع حادث تصادم قطارى الشرقية بسرعة التعامل مع الوضع وإغاثة المصابين والتصرف بسرعة وإيجابية مع تعويضات الضحايا دونما تأخير أو تسويف.. وبلغ العمل بروح الفريق أشده مع ما أثير عن تلوث المياه فى قريتين بأسوان حيث بادرت الحكومة من أول لحظة بسرعة الانتقال لأرض الواقع لبحث المشكلة ميدانيًا من باب سرعة تحرى أسباب المشكلة ومعالجتها وقطع الشك باليقين أمام الشائعات التى يطلقها المغرضون لتأليب الرأى العام على الدولة ومؤسساتها. دائما وأبدا يظل التجاوب السريع مع الأزمات نصف الحل لأى مشكلة نواجهها، فلا مجتمع دون مشاكل، فالمشاكل لا شك وارد حدوثها لكن سرعة التفاعل معها وتحرى الحقيقة ومواجهتها بروح الفريق كفيل بعلاج المشكلة وقطع الطريق أمام محترفى الفتاوى من غير المختصين الذين يدلون باستنتاجات عواقبها وخيمة. لننتبه جميعا: من قال «الله أعلم» فقد أفتى. بالأحضان جدل واسع شهدته مواقع التواصل الاجتماعى حول قرار لمطار دنيدن النيوزيلندى بتحديد مدة الأحضان فى منطقة تنزيل الركاب بثلاثة دقائق فقط.. ورغم غرابة القرار لكننى تمنيت أن يطبق عندنا فى محطات مترو الأنفاق وفى الميادين بعد أن انتشرت حالات العناق الطويل وكأنهم كانوا فى رحلة سفر طويل أو غربة مزمنة.. لا تستغرب عندما تتقابل فتاتان فى محطة مترو تتعانقان طويلا ثم تعرف أنهما كانا مع بعضهما قبل ساعة أو ساعتين على الأكثر.. العناق الطويل دون داع ليس رجلا أو امرأة بل عادة بشرية أتمنى الخلاص منها أو على الأقل التقليل منها حتى إذا تطلب الأمر قرارا مثل قرار المطار النيوزيلندى فهذا ليس تقليلا أو بالأدق حظرا للمشاعر لكن حرصا على أن تكون المشاعر فى حدودها وليس مبالغا فيها لدرجة تربك ساحات الانتظار أو محطات المترو أو ردهات المطارات ومواقف السيارات. حسنا فعلت إدارة مترو الأنفاق عندنا بحصر مدة صلاحية التذاكر فى ساعتين علها تحل مشاكل ازدحام المحطات ونقلل ظاهرة «فى محطات المترو تحلى الحكاوى». لا تحاول لا تحاول إنقاذ علاقة سامة تقوم على الطمع وموقوتة بالمصلحة.. اقطعها فورا فالخسارة القريبة تعادل نصف الربح.لا تحاول إصلاح بيت كاد أن ينقض بل «اهدمه» قبل أن ينهار على رأسك ورءوس قاطنيه وقد يتسبب فى تعويق حركة المرور..لا تحاول التودد لشخص يكرهك فكلما تجاوزت تصرفاته ازداد صلفا.. لا تعامله بالمثل، بل اتركه لله الذى لا يغفل ولا ينام وهو بكل شىء عليم.