عندما نتقن الاختيار للمناصب المهمة والمؤثرة نربح جميعًا. أقول نتقن لأن الأمر فعلا يحتاج للإتقان، وليس لمجرد الفعل الروتينى المجرد. المثل الواضح أمامى الآن، والذى أتابع أداءه الواثق، النابع من رؤية وفهم لدور ورسالة الإعلام فى مجتمعنا هو «أحمد المسلمانى» رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، الذى تم تعيينه قبل أشهر قليلة بقرار من رئيس الجمهورية. الحقيقة أن القرارات التى اتخذها جريئة، والخطوات التى قطعها حاسمة هدفها تنفيذ رؤية واضحة لتطوير هذا القطاع الحيوى، المؤثر فى حياة مائة مليون مصرى. أول تلك القرارات كانت تطوير قناة الأخبار فى التلفزيون المصرى باعتبارها ثانى قناة للأخبار فى العالم العربى. تأسست عام 1998 أى منذ أكثر من ربع قرن ولم تطور نفسها. فماذا فعل المسلمانى؟ أصدر قرارا ببث القناة على الإذاعة من خلال تردد إف إم وتغيير شعارها وشاشتها وخريطة برامجها وتوسيع نطاق بثها. القرار الثانى الذى أحدث ضجة يتعلق بمنع استضافة المنجمين والعرّافات على شاشات التلفزيون، وذلك إيمانًا منه بأن تكريس مثل تلك الخرافات والتوقعات العشوائية لهؤلاء الذين اشتهروا وأثروا على حساب نشر الخرافة والدجل لابد أن نضع حدًا له. هؤلاء الذين استهانوا بعقول المشاهدين، وذكائهم، متجاهلين التفكير العلمى، مستعذبين أن يقع الناس فريسة لهذا الهراء. هؤلاء العرافات اللاتى يتاجرن بأحلام الناس، يخدرن مشاعرهم وحواسهم عن طريق حيل وألاعيب مكشوفة. القرار الثالث الذى أسعدنى جدا هو منع الإعلانات فى إذاعة القرآن الكريم. كم كانت تلك الإعلانات تحدث تشويشا على مشاعرى الروحانية وأنا أستمع إلى تلك الإذاعة العريقة خاصة فى شهر رمضان. تلك الإذاعة تبث برامج مهمة هادفة وعميقة، وتلاوات مختلفة بأصوات ملوك التلاوة من شيوخنا الأجلاء. كانت الإعلانات تخترق هذا كله. صحيح أنها كانت تحقق موارد مالية هائلة، وصحيح أن العامل الاقتصادى مهم لاستمرار أى وسيلة إعلامية، لكن ماذا لو توافر المال وذهبت القيمة والرسالة؟. تهنئة من الأعماق لأحمد المسلمانى الإعلامى المثقف، صاحب الرؤية والرسالة. وشكرًا لهذا الاختيار المحترم لقيادة موقع مهم عانى كثيرا من غياب الرؤية.