ربما يكون القصاص الأسرع لجريمتي قتل وشروع في قتل؛ حين لقي القاتل مصرعه بعد دقائق من ارتكاب جريمته تحت عجلات قطار الصعيد.. الوقائع شهدتها محافظة بني سويف بعدما أقدم عاطل على إنهاء حياة أرملة شقيقه ذبحا ولم يكتف بذلك بل شرع في قتل ابنها عندما حاول الدفاع عن أمه، لكنه لم يفلت من جريمته واقتصت عدالة السماء منه بعد دقائق معدودة أثناء محاولته الهرب؛ حيث دهسه قطار الصعيد تحت عجلاته الحديدية منهيًا حياته بأسرع شكل ممكن.. جريمة بشعة بكل المقابيس، أصبحت حديث أهالي بني سويف، لماذا قتلها؟!، وحاول قتل نجلها بهذه البشاعة والقسوة؟!.. تفاصيل مأساوية ومثيرة نسردها في السطور التالية. بدأت القصة من داخل بيت كبير، مكون من ثلاثة طوابق، بمركز ببا، التابع لمحافظة بني سويف؛ حيث تعيش سامية عبد التواب أو أم عبدالله كما ينادي عليها جيرانها، سيدة في منتصف الخمسينيات من العمر، لديها من الأبناء اثنين؛ عبدالله وعلي. توفى زوجها فقررت أن تتحمل المسئولية كاملة، وتكون أمًا وأبًا في نفس الوقت، حتى لا تحرم أولادها من شيء، فموت زوجها قطف زهرة جمالها، رفضت الزواج حتى لا تأتي بزوج أب لأولادها، قررت أن تعيش فقط من أجلهما، نجحت في ذلك عندما وجدتهما يتخرجان في الجامعة، وقتها أدركت أن الله عوضها عن شبابها في أولادها، فما أجمل الاستثمار في تربية ابنائك. عرفت سامية بالطيبة وحسن الخلق، لم يكن لها أي عداوات مع أحد، الكل يحبها ويحب حديثها، حياتها كانت هادئة مطمنة تخلو من المشاكل، لكن كانت هناك مشكلة واحدة تؤرق حياتها وهو شقيق زوجها الذي يدعى حسن، رجل على مشارف الخمسين من العمر، عاطل عن العمل؛ بعد وفاة شقيقه ادعى أنه كان مديونا له بالأموال، وكل فترة يذهب لسامية ليأخذ منها جزءًا من تلك الأموال، لم تكن سامية تعرف إذا كان صادقا في حديثه أم لا، ولكن قلبها يدلها أنه كاذب، لأن زوجها المتوفى لم يكن بحاجة للاقتراض من شقيقه، غير أنه لا يخفي عن زوجته شيئا طيلة حياته، وإذا كان هذا حدث بالتأكيد سيحكي لها، لكنها كانت مغلوبة على أمرها وتجنبا للمشاكل كانت تعطي حسن الأموال متى طلب، واستمر على هذا الحال فترة طويلة حتى قبل الواقعة بيومين ذهب إليها ليأخذ جزءًا من الأموال كعادته، لكنها في تلك المرة رفضت وحدثت مشادة بينهما، وخرج من البيت خائبًا، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، اللحظة التي كتبت نهاية كل شيء، لحظة دامية آثارها ستظل عالقة في ذهن كل من عاشها خاصة الابناء. اقرأ أيضا: «خنقات وطعن».. تفاصيل معاينة جريمة مصر الجديدة يوم الجريمة استيقظ حسن من نومه، وكعادته السيئة يبحث عمن يعطي له أموالا بأي طريقة قبل أن يلاحقه الناس الذي اقترض منهم مئات الجنيهات وضيعها في غمضة عين، فلم يجد أفضل من سامية يذهب إليها لكي تعطيه المال بزعم أن شقيقه مديون له قبل وفاته، لكن كيف وهي رفضت قبل يومين إعطائه الأموال، عصفت برأسه الأفكار السوداء، بدأت تتطاير من عينيه شرارات الحقد والغضب، سيطرت عليه مشاعر الانتقام، دخل مطبخه واستل سكينًا خبأه بين طيات ملابسه وذهب إلى منزل أرملة شقيقه وطلب منها المال الذي يريده، رفضت ساميه أن تعطيه جنيهًا واحدًا فتشاجر معها، ثم أخرج السكين من بين طيات ملابسه وهددها به وعندما وجد اصرارًا في عين أرملة شقيقه تملك منه شيطانه وذبحها، فخرج نجلها المهندس "علي" على صوت صراخ أمه، حاول الدفاع عنها فطعنه المتهم عدة طعنات ثم فر هاربًا وأثناء هروبه عبر شريط السكة الحديد فاصطدم به القطار فأنهى حياته في لحظتها. جريمة لم تستغرق سوى دقائق معدودة، لكن مشاهدها ستظل عالقة في الأذهان، دماء ملطخة على جدران حائط تشقق من هول ما رأى، مشهد جثة المتهم بعدما صدمه القطار مازالت محفوظة في ذهن كل من شاهدها. على الجانب الآخر، الأهالي حاولوا نقل الأم ونجلها للمستشفى في محاولة لإنقاذ حياتهما، لكن للأسف صعدت روح أم عبدالله للسماء، بينما الابن "علي" في حالة حرجة بين الحياة والموت، يرقد داخل العناية المركزة، تحيطه دعوات كل من حوله بالشفاء العاجل. خبر الواقعة انتشر كالنار في الهشيم داخل مركز ببا، الكل حزين على تلك السيدة، انتشرت الأخبار بأن القاتل بعدما نفذ جريمته انتحر، لكن شهود العيان أكدوا أنه لم ينتحر وإنما أثناء هروبه صدمه القطار، وأي أن كان المتهم مات أثناء هروبه أو انتحر فالحقيقة أنه مات بعدما قتل روحًا بريئة، وترك آخر يصارع الموت، أما هو فمات وسره معه. بلاغ تلقى اللواء أسامة جمعة مدير أمن بني سويف، إخطارًا من مأمور قسم شرطة ببا يفيد بورود بلاغ من مستشفى ببا المركزي بوصول جثة سيدة، وبها جرح قطعي في الرقبة إلى المستشفى، وادعاء قتلها على يد شقيق زوجها، فيما أصيب نجلها شاب يدعى علي رشوان، مهندس، بطعنة في البطن، وجرى نقله إلى المستشفى. وجه مدير أمن بني سويف، بسرعة تشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الحادث وضبط الجاني، فيما تبين من المعاينة الأولية أن المتهم لقى مصرعه أمام أحد القطارات. حالة من الحزن سيطرت على أهالي مركز ببا، لوفاة تلك السيدة التي قتلت غدرًا بلا أي ذنب، وودعها الجميع في مشهل جنائزي مهيب حضره أهالي القرية بالكامل، والكل الآن لا يتمنى سوى الشفاء لابنها "علي" الذي يرقد بين الحياة والموت داخل العناية المركزة وأن يصبره هو وشقيقه على فراق الأم.