تظل الكبيرة «فاطمة المعدول» حالة استثنائية فى الثقافة المصرية، عنوان من عناوين الإخلاص فى حب وطن عظيم اسمه مصر. احتفاء معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته ال(56)، المنعقدة فى الفترة من (23 يناير إلى 5 فبراير 2025)، باسم فاطمة المعدول، واختيارها شخصية معرض الطفل، ينسحب عليه القول المأثور، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، وكل منتمٍ للوسط الثقافى يعرف فضل الأستاذة فاطمة، وإبداعاتها المميزة فى أدب الأطفال، وهو تخصص يجتذب مبدعين ذوى الخيال الذى يجيب عن خيالات طفولية مفعمة بالبراءة والحيوية. تكريم الكبيرة مستحق، كلمة طيبة فى حقها، طبطبة على كتفها، يرطب آلامها، ويشد من أزرها فى محنتها المرضية، يهمس فى أذنها، معلوم القلب يسأل قبل اللسان أحيانا، وكأن طيور الثقافة وشدو بلابلها تقول للكبيرة «حمد الله على السلامة». ثقافيا، بطاقة الاختيار تحمل حيثيات التكريم، وإصداراتها التى تزيد على المائة فى أدب الأطفال، ومناصبها فى وزارة الثقافة تؤشر على مثقفة مصرية من الوزن الثقيل، وفى تخصص أدبى نادر، ندرة مَن يكتبون للأطفال بهذه السلاسة والعمق. كثير من كتاباتها تحولت لأعمال مسرحية مفرحة، توافرت على إخراج بعض منها، «سندريلا، الأميرة النائمة، حكاية وردة، الجندى السهران»، ما يلبى حاجات الأطفال (سيما ذوى الهمم) ثقافيا. ولمَن لا يعرف قدرها ثقافيا، الأستاذة فاطمة أول امرأة مدير عام لثقافة الطفل، وأول امرأة رئيسا للبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية. إنسانيا، الكبيرة قلبها كبير، فى حجراته الواسعة يتربع المبدعون، لكل فى قلب فاطمة مكان، الأستاذة فاطمة من صنف نادر من البشر يحب الحب فى أهله، ويكره الكره فى أهله، قلبها أبيض زى الحليب، واللى فى قلبها على لسانها، تفرد كفيها كل شروق بالحب حبا تلتقطه عصافير السماء الملونة. وعزيمتها فولاذية، وياما دقت على الرؤوس طبول، ورأس فاطمة منحوت من حجر جرانيت، دماغها ناشفة فى الحق والمستحق، ولا توالس ولا تخاتل، ولا تكتم شهادة، ما جر عليها متاعب لكنها لا تأبه، وكم عانت ولكنها لا تعانى، بل تقف على طبقات المعاناة فوق بعضها تعانق السماء، وتدعو ربها من قلبها، فيعفو عنها ويشفيها، وتسترد عافيتها، ونسمع صوتها مستبشرا دوما. لا ترد سائلا، مفطورة على الكرم، من عائلة كريمة، شبعانة على طبلية أبيها، كبيرة أسرة كبيرة، وعميدة أسرة ثقافية تتمدد فى البراح. اسمها من جنسها، ولكل إنسان من اسمه نصيب، فاطمة على اسم الكمل من النساء «فاطمة الزهراء»، رضى الله عنها، ومستقيمة معدولة على الطريق لا تنحرف ولا تنجرف عن جادة طريق اختطته لنفسها ومشت عليه طويلا، مشيناها خطى ومن كتبت عليه خطى مشاها، نتشوق لخطوها مكرمة فى معرض الكتاب، ستنير المعرض بحضورها بعد طول غياب.