محمد رياض جاء انتخاب قائد الجيش اللبنانى العميد جوزيف عون رئيسًا للبلاد، ليكتب فصلًا جديدًا فى تاريخ الدولة اللبنانية، التى استمرَّت لأكثر من 800 يوم، دون قيادة سياسية للدولة. وينتظر عون، الذى يعد خامس قائد جيش سابق يتولى رئاسة لبنان، تحديات عديدة للخروج بالبلاد من عدة أزمات، حيث يتعين عليه هو والحكومة التى سيشكلها إعادة الإعمار بعد الحرب والمضى فى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذى يشمل أيضًا الالتزام بالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولى عام 2006، ونزع سلاح المجموعات المسلحة. اقرأ أيضًا | استنفار أمنى فى أمريكا بعد حادثى «رأس السنة» وتقول صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن التصويت لعون دعمه الاتفاق بين زعماء الطوائف المختلفة، وتوافق المجتمع الدولى. كما أن عون ينتمى لمؤسسة يُنظر إليها بأنها جامعة ووطنية، مترفعة عن الانقسامات السياسية، ولا تشوبها اتهامات فساد. ويرى بعض المراقبين أن نجاح لبنان فى انتخاب رئيس للبلاد يمثل انتصارا لمفهوم الدولة على نفوذ «الدويلة» والأحزاب التى عطلت المسار السياسى للدولة فى إشارة إلى النفوذ والهيمنة التى كان يمارسها حزب الله. وكان حزب الله هو المعطل الرئيسى لانتخاب رئيس للبلاد على مدار عامين، بعد أن مارسَ هيمنة سياسية وعسكرية كبيرة على الداخل اللبنانى قبل أن يضعف بشكل كبير بعد دخوله فى حرب مع إسرائيل. ويُجمع كثير من المراقبين على أن الخطوة الأولى للساكن الجديد لقصر بعبدا تتمثل فى اختيار حكومة إصلاحية توافقية موثوقة، مدعومة من الداخل اللبنانى والرعاة الإقليميين والدوليين. ووفقاً ل«القاهرة الإخبارية» عن مصادر لبنانية، سيدعو عون لاستشارات نيابية الأسبوع المقبل لاختيار رئيس للحكومة. وهذه الحكومة يمكنها البدء فى مسار شامل لتنفيذ بنود الدستور، خصوصًا فيما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، ثم بعدها إطلاق عجلة الاقتصاد وفتح باب الاستثمارات التى تتطلب بيئة آمنة ومستقرة من الناحيتين الأمنية والتشريعية، إلى جانب قوانين شفافة. وتقول صحيفة «فورين افيرز» إن رئيس الجمهورية الجديد يحتاج إلى تناغم مع رئيس الحكومة، حيث يمكنهما معاً تشكيل حكومة إصلاحية ذات مهمة محددة، خصوصًا أن عمر هذه الحكومة سيكون قصيرا نسبيا، لا يتجاوز سنة وشهرين، حيث ستبقى حتى ربيع 2026. ويجب أن تترك هذه الحكومة أثرًا إيجابيًا واضحًا، سواء من خلال إعادة هيكلة القطاع المصرفى أو الإصلاح الاقتصادى العام. فهناك العديد من الأزمات الاقتصادية، أبرزها أزمة الودائع التى تتجاوز 80 مليار دولار، وأزمة إعادة الإعمار التى تحتاج إلى حوالى 10 مليارات دولار. بالإضافة إلى تحديث البنية التحتية المتهالكة، بما فى ذلك قطاع الكهرباء، وإجراء إصلاحات إدارية وضريبية، وتنفيذ مجموعة من البرامج الاقتصادية التحفيزية التى تشجع على تدفق الاستثمارات وعودة السياحة، وكل ذلك يعتمد على تحقيق استقرار أمنى يشجع على عودة التدفقات المالية من الخارج.