شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا فى نسب الطلاق، خاصة فى أول سنة من الزواج، وهو ما بات يُثير قلق المجتمع والأسرة، هذه الظاهرة أصبحت تتصدر النقاشات فى المجتمعات العربية والغربية على حد سواء، تطرح تساؤلات حول الأسباب والدوافع التى تقود الشريكين إلى إنهاء العلاقة الزوجية فى وقت مبكر، رغم التوقعات بأن تكون هذه المرحلة هى الأكثر استقرارًا وسعادة.. يعانى الكثير من الأزواج الجدد من غياب الفهم الحقيقى لمعنى الزواج ومتطلباته، وغالبًا ما يُنظر إلى الزواج كخطوة رومانسية فقط، دون إدراك التحديات والمسؤوليات المرتبطة به، ففى بعض الأحيان يكون قرار الزواج متسرعًا، نتيجة ضغوط اجتماعية أو رغبة فى تحقيق الاستقلال الشخصي، دون التحقق من توافق الشريكين على المستويات الفكرية والعاطفية. وبالتواصل مع بعض الحالات التى مرت بتجربة العام الأول من الزواج قالت « مى سيد» إن أول سنة كانت من السنوات الصعبة بالنسبة لها وإنها مختلفة تماما عن فترة الخطوبة وفترة التعارف لأن بعدها تظهر الطباع التى حاول كل شخص اخفاءها عن الآخر، ولكنها لم تفكر فى الانفصال لأنها كانت على علم أن أول 7 سنوات هى الأصعب فى الحياة الزوجية كما حددها أطباء علم النفس، بالإضافة إلى السبب الأهم لعدم الانفصال هو وجود أطفال فهو سبب أهم لتخطى المشاكل فكانت دائما تفكر فى مصلحة الأطفال والعيش فى جو عائلى هادئ مع أب وأم أفضل بكثير عن الانفصال والتشتت بينهما، وكانت المشاكل الأكبر لها هى اختلاف الطباع ليس أكثر ومع الوقت والمشاورات بينهما استطاعت تخطيها واستكمال حياتها الزوجية. اقرأ أيضًا| بيبسيكو مصر تتعاون مع بنك الكساء المصري فى حملة "دواليب الدفا" أما عن الحالة الثانية وهى «نادين محمد» والتى كانت مختلفة عن المتوقع حيث قالت إن أول سنة زواج كانت أحلى سنة فى حياتها الزوجية ولم تمر بها بمشاكل اطلاقاً، وهذا يرجع لوعيها هى وزوجها بهذه المشكلة وأن اول سنة هى الأصعب، وكانا طول الوقت يحرصان على عدم إثارة المشاكل بينهما وتخطى أى سوء فهم يحدث لأى شخصين يعيشان مع بعضهما لأول مرة، ولكنها أيضاً لم تقابل مشكلة اختلاف الطباع أو اكتشاف طباع أخرى لم تظهر فى فترة التعارف والخطوبة، لأنهما بالفعل كانا يتعاملان على طبيعتهما ولم يتجمل أحد على الآخر ولهذا تم الزواج وتخطا «بعبع» أول سنة، ولكن الغريب هو ظهور المشاكل بعد ذلك فى السنة الثانية ومع بداية حملها، وهنا أيقنا أن المسئولية الجديدة هى السبب ووجود طفل فى علم الغيب هو السر وراء التغيير أو الفتور الوقتى الذى حدث بينهما مع الحياة الروتينية والأزمات الاقتصادية التى تؤثر على كل بيت كان لها دور أيضاً ولكنهما وصلا إلى نهاية المطاف بأن حبهما وبيتهما هما الأولى للحفاظ عليه ومواجهة أى مشاكل. ورداً على هذه الحالات قال د. وليد هندى استشارى علم النفس والاجتماع إن من أولى أسباب الطلاق المبكر هو تخوف بعض العائلات من عنوسة الفتيات، حيث إن وصول البنت إلى عمر ال 27 يعتبرونها «عانس» وفى هذه اللحظة يتم قبول أول عريس يتقدم لخطبتها دون النظر لمدى التوافق العمرى والاجتماعى والنفسي، وهذا يقع تحت خط سوء الاختيار الذى يؤدى إلى المشاكل الزوجية ومنها إلى الانفصال، بالإضافة إلى عدم الاستعداد النفسى عند الإقبال على الزواج والتى تبدأ من التربية والنشأة للولد والفتاة وتعليمهما تحمل المسئولية حتى لا يصطدما بالواقع بعد ذلك وخاصة مع اختلاف طباع الطرفين فلابد من تهيئتهما لتقبل الآخر وفهم سلوكيات جديدة على كل منهما، كما أن هناك مشكلة أكبر وهى تدخل الأمهات من الطرفين فى حياة أبنائهن وكأنهم لا يستوعبن أن أصبح لهم حياة هم أحرار بها ويأخذون قراراتهم بمفردهم فى كل كبيرة وصغيرة، مما يؤدى إلى زيادة المشاكل فى أول عام من الزواج وهنا يحدث الطلاق المبكر مع عدم فهم أبعاده على الطرفين. ومن جانبها قالت د. «سمر كشك» إخصائى الصحة النفسية والإرشاد الأسري، إن من أهم أسباب الطلاق المبكر فى أول عام من الزواج هو وجود البدائل والانفتاح الزائد عن اللازم مع وجود السوشيال ميديا التى باتت تصور للمتابعين أنهم يعيشون حياة مثالية خالية من المشاكل. وجود البدائل للزوجات والأزواج أو سهولة الطلاق وهدم بيت الزوجية جعل الاستمرار أصعب من السنوات الماضية، مع وجود السوشيال ميديا جعلت الزوجين غير راضين عن حياتهم التى يعيشونها فلابد من غض البصر عن حياة الغير والرضاء بما قسمه الله لهم حتى يهنأوا بحياة سعيدة، لأن الحياة الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعى ليست لها أساس من الواقع وبها الكثير من المشاكل أيضا ولكن لم يعلنوا عنها، مضيفة أن سوء الاختيار من البداية وعدم تدخل الأهل الكبار فى تحديد معايير الزيجة من الطرفين يجعل الطريق إلى الانفصال المبكر أقرب لهم، بالإضافة إلى عدم تعريف الزواج ومسئولياته وما لهم وما عليهم لهم قبل الاقبال عليه وتسهيل كلمة الطلاق وكأنها تجربة «لو مرتاحتش طلقها». وأشارت الإخصائية النفسية أن كلمة الطلاق أصبحت سهلة على الرجال والسيدات فى الوقت الحالى بالنسبة للزواج قديما فكانت الحياة مغلقة وعدم وجود الانفتاح كان هو سر نجاح الحياة الأسرية والنية فى الاستمرار هو العامل الرئيسى للزواج، ولكن التعدد فى الاختيارات سهل حركة الزواج والطلاق، بالإضافة إلى تدخل الأمهات بين الأزواج فى قراراتهم ومشاكلهم. وعن طرق التوعية للشباب قبل الزواج لابد من توصيل فكرة أن الزواج شركة يأسسها الطرفان فلابد من تحمل الخسارة قبل المكسب حتى تسير الحياة بشكل سليم، ومعرفة أن هناك اختلافاً فى التربية والطباع بين الطرفين ولابد من تقبلها وكيفية التعامل معها حتى يصلوا إلى مرحلة التأقلم والتطبع بطباع بعضهم البعض. وعن ظهور المشاكل الزوجية بعد أول عام من الزواج تقول د. سمر «يحدث هذا نتيجة انتهاء الزهوة الأولى للزواج، وللحفاظ على هذه الزهوة لابد من تبادل شعور البقاء على الآخر بين الطرفين، ولاستمرارها يجب على كل زوجين التغيير فى نمط الحياة اليومية والتجديد فيها والعيش فى فترة الخطوبة وعدم الاستسلام إلى الروتين اليومى للحياة الزوجية ومعرفة المسئوليات مسبقا قبل الدخول فيها مثل الأطفال أو العمل وغيرها. ففكرة التجديد الفكرى غير موجودة عند الشباب فهم يقولون ما فعله أهلهم من قبل. وعن الإحصائيات الأخيرة لنسب حالات الطلاق بين الشباب فى عام 2024 ووفقاً لآخر إحصائية أصدرها جهاز التعبئة العامة والإحصاء تمثل المدة من 5 إلى أقل من 10 سنوات هى أعلى نسبة طلاق وفقا لمدة الحياة الزوجية والتى بلغت 20 ٪ من إجمالى حالات الطلاق عام 2023، كما تشير البيانات أيضاً إلى ارتفاع نسبة حالات الطلاق خلال الثلاثة أعوام الأولى من الزواج والتى بلغت 28٪ تقريباً من إجمالى حالات الطلاق، وتشير أيضاً إلى أنه مع بلوغ مدة الحياة الزوجية 15 سنة فأكثر تقل حالات الطلاق.