أسعار البنزين الجديدة تتصدر التريند.. وترقب بمحطات البنزين    الحفني: تعزيز السلامة الجوية أولوية تستهدف التشغيل الآمن وفق متطلبات الإيكاو    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    القبض على المتهمين بارتداء ملابس فاضحة وارتكاب أفعال خادشة للحياء    «سينما من أجل الإنسانية» تتجسد في انطلاق الدورة 8 من مهرجان الجونة    وزير الثقافة يفتتح فعاليات الدورة ال33 لمهرجان الموسيقى العربية    نتنياهو يبحث مع ترامب تطورات ملف جثامين الأسرى الإسرائيليين بغزة    رويترز: الجيش الأمريكي ينفذ ضربة جديدة في منطقة الكاريبي ضد سفينة يشتبه بأنها تحمل مخدرات    بعد إعلان حماس .. نتنياهو: إسرائيل ستعرف كيف تتصرف    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الجيزة لانتخابات مجلس النواب 2025    محافظ أسوان يقرر تعديل تعريفة الأجرة للمواصلات الداخلية والخارجية    مساعد الرئيس الروسي: بوتين يؤيد فكرة ترامب بعقد قمة روسية أمريكية فى بودابست    اتهام مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ب 18 تهمة بينها الاحتفاظ بوثائق بشكل غير قانوني    سعر الدولار اليوم الجمعة 17102025 بمحافظة الشرقية    فاروق جعفر يتغزل في نجم الزمالك.. ويؤكد: «قدراته الفنية كبيرة»    ستاد المحور: الكوكي يدرس الدفع ب صلاح محسن في التشكيل الأساسي أمام الاتحاد الليبي وموقف الشامي    سعر اليورو أمام الجنيه المصري في تعاملات الجمعة 17 أكتوبر 2025    طقس حار نهارًا وشبورة صباحية خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس الجمعة 17 أكتوبر 2025    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 فى الشرقية    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    «زي النهارده».. وفاة الفنان والملحن منير مراد 17 أكتوبر 1981    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    حبس متهم بقتل شقيقه فى قنا    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز خلال اقتحام بلدة بيت ريما قضاء رام الله    إبراهيم محمد حكما لمباراة الإسماعيلى والحرس ومحجوب للجونة والبنك    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    حمزة نمرة ل معكم: وفاة والدتى وأنا طفل أورثتنى القلق وجعلتنى أعبّر بالفن بدل الكلام    هشام عنانى: حزب المستقلين الجدد يخوض انتخابات النواب على مقاعد فردية    جوتيريش يدعو للعودة إلى النظام الدستورى وسيادة القانون فى مدغشقر    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    نجم الأهلي السابق يطلب من الجماهير دعم بيراميدز في السوبر الإفريقي    يونس المنقاري: بيراميدز فريق جيد.. سعيد ب أداء الشيبي والكرتي.. ومواجهة السوبر الإفريقي صعبة    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    ترامب يهدد بتحرك أمريكي ضد حماس حال خرق اتفاق غزة    4 أبراج «مبيخافوش من المواجهة».. صرحاء يفضلون التعامل مع المشكلات ويقدّرون الشفافية    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    مصطفى شلبي يتنازل عن 50%؜ من مستحقاته لنادي الزمالك    استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    قائد منتخب قطر يتبرع ببناء مدرسة وقاعة رياضية بغزة    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوى هوايا!.. حدائق القاهرة تستعيد روائح الزمن الجميل

ارتبطت حدائق القاهرة على مدار تاريخها بالسينما، والأغاني القديمة، احتضنت «الأندلس» صوت فيروز، وهى تشدو «مصر عادت شمسك الذهبي» وكانت وش السعد على العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وهو يغرد أغنيته الأولى «صافينى مرة»، ليعود إليها مرة أخرى بصحبة شادية فى دويتو «حاجة غريبة»، لكنه فى «موعد غرام» فضل «الأسماك» ليقابل فاتن حمامة وهو يغنى لها «صدفة»، وفى الأسماك أيضا بدأت قصة حب فاتن وأحمد رمزى فى فيلم «القلب له أحكام»، كما كانت «الميرلاند» هدفاً للمخرجين لتصوير مشاهد الغرام.
وبعيداً عن السينما والدراما كانت حدائق القاهرة -وما تزال-مكانا للفسحة، وطلبا للراحة، ومأوى للعشاق، وحاضنات لقصص الحب الوليدة، وسجلاً حافلاً بالذكريات لثنائيات جمع بينهما النصيب أو فرقت بينهما الأقدار.
عانت هذه الحدائق من الإهمال لفترة طويلة، لكنها فى ظل الجمهورية الجديدة ارتدت جمالها مرة أخرى بعد التطوير، لتفتح أبوابها لكل الباحثين عن الهدوء والرومانسية فى عالم صاخب تلتهمه التكنولوجيا.
◄ «الأسماك».. موعد غرام مع أم كلثوم
في قلب القاهرة، تلك المدينة التي لا تنام، تعود حدائقها الشهيرة لتستعيد مكانتها كعروسٍ مزينة بعد سنواتٍ طويلة من الإهمال، تحركنا لنصل إلى «حديقة الأسماك»، الواقعة فى حى الزمالك، والتى يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر استقبلتنا ببواباتها الحديدية ذات الطابع الفيكتورى وكأنها دعوة للدخول إلى حكاية خيالية، حيث تختبئ الأزقة تحت قباب من الأشجار المعمرة.. كان كريم وسلمى، يتجولان بين الأنفاق الحجرية الفريدة، حيث قال كريم وهو يشير إلى أحد الأحواض، «كان هذا المكان مفضلًا لأم كلثوم، حيث كانت تأتى للبحث عن هدوء يلهمها ألحانها».. سلمى، بابتسامتها الساحرة، أجابته: «وكأننا نسير بين أنفاس الزمن، هذا المكان يحمل رائحة الماضى لكنه يحتضن الحاضر بكل حب.
ارتبطت حديقة الأسماك فى أذهان العشاق، بمشهد غناء عبد الحليم لفاتن حمامة أغنية «كان يوم حبك أجمل صدفة»، من فيلم موعد غرام، ولايزال هذا المشهد محفور فى أذهان جميع رواد الحديقة ودائما ما يقومون بسرده بين أروقة الحديقة، كما أن العمال داخل الحديقة حريصون على سرد هذه القصص للزوار لكى تستمر فى أذهانهم ولكى تتوارث مدى الدهر.
كانت تتميز الحديقة منذ إنشائها بعرض أنواع مختلفة من الأسماك والزواحف كما كانت تتزين بالنباتات والأشجار، مما جعلها من الأماكن المميزة للمحبين، أما الآن فقد أصبحت بعد التطوير اكثر جمالاً واستعادت رونقها من جديد.. فمع دخول الظلام فإن الإضاءة الحديثة تضفى سحرًا ليليًا، الممرات التى أُعيد رصفها، والمرافق الجديدة تجعلها أكثر جاذبية لجميع الأعمار، كما تستضيف هذه الحديقة فعاليات ثقافية وفنية تعيد الروح إلى مساحاتها، مثل حفلات الموسيقى الكلاسيكية ومعارض الرسم والنحت.
الأهم من ذلك، أن هذه الحديقة أصبحت مساحة للذاكرة الجماعية، ومكانًا يجتمع فيه الأجداد بأحفادهم، والأصدقاء القدامى بزملاء المدرسة، والعشاق الجدد بأحلامهم التى تبدأ هنا.. إنها ليست مجرد حديقة، إنها كنز يستعيد بريقه ليصبح رمزا للهوية القاهرية، تحكى قصصًا تمتد من ماضى المحروسة إلى حاضرها المزهر، وتفتح أبوابها لقصص جديدة تُكتب كل يوم وأروع ما فيها هو استمرارها كمساحات حية تُكتب فيها قصص جديدة كل يوم.. اليوم حديقة الأسماك تستعد لارتداء ثوبها الجديد، بعد أن وجه وزير الزراعة بتنفيذ خطة شاملة لتطويرها، لتصبح كما كانت دائماً، مقصدًا ليس فقط لمن يبحثون عن جمال الطبيعة، ولكن لمن يريدون أن يعيشوا قصصًا تُحفر فى الذاكرة، فهى المكان الذى لا يزال يحتضن الماضى ويمنح الحاضر لمسة من السحر، ويُمهّد للأحلام القادمة.
◄ الميريلاند.. صبية عمرها 100 عام
«حديقة الميريلاند» هى من أشهر حدائق مصر الجديدة وأكثرها ارتباطًا بذاكرة كافة قاطنى منطقة مصر الجديدة، حيث أُنشئت فى أربعينيات القرن الماضى، وكانت تُعرف بأنها مكان الأناقة والترفيه الراقى، حيث كانت تضم مسرحًا صيفيًا وحديقة حيوانات صغيرة، إلى جانب بحيرات صناعية ومطاعم فاخرة، روادها من صفوة المجتمع فقط وعلية القوم..
اليوم، تستعيد الميريلاند رونقها مع تطويرات شاملة جعلتها وجهة عائلية وترفيهية، على أحد المقاعد الخشبية داخلها، جلست سيدة مسنة مع حفيدها، قالت له بابتسامةٍ حنونة: «هنا كان جدك يأخذنى بعد كل موعدٍ غرامى لنأكل الآيس كريم كانت أجمل أيام حياتى».. وعندما سألها «هل كان المكان جميلا مثل الان»؟ قالت له «كان أجمل لأننى كنت أصغر».
◄ «الحرية»| وجهة ثقافية تجسد.. لقاء الحضارات وقيم الحب والجمال
في قلب القاهرة الكبرى النابض، تقف حديقة الحرية بمنطقة الدقى كملاذ هادئ يحتضن أرواح الباحثين عن السكينة والجمال، إنها ليست مجرد مساحة خضراء، بل لوحة فنية متناغمة، تمتزج فيها الطبيعة بالتاريخ، وتتحدث فيها التماثيل بلغة الحضارات والإنسانية.
عند دخولك الحديقة، تشعر وكأنك تعبر بوابة الزمن، حيث تتشابك أغصان الأشجار العالية لتظلل ممرات مرصوفة بدقة، وتحتضن نسائم الهواء رائحة الزهور العابقة بحكايات من مروا هنا، تغرد العصافير كأنها ترحب بالزائرين، وترفرف متناغمة مع إيقاع الحياة الخفى للمكان.
التماثيل المنتشرة هنا ليست مجرد قطع صامتة من الحجر أو البرونز. إنها أرواح متجسدة لرموز مصرية وعالمية تركت بصمتها على وجه التاريخ، تماثيل لأبطال وأدباء، لقادة وفنانين، تقف شاهدة على تلاحم الثقافات وتنوع الإبداع الإنساني.
هنا تجد طه حسين بملامحه التأملية، وهناك غاندى بهدوئه العميق، بينما يُطل شكسبير من زاويته وكأنه يسطر فصلًا جديدًا فى حياة العشاق الذين اعتادوا اللقاء تحت ظلال الأشجار.
الحديقة ليست فقط واحة للجمال، بل أيضًا مسرحاً للحب. قصص العشاق التى شهدتها المقاعد الخشبية والممرات المنحنية جعلت منها شاهدًا أمينًا على أجيال تبادلت الوعود والابتسامات، هنا همسات الحب الأولى، وهناك رسائل الوداع الممزوجة بالأمل.. فى المساء، تكتسى الحديقة برداء ذهبى، حيث تتراقص أشعة الشمس الغاربة على أوراق الأشجار وتماثيلها المهيبة لتصبح الحديقة مكانًا أشبه بالحلم، حيث يتشابك الضوء والظل فى رقصة أخيرة قبل أن يسدل الليل ستاره على هذا المشهد الساحر.. فإن حديقة الحرية ليست مجرد مكان، إنها حكاية تتردد أصداؤها فى وجدان كل من يمر بها، ومتنفس عذب يمنح الحياة معنى أعمق، حيث يمتزج الجمال الطبيعى بالإرث الثقافى فى تناغم ندر وجوده.. فمع أنفاس الصباح، كان هواء حديقة الحرية يتسلل بخفة إلى الأرواح المتعبة، تحت الأشجار القديمة، يتبادلون الأحاديث المختلفة والضحكات الرقيقة، يستمتعون بنسمات الحنين والاشتياق الى مثل هذه الجلسات التى طالما اشتاقوا اليها.
عندما تطأ قدميك الحديقة تشعر وكأن أرواح المحبين قد وجدت لغةً خاصة تتجاوز الكلمات، على وجوههم ابتسامات مفعمة بالحب يملأها رحيق الأزهار وفرحة اللقاء.
◄ لمسة ثقافية خالدة
كل تمثال فى حديقة الحرية يروى حكاية خاصة، ويجسد رمزًا لحقبة أو فكرة أو كفاح، بفضل هذه التماثيل، أصبحت الحديقة وجهة ثقافية تعبر عن لقاء الحضارات وروح الإنسان الباحثة عن الحرية والجمال.. حديقة الحرية متحف مفتوح للفن والتاريخ، تضم العديد من التماثيل لشخصيات بارزة تركت بصمتها فى تاريخ مصر والعالم، بجانب الجمال الطبيعى الذى تتميز به الحديقة، تعد التماثيل جزءًا لا يتجزأ من هويتها الثقافية والفنية، وفيما يلى قائمة كاملة بالتماثيل وأبرز المعلومات عن الشخصيات التى بداخلها.
◄ «عبد المنعم رياض» وذاكرة الفداء
اقتربنا من تمثال عبد المنعم رياض، الجنرال الذى ضحى بروحه من أجل الوطن. الحديقة كانت تزدحم، لكننا وجدنا لحظة خاصة أمام هذا الرمز، فعبد المنعم رياض لم يكن فقط قائدًا، بل كان رمزًا للحب فى أسمى صوره وهو حب الوطن، حيث يجسد التمثال الشخصية الوطنية الشهيرة التى استشهدت خلال حرب الاستنزاف حيث انه كان القائد المعروف بخططه العسكرية الفذة، ويقف فى الحديقة كرمز للشجاعة والفداء.
◄ تمثال أحمد شوقي
حيث يقع فى وسط الحديقة، محاطًا بشجيرات مزهرة، تمثال أحمد شوقى يظهره وهو يرتدى العباءة، فى وضعية شاعرية مهيبة، فهو «أمير الشعراء»، وشاعر عظيم ساهم فى إثراء الأدب العربى بقصائده الملحمية والرومانسية.
◄ تمثال غاندي
والذى يقع بالقرب من الممرات الهادئة فى الجهة الشمالية من الحديقة وهو تمثال نصفى يظهر المهاتما غاندى مرتديًا زيه التقليدى البسيط، ممسكًا بعصاه، والذى يعد رمز النضال السلمى والاستقلال فى الهند، وأحد أبرز دعاة اللاعنف والحرية حول العالم.
◄ «د. خوسيه جاسبر»
يقع تمثال الدكتور خوسيه جاسبر رودريجيز دى فرانسيا فى إحدى الزوايا الهادئة فى حديقة الحرية بمنطقة الدقى، محاطًا بالأشجار الكثيفة التى تضفى عليه هالة من الوقار، مما يجعله جزءًا من المناظر الطبيعية التى تحمل فى طياتها تاريخًا عميقاً..
وهو تمثال نصفى يبرز خوسيه دى فرانسيا فى وضعية ثابتة، وجهه المشبع بالجدية والنظرة الثاقبة، مرتديًا زيًا رسميًا يعكس مكانته كأحد أبرز الشخصيات السياسية فى تاريخ أمريكا اللاتينية، يُظهر التمثال تفاصيل دقيقة، مثل ملامح وجهه الحادة والشعر المنظم بعناية، مما يضيف إلى الصورة العامة هيبة وقوة.. خوسيه دى فرانسيا كان ديكتاتور باراغواى لمدة طويلة، وقد تميز بتوجهاته السياسية القوية والمثيرة للجدل، كان يعتبر شخصية مثيرة للإعجاب فى بعض الأوساط، بينما نال انتقادات من آخرين بسبب أساليبه فى حكم البلاد، وقد قاد باراغواى فترة من التغيرات الاجتماعية والسياسية، حيث أرسى قاعدة الاستقلال عن القوى الاستعمارية وفرض سيطرة قوية على وطنه.. ووجود تمثال خوسيه دى فرانسيا فى حديقة الحرية يعد إشادة بأحد القادة السياسيين الذين شكلوا تاريخ أمريكا اللاتينية، ورغم كونه شخصية مثيرة للجدل فى التاريخ، إلا أن تمثاله يرمز إلى الكفاح السياسى والإرادة القوية لتحديد مصير الأوطان، يضيف هذا التمثال بُعدًا دوليًا للحديقة، حيث يجسد اهتمام مصر بتكريم الشخصيات التى كانت لها بصمات واضحة فى العالم.
◄ تمثال هوغو تشافيز
يقع تمثال هوغو تشافيز فى أحد أركان الحديقة، محاطًا بمساحات خضراء مزدهرة وأزهار زاهية الألوان، ليصبح جزءًا من مزيج متناغم يعكس روح التحرر والنضال التى جسدها فى حياته.
فالتمثال نصفى يعرض هوغو تشافيز بابتسامته المميزة ونظرته الثاقبة، مرتديًا الزى الرسمى الذى يعبر عن منصبه كقائد للأمة، تفاصيل التمثال تُبرز شخصيته القوية وروحه الكاريزمية، حيث يبدو وكأنه يخاطب الجماهير التى طالما ألهمها بكلماته وأفعاله.
هوغو تشافيز كان رئيسًا لفنزويلا وأحد أبرز القادة السياسيين فى أمريكا اللاتينية، عُرف بنهجه الثورى وسياساته التى استهدفت تحقيق العدالة الاجتماعية، حيث قاد ما يُعرف ب«الثورة البوليفارية» التى استلهمها من أفكار المحرر اللاتينى سيمون بوليفار.
خلال فترة حكمه، ركز تشافيز على تقليص الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتميز خطابه السياسى بمواجهة الإمبريالية وتعزيز التضامن مع الدول النامية.
ووجود تمثال هوغو تشافيز فى حديقة الحرية يعكس الامتداد الثقافى والتاريخى بين مصر وأمريكا اللاتينية، ويحتفى بالقادة الذين كرسوا حياتهم لخدمة شعوبهم ومقاومة الظلم. التمثال يُمثل رمزًا للتضامن مع النضال من أجل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
◄ تمثال خوان بابلو دوارتي
يقع تمثال خوان بابلو دوارتى في إحدى الزوايا الهادئة داخل حديقة الحرية، محاطًا بنباتات الزينة وأشجار الظل، مما يضفى على المكان طابعًا مهيبًا يعكس روح الوطنية التى كان دوارتى يجسدها.
التمثال نصفى، يُظهر خوان بابلو دوارتى مرتديًا زيه الرسمى الذى يرمز إلى مكانته كمؤسس للجمهورية الدومينيكية، ملامحه تعكس الجدية والإصرار، مع نظرة ثاقبة تنبض بالأمل والإيمان بحريته ووطنه، التفاصيل الدقيقة فى التمثال، مثل تموجات شعره وربطة العنق، تُبرز العناية التى أُعطيت لتجسيد شخصيته.
خوان بابلو دوارتى هو أحد الأبطال القوميين ومؤسس الجمهورية الدومينيكية الحديثة،كان دوارتى قائدًا لحركة الاستقلال التى حررت بلاده من الهيمنة الهايتية، وهو رمز للنضال من أجل الحرية والسيادة الوطنية، اشتهر بتضحياته وإيمانه العميق بالاستقلال، حيث ناضل من أجل تأسيس جمهورية قائمة على العدالة والديمقراطية.
ومن خلال تمثال خوان بابلو دوارتى وغيره من الشخصيات التاريخية، تؤكد حديقة الحرية أنها ليست مجرد مكان للاستجمام، بل منصة تُذكّر الزوار بقيم الحرية والنضال والكرامة الإنسانية.
◄ اقرأ أيضًا | رئيس «جهاز مثلث ماسبيرو» تتابع أعمال تطوير حديقة الأزبكية
◄ حديقة البازليك.. نافذة على البهجة
فى أرجاء الحدائق الخضراء قصصًا لا تُحصى، من حب يزدهر بين أضواء المساء إلى ذكريات حفرت فى أحجار الزمن، ومن بين هذه الحدائق العريقة «حديقة البازليك» و»الميريلاند»، وهما شاهدتان على عصور مضت وعلى نهضة حديثة تعيد لهما السحر والجاذبية.
ففى قلب منطقة هليوبوليس (مصر الجديدة)، تحتضن «حديقة البازليك» كنيسة البازليك الشهيرة، التى تُعدّ معلمًا أثريًا ودينيًا فريدًا، تحيط بها أشجار معمرة وممرات مرصوفة بعناية تعكس الأناقة التى اشتهرت بها هذه المنطقة منذ أوائل القرن العشرين.
ففى صباحٍ دافئ، كانت هناك عائلة صغيرة تتجول، الأم تروى لطفلتها عن حفل الزفاف الملكى الذى أُقيم بالقرب من هنا فى عصر الملكية، بينما الأب يشير إلى الزهور المتفتحة التى تعكس ألوان الماضى والحاضر، تأخذك قدميك وتجذبك للتجول دون أن تشعر بين أرجاء المكان دون ملل وتشعر إنها ليست مجرد حديقة، بل مكان يشبه القلب الذى ينبض بالحب، والسحر الربانى الذى أبدع الخالق فى تصويره وخلقه.
◄ «الأندلس».. جنة على شاطئ النيل
ألقت الشمس خيوطها الذهبية على أرجاء «حديقة الأندلس»، التى استعادت روحها بعدما أُعيد لها جمالها الذى دخل بين طيات النسيان فى زحام الأيام، أشجار النخيل تتمايل برفق، وكأنها تُحيّى العشاق الذين يجلسون تحتها، بعضهم يتحدث همسًا، والبعض الآخر يكتفى بصمت تُعبر عنه الأعين.
كانت حديقة الأندلس، الواقعة على ضفاف نهر النيل فى قلب القاهرة، أشبه بلوحة من الجنة نُسجت بعناية، فى سنواتها الأولى، لم تكن مجرد مساحة خضراء، بل كانت ملتقى الأرواح الحائرة وملاذًا للعشاق الهاربين من صخب العالم، كان الجسر الحجرى الممتد فوق الممرات المائية الصغيرة شاهداً صامتًا على لقاءات حب صاخبة، ومقاعدها الحجرية تتنفس حكايات همستها قلوب أنهكتها اللهفة.
كانت الحديقة رمزا للغرام فى القاهرة، شباب وفتيات جاؤوا يبحثون عن نسمة هادئة فى ظل الأشجار الأندلسية التى لا تزال تحتفظ برونقها، وتعزف موسيقى أبدية
فى الستينيات، خلال إحدى حفلات عبد الحليم حافظ التى أقيمت قريبًا من الحديقة، تدفقت جموع العشاق إلى المكان، يحملون شموعًا وأحلامًا، تبادل كثيرون وعدًا بأن تكون هذه الحديقة شاهدة على زيجاتهم القادمة، وكان بعضها يتحقق، والبعض الآخر يتلاشى مع الزمن.. مع مرور الزمن، طالت يد الإهمال الحديقة، وغابت عنها البهجة التى ميزتها، أصبحت الأشجار تعانى من العطش، والمقاعد تآكلت تحت ثقل النسيان، بدا وكأن الحديقة التى كانت شاهدة على قصص الحب قد فقدت بريقها.. لكن مؤخرا، دبت الحياة فى الحديقة من جديد مع مبادرات الترميم حيث استعادت ألوانها وعادت نوافير المياه لتغنى، ورُتبت أحواض الزهور بنقوشها الأندلسية البديعة وأصبح المكان مرة أخرى وجهة للعشاق، والأسر، وحتى الشعراء الذين يأتون لاستلهام أرواح الماضي.
وقف أحمد ونور، أمام باب الحديقة، التى تشهد تطويرا شاملا، وهو يحكى لها ويتذكر بفرح كيف كان جده يحكى له عن زياراته لهذه الحديقة فى الخمسينيات، عندما كان يلتقى بجدته هنا، أما نور، بشعرها الأسود المتمايل كنسيم المساء، فقد كانت تُحدّثه عن أفلام الزمن الجميل التى صُوّرت هنا، وكيف كانت هذه الأماكن شاهدة على قصص حب خالدة مثل قصة فاتن حمامة ورشدى أباظة على الشاشة.. على مقربة منا، كان هناك رجل سبعينى يجلس وحيدًا وعيناه تتجولان فى ارجاء المكان، يمسك بيده صورة قديمة لزوجته الراحلة، اقترب منه شاب وفتاة، يبدوان أنهما فى بداية علاقتهما، وسألاه بلطف عن الحديقة، ابتسم الرجل وقال: «كانت هنا أجمل قصص حبى..
كل شيء هنا ينبض بالذكريات»، ثم بدأ يحكى لهما كيف كان يأتى مع زوجته يوم الجمعة، يجلسان فى الحديقة الساحرة، يتبادلان الحديث والابتسامات، ويشاهدان الأطفال يلعبون حولهم، وهو اليوم يعيش ويتغذى على هذه الذكريات العذبة التى تحلى مرار الأيام التى يعيشها الآن بدونها.وينتظر بفارغ الصبر افتتاح الحديقة، بعد تطويرها للرواد.
◄ رفع كفاءة المتنزهات التاريخية وإنشاء أخرى
◄ أشجار وزراعات جديدة لمواجهة التغيرات المناخية
■ كتب: شريف الزهيري
تشهد حدائق القاهرة، طفرة كبيرة من الاهتمام والتطوير، حيث أُعيد تشييد البنية التحتية، وزودت بإضاءات حديثة ومناطق للعب الأطفال، مع الحفاظ على طابعها التاريخي. كما تم تنظيم فعاليات ثقافية وفنية تُعيد إحياء تاريخها الراسخ بالأذهان لجميع روادها من الكبار إلى الصغار لخلق روابط جديدة بين الأجيال.. هذه الحدائق ليست مجرد مساحات خضراء، إنها روايات مفتوحة تُحكى قصص الحب والصداقة والذكريات، من ممراتها القديمة إلى تطويراتها الحديثة، وستظل شاهدة على تغيرات الزمن، وملهمةً لكل من يبحث عن الجمال بين أضواء القاهرة وظلال تاريخها.. وتحرص الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة على زيادة الحدائق العامة والمتميزة والمسطحات الخضراء على مستوى القاهرة بكافة المناطق الأربعة «الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية»، من أجل خلق متنفسات خضراء وجديدة بكافة أرجاء القاهرة من زراعة الجزر الوسطى-الميادين-المسارات واستحداث أنماط جديدة فى الزراعة منها الفازات التجميلية والأسمنتية والحديدية بالجزر الوسطى وجانبى المحاور والطرق التى لا يوجد بها زراعات، بالإضافة إلى زيادة أعداد الحدائق المتميزة والمشاتل وعمل مشتل بكل حى لخدمة المواطنين لبيع المزروعات والشتلات بأسعار مناسبة وتشجيع المواطنين على المحافظة على المسطحات الخضراء وزيادة الوعى البيئى.
تم رفع كفاءة حدائق الأهرام والبازاليك والنافورة (غرناطة) بمصر الجديدة واستعادت رونقها والمظهر الحضارى والجمالى لها مع إنشاء حديقة الفيروز بمحور عبد المجيد محمود بالمقطم، وحديقه الأمل بمحور الحضارات بمصر القديمة فى إطار حرص الهيئة على خلق متنفسات خضراء وزيادة المسطحات وإضافة حدائق جديدة بمختلف مناطق القاهرة.
وأكد العميد وليد أبو النصر رئيس مجلس إدارة الهيئة بأن «المركزية للتجميل» بصدد استبدال واستحداث أصناف من زروعات وشتلات وأشجار جديدة فى تجربة جديدة بمناطق مختلفة بالقاهرة تتحمل العوامل المناخية الحيوية والتغيرات المناخية على مدار العام لإضفاء لمسة حضارية وجمالية والمساهمة فى المحافظة على البيئة بالتعاون مع كافة المؤسسات الحكومية والمجتمع المدنى المهتمين بهذا الشأن لاستعادة المظهر الحضارى والجمالى للعاصمة وتحسين جودة الحياة.
وقال اللواء محمد سلطان، رئيس الحدائق المتخصصة بالقاهرة: نسعى لزيادة الرقعة الخضراء وتحسين جودة الهواء، والحد من مخاطر الاحتباس الحرارى والتغيرات المناخية، وزيادة نصيب الفرد من الرقعة الخضراء، وتحسين جودة الحياة المقدمة للمواطنين باعتبارها أحد أهم الأولويات التى تركز عليها الدولة المصرية للتعامل مع قضية تغير المناخ والحفاظ على البيئة.
وأشار إلى أن مساحة الحدائق المتخصصة على مستوى العاصمة تبلغ 200 فدان تغطى أغلب الأحياء ويجرى زيادة الرقعة الخضراء والاهتمام بالتشجير وجعلها متنفساً للمواطنين، وأوضح كل يوم تتم زراعة أشجار وتهذيب النجيلة والمزروعات وإضافة شتلات جديدة من داخل المشاتل ويجرى تعويض الزرع التالف، ولدينا 165 شجرة نادرة من دول العالم كلها داخل الحديقة الدولية، بخلاف 20 جناحاً بالحديقة الدولية تابعة للدول الآسيوية والأوروبية.
وأوضح أن سعر التذكرة لدخول الحديقة فى متناول الجميع، وقال: لدينا 21 حديقة متخصصة على مستوى القاهرة، أبرزها «الدولية والطفل والعاشر وأحمد رامى والحرية وأم كلثوم»، وهى متنفس للمواطنين ويتم الحفاظ على الخدمات المقدمة للمواطنين، كذلك حديقة الأندلس، التى تشهد تطويرا من قبل فرق متخصصة، للحفاظ على المظهر الحضارى والجمالى والتراثى لها وسيتم افتتاحها قريبا، وتعد هذه الحديقة أول حديقة تسجل كأثر فى مصر، وهى جزء رئيسى من ذاكرة العاصمة.
وأوضح، أن الحديقة تقع على مساحة 9 آلاف متر مربع وتشمل أعمال التطوير ورفع كفاءة البنية التحتية، وإصلاح شبكة الرى بالحديقة، وتطوير شبكة صرف النافورة الموجودة فى الجزء الفرعونى بها، وترميم نماذج التماثيل الأثرية الموجودة داخل الحديقة، وترميم تماثيل ثعابين الكُوبرا الموجودة فى الجزء الفرعونى، واضاءة الحديقة بشكل جمالى أخاذ.
وقامت الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة بتنفيذ المبادرة الرئاسية بزراعة 100 مليون شجرة وزيادة المسطحات الخضراء بها، وزراعة الجزر الوسطى لإضفاء اللمسة الحضارية والجمالية ومراعاة البعد البيئى للمحاور المرورية الجديدة، مما ساهم فى زيادة الأشجار والزروعات مع الاعتناء بالموجود لتكون القاهرة 2030 من أفضل المدن الخضراء التى تواكب كافة التغيرات المناخية على مستوى العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.