أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري في ثاني أيام عيد الأضحى    بينهم 4 دول عربية، برقية سرية تكشف خطة واشنطن لتنفيذ حظر السفر على 19 دولة    منير أديب يكتب: إسرائيل وداعش.. توافقات الأهداف أم نتائج الحرب؟    أخبار مصر: زيزو يكشف تفاصيل صادمة عن علاقته بالزمالك، جبروت امرأة يهز قنا، زوجة مطرب شهير تستغيث على الهواء، الأرصاد تحذر    تامر حسني: مبحبش الألقاب وعملت «ريستارت» لنفسي    شريف منير يحتفي بزفاف ابنته "أسما".. ووجه رسالة مؤثرة لزوجها    مها الصغير عن تصدرها التريند: «السوشيال ميديا سامَّة»    لماذا يجب تناول الخضروات والسلطة مع اللحوم في ثاني أيام عيد الأضحى؟ الصحة توضح    ترامب فاشل في المواد «الاقتصادية».. أهمل تحذيرات الاقتصاديين من سياسة التعريفات الجمركية    انقطاع كبير لخدمة الإنترنت في كوريا الشمالية    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    ترامب ردًا على هجوم إيلون ماسك: قد يكون بسبب تعاطيه المخدرات    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالجيزة .. رابط وخطوات الاستعلام لجميع الطلاب فور ظهورها    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    «لعيبة تستحق تلبس تيشيرت الزمالك».. شيكابالا يزف خبرًا سارًا لجماهير الأبيض بشأن الصفقات الصيفية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    هوندا سيفيك تايب آر تُعلن نهاية مبيعاتها في أوروبا    ترامب يكلف بتوسيع إنتاج الطيران الأسرع من الصوت    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    رئيس الوزراء الهندي: نتطلع لتعميق التعاون مع وسط آسيا في التجارة والطاقة والأمن الغذائي    إيلون ماسك يخسر 35 مليار دولار من ثروته بعد خروجه من الحكومة الأمريكية    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت 7 يونيو 2025 بالصاغة    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    زيزو: جيرارد تحدث معي للانضمام للاتفاق.. ومجلس الزمالك لم يقابل مفوض النادي    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة نهاية الأسبوع    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء ضد الكسر.. حكايات بطلات قهرن الظروف واحترفن «المهن الشاقة»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 05 - 01 - 2025

مناضلات في حياة لا تشبه رقتهن، مقاتلات في ساحات عريضة، لينتزعن مكانًا لصغارهن، يكافحن داخل بيوتهن وخارجها، أيادٍ ناعمة تداوي وتربت وتنحت في الصخر، هن صُناع الخبز والحب.. والكفاح أيضًا، استطعن اقتحام مجالات عمل صعبة، غير مألوفة، قد لا تناسب طبيعتهن الناعمة، لكسب العيش، مهن قد لا تناسب رقتهن ولا تتحملها سواعدهن الضعيفة، وعلى الرغم من غرابة المشهد إلا أنه أصبح مألوفًا أن ترى امرأة تسوق شاحنة او تقطع الحديد او تنقش سقفًا او تحمل خشبًا.
«الأخبار» فى هذا الملف، تعرض حكايات نساء، أثبتن أنهن ضد الكسر، وأقوى من أى ظروف ليؤكدن أن المرأة المصرية صلبة وقوية، وهى سمات أرض الكنانة الطيبة.
◄ الحاجة أميرة: أقضى نصف يومى واقفة ب«المكواة» وأحمد الله على الكسب الحلال
الحاجة أميرة «المكوجية» كما يطلق عليها أبناء منطقتها تبلغ من العمل اثنين وستين عامًا، عاشت مأساة صعبة ومرت بشدائد قد لا يتحملها الرجال، توفى زوجها منذ ثلاثين عامًا وترك لها ولدين وبنتًا، عاشت مع أطفالها لا يساعدها أحد ولا يحنو عليها أحد، لم تترك عملًا حلالًا إلا وعملته لتطعم صغارها، خدمت فى المنازل، وباعت الخضار، ووقفت فى المحلات، استودعت الله صحتها وخرجت للشوارع تبحث عن قوت يومها، لم تحصل على مهنة ثابتة ولم يكن لها راتب من أى مكان، كانت أجرة ما تحصل عليه فى اليوم تطعم به صغارها، حتى وجدت صاحب محل «مكوجي» يحتاج لمَن يساعده وبالطبع هى مهنة تحتاج لرجل ولكنها لم تتردد لحظة فى العمل معه حتى مع اندهاش مَن حولها، خاصة أنها تعمل فى أحد الأحياء الشعبية، مرت عليها السنون وهى تقف على قدميها أكثر من نصف يومها تقريبًا وكبر أولادها وتزوجوا ولم تقصر معهم يومًا، وتستكمل المسيرة الآن مع أحفادها السبعة الذين مازالوا يحتاجونها وتربوا على يديها ولكن مع تقدم العمر وجهد العمل خانتها صحتها وأصيبت بجلطة أرقدتها مدة فى بيتها حيث تقول: «رغم كل ما عانيته من شقاء طوال حياتى إلا أن الفترة التى قضيتها فى مرضى كانت الأصعب على الإطلاق، حيث إننى لا أعتاد أن يخدمنى أحد، او ينفق عليَّ أحد، أنا مَن أقوم دائمًا بهذا الدور حتى لو كان مَن يساعدنى هم أولادي، ظللت شهورًا أتلقى العلاج وأنفقت كامل معاشى البسيط شهريًا فى علاج الجلطة، وحين بدأت التعافى عدت على الفور لعملى مرة أخرى، فالظروف لا تحتمل أن أرقد وأكون عبئًا على أولادي، هم لديهم ما يكفيهم من حمول، ورغم تعب الوقوف 12 ساعة على قدمى وتقاضى مائة جنيه فى اليوم إلا اننى أحمد الله كثيرًا على الرزق الحلال والقدرة على العمل.
◄ أم فارس: أصبحت «كهربائية» معروفة بعد أن أصبح زوجي عاجزًا عن العمل
كانت فتاة محبة للحياة، رقيقة المشاعر، حالمة بكل ماهو جميل، تزوجت ممن تحب وعاشت معه أجمل مشاعر الحب والمودة والسكن، كان زوجها «كهربائيًا» ورغم حبها الشديد له إلا انها كرهت مهنته، خوفًا عليه من خطورة حوادثها. حبها له جعلها، لا تحب كل ما يجلب له الأذى، وتعتبر أن الكهرباء مؤذية، ينتابها الرعب إذا سمعت فرقعة الأسلاك، وتهلع لو رأت شرارها، كان زوجها يمزح معها دائمًا قائلًا: «أنا ممكن أخرج فى يوم مرجعلكيش تانى بسبب الكهربا».
كانت تنهمر دموعها جراء مزاحه ولا تقبل أبدًا أن يستمر فى حديثه، وبالرغم من ذلك كان زوجها دائمًا مايحاول أن يعلمها حرفته كأنه يعدها لمصير لم يكن فى الحسبان، كانت تخرج معه أحيانًا فى ورديات عمله، ومع الوقت بدأ يكسر حاجز الخوف من الكهرباء لديها، ويجعلها تقوم بإصلاح أشياء بسيطة فى منزلهما، وفى يوم تعرض زوجها لصعق كهربى أثناء عمله، أصابه بضمور فى أعصاب يديه، وأصبح عاجزًا تمامًا عن العمل، ومن هنا تبدلت الحياة وبهت لونها، حيث تقول أم فارس: «عشت أيامًا لا يعلم بصعوبتها إلا الله وحده، ذقت صنوف العذاب، لم يكن فى بيتى لقمة العيش الحاف، كنت أحاول البحث عن أى عمل لأطعم صغارى الجائعين، لا تكف عيناى عن البكاء، ولا أدرى ماذا أفعل ولا لمَن أذهب ؟! ينعصر قلبى على زوجى الذى أصبح عاجزًا لا يستطيع العمل، وصغارى الذين يتضورون جوعًا، خرجت يومًا بإبنتى تبكى من الجوع وكنت بجانب مطعم كشرى فطلبت من العامل كيسًا صغيرًا به بعض الكشرى لصغيرتى ولم يكن معى نقودًا، فرد: «الله يسهلك» !. منذ تلك اللحظة قررت ألا ألجأ سوى لله تعالى وحده وأن أعمل أى شئ يطعم صغارى حلالًا، ولن أكترث لأى أحد يلومنى حتى أهلي، ولم أجد أمامى سوى أن أعمل فى أكثر مهنة كنت أخافها، بدأت فى إخراج عدة زوجى والخروج للعمل، تعرضت لتنمر لا ينتهي، ومواقف لم تخطر ببالى يومًا، بكيت حتى تقطعت أنفاسي، حاربت بشتى الاتجاهات حتى أهلى رفضوا عملي، صممت أن أكمل فى طريقى ولا أهتم مادمت لا أفعل ما يخل بأخلاقى او يشين أولادي، كنت أتمنى لو أجد كلمة واحدة طيبة وسط مئات الكلمات الموجعة، ولكن الله لم يتخل عنى يومًا واحدًا، أعود لمنزلى بطعام أطفالي، وكان هذا يكفينى لأن أستمر، كنت أرى دموع زوجى تملأ عينيه حين أدخل البيت وملابسى يكسوها الغبار، والقرح تملأ يديى من قسوة المعدات وثقلها، ولكنى كنت أحاول دائمًا أخفف عنه، حتى لا يتمكن منه الوجع، وبعد سنوات من العمل أصبحت معروفة ويتم طلبى للعمل بالاسم وأقوم بتأسيس الكهرباء كاملة بعد أن كنت أخاف أن أضع « الفيشة» فى مكانها بالحائط.
لكننى مازلت أخاف أن أخرج يومًا من بيتى ولا أعود لأطفالى مرة أخرى بسبب صعق كهربائى أو سقوط من على سلم العمل، لكن الحمد لله، ربنا ساترها معى وأكسب مايستر بيتى وأسرتى.
◄ اقرأ أيضًا | «أم ولاء».. نقاشة «إيدها تتلف فى حرير»
◄ أم ولاء: أحببت «النقاشة» فأحبتني ونقشت أحلامي على الجدران
بشوشة الوجه محبة للحياة، لا تفارق البسمة وجهها الصبوح، تنقش أحلامها على الجدران، ترسم بالألوان قصصًا ومواقف وحكايات هى بطلتها الوحيدة، لا تحب الدراما ولا تقف عند الأحزان، لا تعترف باليأس مطلقًا، ولا يوقفها الخذلان، تحب مهنتها وتفخر بها، وتمارسها بكل حب وشغف حتى صارت تمارس عملها كفنان يرسم لوحاته..
هى «أم ولاء» هذه البطلة التى تعمل بالنقاشة وتنفق على أولادها من جهدها، أم لثلاث بنات أورثتهن حبها وعزيمتها، تخرجن من كليات قمة وإحداهن تخرجت فى كلية الإعلام، تزوج منهن إثنتان وأنجبا لها أحفادًا، تقول أم ولاء: لم أنكر أننى عانيت كثيرًا مع المجتمع حيث لم يكن الأمر اعتياديًا ولم يروا من قبل امرأة تعمل بهذه المهنة، ولكن مع الوقت إستطعت أن أثبت جدارتى فى العمل بالالتزام والتفانى لإخراج الشغل فى أفضل صورة، فصرت أُحاكى الجدران وأنا أعمل وأنقش الألوان عليها كما لو أننى أحكى لها أحداث حياتي، كنت أشعر بأن الجدران تحبنى كما احببتها، أنظر إليها بفخر بعد أن أنتهى من العمل وأنا لا أصدق أننى من قام بهذا الفن الجميل المنسق، ارتبطت بكل منزل عملت به وكل الجدران والأسقف تعرف حكايتي.
◄ مي: عشقت صناعة الحلي واخترت أن تكون «مهنتي هوايتي»
قصتها ذات طابع مختلف، فهى لم تكن باحثة عن العمل ولم تجد، ولم تكن ذات مؤهلات ضعيفة تصعب عليها العمل، لم تجبر على العمل بحرفة لا تحبها لكسب العيش، ولا اضطرتها الظروف للعمل وسط العمال وفئات يصعب للمرأة العمل وسطها، هى طبيبة أمراض جلدية خريجة طب عين شمس عاشت سنوات طويلة فى دراسة الطب وتفوقت فى دراستها ومارست عملها بكل تفانٍ وإخلاص، ولكن كان داخلها هواية صغيرة لصنع الحلى أحبتها منذ الطفولة وتمنت لو أكملتها، كانت لا تجرؤ حتى على الحلم بالعمل بها، فركنتها فى دهاليز دفاترها السرية، تخرجها عندما تحب تغذية وإشباع روحها.
تجد فيها تفاصيل شخصيتها الحقيقية ويستمتع وجدانها بمجرد التفكير فيها، عاشت الدكتورة مى لسنوات طويلة تمارس الطب ثم تزوجت وأصبحت أمًا وأخدت استراحتها الشرعية لرعاية طفلتها، وفى هذه الأثناء قررت أن تنزل كورسات لصقل هوايتها وكانت فى قمة نشوتها وهى تتعلم ماتحبه، وتقضى ولو ساعات بسيطة فى ممارسته، ودون أن تشعر تمكن حب الحلى منها وصار عشقًا لا مفر منه، أصبحت تتحرك نحوه دون شعور، تفعل كل ما يقربها من هذه الخطوة، قررت ألا تتخلى عن هوايتها وتمارسها كما تحب بجانب عملها، ومع الوقت صارت الهواية مهنة تدر دخلًا وتأخذ وقتًا وتتطلب جهدًا، وهنا كان عليها الاختيار بين المهنتين، لا تشابه بينهما، سوى الحياة، الطب يحيى المرضى والحلى يحيى روحها، حاولت أن تستمع لنصائح مَن حولها وتترك هوايتها من أجل العمل ولكنها كلما حاولت شعرت بأن جزءًا من روحها يضيع، فوقفت حينها وقررت أن تكون الهواية هى الهوية وما المانع ما دامت شيئًا جميلًا لا يؤذى ولا يضر أحدًا ويسعد المئات من عاشقيه ويسعدها هى أيضًا، بل ويدر لها دخلًا جيدًا، حيث تقول مى عبد الهادي: عانيت كثيرًا استغراب مَن حولى واللوم والعتاب على قراري، وعانيت أيضًا من التعامل مع فئة لم أتعامل معها من قبل وهم العُمال و»الصنايعية»، ولكن حبى لمهنتى ونجاحى بها وحلم طفولتى كان أكبر من كل هذا، وبعد سنوات من التعب لديَّ الآن ورشة لصناعة الحلى اقوم فيها بعمل مشغولاتى الفضية من قوالب الفضة الخام، ولديَّ فريقى المميز الذى أفخر بالعمل معه وأقوم بالمشاركة فى كل المعارض وعرض منتجاتى بها، ولم أندم يومًا على قراري، بالعكس مازلت أمارس عملى وهوايتى، بكل شغف وحب مثلما بدأت فيه أول مرة.
◄ نادية: استغرب الجميع مهنتي منذ البداية وقلدني الكثير من البنات بعد ذلك
تخرجت نادية من كلية الآداب وعملت بمكتبة الإسكندرية لسنوات طويلة، وبعدها تزوجت وتركت عملها بناء على رغبة زوجها، الذى كان دائمًا ما يرى أن المرأة صعب أن توفق بين بيتها وعملها مادامت قد تزوجت، ولكن بعد وقت طويل بدأت نادية تمل المكوث بالبيت دون عمل، فناقشت زوجها فى قرار العودة إلى العمل خاصة أنها لم تنجب، وكان هذا الأمر قاس جدًا عليها وهى متفرغة للتفكير به، فوافق زوجها ولكن حين عادت للبحث عن عمل بعد انقطاع أكثر من عشر سنوات، وجدت الأبواب قد أغلقت فى وجهها، بدأ الإحباط يتسلل إلى قلبها وكانت تبحث عن أى شئ جديد يغير من نفسيتها، فقررت شراء «سكوتر» وتعلم السواقة عليه وبالفعل تمكنت من سواقته وكانت تشعر بسعادة كبيرة، ولكن مازلت المشكلة قائمة وهى البحث عن عمل حيث تقول نادية: كان بداخلى أمل يخبرنى أن شيئًا جميلًا ينتظرني، شيئ سوف يسعدنى ويصنع منى شخصية جديدة، وبالفعل ذات مرة كنت أتحدث مع صديقتى وكانت لديها مشكلة فى توصيل طلبات لمكان ما، فاقترحت عليها أن اقوم أنا بتوصيلها، وبالفعل قمت بعمل هذا المشوار الذى غَيَّر حياتى من بعدها، فمنذ ذلك الحين وانا أعمل بتوصيل الطلبات وسعيدة جدًا بمهنتي، بل ووجدت العديد من الفتيات اللاتى لم يجدن عملًا تشجعن على تقليدى وصار لديهن دخل حلال يعينهن على حياتهم.
◄ أم وسام سائقة تاكسي: حولت محنة الطلاق إلى مصدر رزق حلال رغم إعاقتي
منذ قدومها للدنيا وهى تعاني، ولدت بشلل أطفال فى إحدى قدميها، مما جعلها تعيش حياة صعبة منذ طفولتها، لم تنعم بصخب الطفولة ولم تمارس شقاوة الأطفال، كانت دائمًا ما تحمل همًا لم تختره، تفكر كثيرًا قبل أن تتحرك، فكل ما يسمح به لأقرانها، قد يكون محرمًا عليها، بسبب إعاقتها، عاشت حياة ليست سهلة، لكنها قررت ألا تستسلم للإحباط، وهى على قيد الحياة، كانت منذ صغرها مُحبة للخير تجد نفسها فى مساعدة الآخرين، وهى أولى الناس بالمساعدة، حبها للخير جعلها دائمًا ما تحاول الانضمام للأنشطة الخيرية ولكل ما يفيد الناس، كبرت وتفوقت فى تعليمها ثم تزوجت وعاشت وسافرت خارج البلاد، وأنجبت طفلين، وظنت أن الحياة تبسمت لها، كانت تحاول دائمًا أن تصنع من بيتها قلعة حصينة يسعد فيها صغارها، ينعمون من كل ما حرمت هى منه، تشاركهم طفولتهم التى حرمت منها، تفرح بصخبهم وحركتهم ومرحهم، تتمنى ألا يعيشوا أيًا من معاناتها، ولكن استقرارها لم يدم طويلًا، زادت الخلافات بينها وبين زوجها حتى انتهت علاقتهما بالطلاق، وفى لحظة انتهى كل شئ، وتحطمت قلعتها وخرجت وأطفالها تُواجه العالم الموحش من جديد، ولكن هذه المرة كانت أقسى، امرأة من ذوى الاحتياجات الخاصة ليس لها مأوى لا تملك دخلًا ولا عملًا، تخلت عنها الحياة بأكملها، تحمل طفلين لا تعلم مصيرهما ولا مصيرها، منذ أن عادت إلى بلدها، حاولت بشتى الطرق أن تجد عملًا تنفق منه على صغارها ولكن ظروف إعاقتها كانت لا توفر لها ما يناسبها بسهولة، حيث تقول أم وسام: «طرقت كل الأبواب حتى وجدت مكانًا يطلب معلمى قيادة السيارات لذوى الاحتياجات الخاصة، وكنت أجيد السواقة منذ سنوات وتم قبولى بفضل الله، لا أستطيع أن أصف مدى فرحتى وشكرى لله، وقتها شعرت بأن الله يدبر لى الأمر الطيب فى الخفاء ويرشدنى للصواب رغم جهلى به، فلم تخطر هذه المهنة ببالى مطلقًا، على الفور استأجرت شقة لأولادى وبدأت فى ترتيب قائمة حياتى من جديد، وبعد وقت قليل فكرت فى شراء سيارة صغيرة بنظام التقسيط من راتبى البسيط، وبالفعل نجحت هذه الفكرة، وكنت أسكن فى مكان لم تصل إليه الخدمات والمواصلات، وبما أننى دائمًا ما أحب مساعدة الناس، كنت دائمًا فى طريقى لعملي، أقف بسيارتى فى انتظار أى من جيرانى لأسهل عليه مشوار عمله، ودائمًا ما أجعل هذه المشاوير بنية تيسير أموري، وبالفعل اقترح عليَّ جيرانى وقتها أن يكون هذا بمقابل مالى ويزيد من دخلي، اقتنعت بالفكرة وأصبحت أقوم بتوصيل جيرانى قبل مواعيد عملى وبعدها، وبدأ دخلى يتحسن، وقمت وقتها بنقل مكان سكنى لموقع أفضل وأقرب وكذلك مدارس أولادي، بعدها قررت أن أنزل فعليًا للشارع وأعمل تاكسى وأحصل على دخل أفضل، وهنا بدأت أواجه صعوبات ورفضًا لوجودى من السائقين، لكننى لم أيأس ولم أستسلم، وكنت على يقين أنهم سوف يقبلونني، وبالفعل بعد فترة أصبح السائقون يراعوننى ويتقبلوا وقوفى بجانبهم أطلب الرزق مثلهم وأصبحت أقف عند محطة مصر يوميًا منذ الساعة الخامسة فجرًا أنتظر قدوم المسافرين وأقوم بتوصليهم بيوتهم، وتيسر الأمر معى خاصة أن هناك العديد من السيدات أو الشابات صغار السن لا يرغبون فى الركوب مع السائقين فيلجأوا لي، والآن وأنا لا يفصل بينى وبين الستين عامًا إلا شهورًا قليلة، تزوج أبنائى وصرت جدة ومازلت أعافر وأتلقى من الحياة دروسًا ولعل أهمها ان السعى وراء الرزق الحلال شرف وتكليف إلهى، وأن من يفعل ذلك لن يخذله الله أبدًا.
◄ منى: لم أعرف عن اللحمة سوى طريقة طهيها وأصبحت الآن «جزارة»
درست إدارة أعمال وأنهت دراستها وتزوجت على الفور، كان بيتها ينشد هدوءًا واستقرارًا ، تحب زوجها كثيرًا وتعشق صغارها، مرت عليها السنوات وهى زوجة صالحة وأم حنونة وربة منزل ماهرة.. وكعادتها الحياة لا تسير أبدًا على وتيرة واحدة ولا حال يدوم، كان زوجها فى شراكة فى تجارة اللحوم وهذا هو مجاله من سنوات، وفجأة تعرض لخسارة فادحة جعلته لا يملك شيئًا، كان المصاب أليمًا حيث لا دخل غير دخل زوجها، وهى لا تعمل ولديهم ثلاثة أطفال لكلٍ منهم احتياجاته، حاولت أن تقف بجانبه وتساعده بالدعم والتخفيف عنه وتحمل ظروفه القاسية، ولكن الاحتمال والمواساة لم يكونا وحدهما كافيين فى هذه الحالة، فقررت أن تنزل معه للعمل وتساعده ومن هنا كتبت صفحة جديدة فى حياتها، هى منى محروس «جزارة» تقول منى: لم أكن أعرف عن اللحمة شيئًا سوى طريقة طهيها ولم أتخيل يومًا ولا مجرد التخيل أننى من الممكن ان أعمل بهذه المهنة، ولكن بعد ما حدث لزوجى من خسارة لم يكن من الممكن تركه بمفرده، وهو يستحق ان أدعمه بكل ما اوتيت من قوة، اقترحت عليه ان نأخذ محلًا بالإيجار حتى لو اقترضنا ثمنه، وبالفعل وفقنا الله لذلك وساعدنا الأهل وشجعنى أهلى على الوقوف بجانب زوجي، ثم بدأنا فى شراء مقتنيات الجزارة شيئًا فشئ، وزرت أماكن لم أسمع عنها من قبل، كنت أعانى منذ البداية من التعامل مع الناس ولكن الأمور مع الوقت تصبح أفضل، وقفت مع زوجه فى محله الجديد يدًا بيد، لم يكن لديه عمال ولا يمكن أن يفعل ذلك لأنه يبدأ من الصفر فقمت بدور العمال معه، كان زوجى يرفض هذا الأمر فى البداية ويخشى على جرحى من الأدوات او نظرات الناس او كلامهم، ولكننى كنت لا أرى سوى اننى فى حرب لابد ان أنتصر فيها لزوجى وبيتى وحياتي، وأستعيد الهدوء والاستقرار من جديد، وحين دارت عجلة العمل بدأ زوجى فى تشغيل عمال معنا وخف الضغط عليَّ فى الوقوف معه ومن هنا فكرت ان اقوم بعمل صفحة على مواقع التواصل الإجتماعى أُسوِّق فيها منتجاتنا، وبفضل الله وكرمه ذاع صيت صفحتى وجلبت العديد من الزبائن لزوجي، ومهما حاولت أن أصف فرحتى بوقوف زوجى على قدميه مرة أخرى لا أستطيع، وبدأت أشعر أن طعم النقود أصبح مختلفًا، له لذة لم أكن أعرفها من قبل، لذة التعب والشقاء، واستشعار نعمة العطاء بعد المنع، ودائمًا ما أردد أن لكل مجتهد نصيبًا.
◄ النائبة ثناء السعيد: المرأة المصرية تتميز بصلابتها وقوة عزيمتها عبر العصور
المرأة المصرية دائمًا وأبدًا قادرة على تحدى الصعاب والتكيف مع كل الظروف دون كلل او ملل، وهى أيضًا صاحبة العزيمة الفولاذية التى تبهر الجميع وفى هذا الإطار تقول النائبة ثناء السعيد عضو مجلس النواب: المرأة المصرية جديرة باحترام الجميع، فهى دائمًا ما تستطيع التغلب على أقسى الظروف ومعايشة أحلك اللحظات، وبذل أقصى الجهود للكسب الحلال، ولذلك فأغلب الحالات التى يكرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي هن صاحبات الأعمال الشاقة تقديرًا لكفاحهن مثل السائقة والحدادة وغيرهن، وبالرغم من المشقة التى يتعرض لها هؤلاء السيدات فى مثل هذه الأعمال التى قد يراها البعض لا تناسب طبيعة المرأة من الأساس، وقد لا يتخيل الكثيرون أن امرأة تستطيع ان تقوم بها، إلا إنهن يستمتعن بعملهن ويمارسونه بكل حبٍ وتفانٍ، خاصة حين يقترن هذا العمل بتوفير لقمة العيش لأبنائهن، فحقًا لهن كل التحية والتقدير على هذا العناء الذى يرونه ويقابلونه بكل الحب والتضحية، وبعضهن تجبرهن الظروف على العمل بهذه المهن دون رغبة منهن، ولكن الاختيار يكون على أساس أن العمل الشريف لا ينقص من أخلاقهن شيئًا ويعينهن على صعوبة حياتهن والتزامات أطفالهن، موضحةً أن هذه الفئة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن يراعوا ويقدم لهن كل الاحترام والتقدير، وأن نكون عونًا لهن على الحياة لا عليهن.
◄ «الحدادة» نادية: تعلمت من «الحديد» القوة وواجهت الحياة بنفس الصلابة
توفى زوجها منذ أكثر من ثلاثين عامًا ومنذ ذلك الحين وهى ام واب فى آن واحد، حنونة فى بيتها ترعى صغارها وتحميهم، وشخص قويا كادح خارج البيت يعمل فى مهنة شاقة وخطيرة، هى امرأة بصلابة الحديد ونعومة الورد، إنها الحاجة نادية «الحدادة» التى استلمت ورشة زوجها ولم تغلقها يومًا منذ وفاته، وقفت على قدميها ولم تخف الحديد حتى استطاعت أن تجعله لينًا بين يديها، صارت فى قوته لا تفرق عنه شيئًا، عانت نادية كثيرًا حتى استطاعت أن تثبت كفاءتها، وحاربت طويلًا حتى تقنع المجتمع بأن العزيمة هى التى تسير العمل وليس الرجل او الأنثى، لم تطلب العون يومًا رغم أنها عاشت أصعب الظروف، ولم تقبل أن ينفق أحد على أبنائها، بعد ان توفى زوجها قررت ألا تشعر أولادها بأى عسر، خاضت الحرب بمفردها وكانت مقاتلة شجاعة، لم تستسلم لعصف الحياة ولم تتخذ من العوائق حاجزًا، كان الكثيرون يحاولون إحباطها بكلمات موجعة، يخبرونها بأنها اختارت المستحيل ينتظرون فرارها بعد تناثر أول شظية للحديد، ولكنها فاجأتهم جميعًا بقوتها وقدرة تحملها ومثابرتها، هى الآن أشهر حدادة بمحافظة الإسماعيلية، يفتخر بها أولادها وأحفادها الذين تعلموا جميعًا منها الصبر والعزيمة.
◄ الحاجة هنية: ورثت «النجارة» من والدي وهى مصدر رزقي الوحيد
الأسطى هنية النجارة أربعة وسبعون عامًا من الشقاء والمتعة، منذ نعومة أظافرها وهى تقف مع والدها الذى كان نجارًا ماهرًا تراقبه وتتعلم منه فى صمت وهى طفلة، لم تكمل الخمس سنوات، وفى عامها الثامن بدأت تشاركه ببعض المساعدات البسيطة، كانت يداها ضعيفتين لا يستطيعا ان يحملا خشبًا ولا تقدر أصابعها الرقيقة أن تدق مسمارًا ولا أن تقطع بمنشار، .. قضت هنية سنوات طويلة تراقب والدها بحب شديد، حتى عشقت مهنته وأدمنت تفاصيلها، وحين اشتد ساعدها وضعفت سواعد والدها بدأت تطبق ما تعلمته منه بمنتهى الحب والتفانى والاحتراف، وفوجئ والدها أنه دون أن يشعر خلق داخلها «أسطى» محترفًا يعمل بنفس كفاءته وحرفته، كبرت هنية وتوفى والدها وبعد أن كانت تساعده فى ورشته، أصبحت مسئولة عن كل عمله وهو مصدر دخلهم الوحيد، كان التحدى لهنية كبيرًا، مازلت صغيرة السن لم تر شيئًا من الحياة ولا تجرؤ حتى على الحلم، ولكنها اعتادت ألا تستسلم لليأس ابدًا، وساعدها فى ذلك عشقها لحرفة والدها. فاتخذت من هذا العشق مهنة حتى عرفها أهل منطقتها وذاع صيت عملها المميز، وحين بلغت سن الزواج وبدأ الخُطاب فى التردد عليها، اختارت نصيبها الذى استكملت معه بقية قصتها، كان زوج هنية مقدرًا لعملها وتعاهدا على الكفاح سويًا وأنجبا من الأولاد سبعًا، عاشت هنية مع أولادها وزوجها وهى تنعم بالحب والاستقرار ولم تكف يومًا عن العمل حتى مرض زوجها واشتد عليها الحمل، وأصبحت تواصل العمل ليلًا ونهارًا وباعت كل ما تملك لعلاجه ولكنه استوفى أجله وفارقها تاركًا لها خمس بنات وولدين وحملًا كبيرًا يكاد يقسم ظهرها، ولكن السواعد التى اعتادت الشقاء منذ الصغر، لن تكل أبدًا، واصلت هنية عملها وخصصت جزءًا من شقتها كورشة عمل للنجارة واستطاعت ان تعلم أولادها السبع وتزوجوا جميعًا، وحتى الآن لم تترك الحاجة هنية منشارها، ومازالت تمارس حرفتها فى منزلها رغم أن أولادها، طلبوا منها أن تكف عن العمل ولكنها دائمًا ماتقول: «دائمًا ما أستعيذ من اليوم الذى لا أستطيع فيه أن أعمل لأن هذا اليوم كفيل أن يكتب فيه نهايتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.