يذكر عبدالوهاب النجار فى كتابه «تاريخ الإسلام» أن خيبر مدينة تبعد عن «المدينةالمنورة» نحو ميل فى شمالها الغربى. كان سكانها من اليهود وأقواهم شوكة، من أشد الناس إيذاءً لرسول الله، فكان سيدهم أبو رافع بن أبى الحقيق من ألد أعدائه ، وكان هو وكعب بن الأشراف فى إيذاء رسول الله كفرسى رهان. فلما استشرى شره أرسل رسول الله، عبد الله بن عتيك الخزرجى، فاحتال له واقتحم عليه حصنه وقتله بين ولده وأهله ليكفى رسول الله شره. ولما قتل أبو رافع ألقى اليهود بمقاليد الرياسة فيهم لأسير بن رزام. وقد قتل أصحاب الرسول «أسيرًا» هذا لمحاولته الغدر: وكان ذلك فى السنة السادسة من الهجرة. ويقول الكتاب نفسه: «إن لليهود فى كل زمان ومكان شهرة بالثروة ووفرة المال والكسب؛ لهذا رغب المخلفون من الأعراب الذين تخلفوا عن الحديبية أن يعرضوا أنفسهم على رسول الله يريدون الخروج معه لقتال أهل خيبر رجاء أن يصيبوا من متاع الحياة الدنيا ما يسد جشعهم، فقال رسول الله للمتخلفين: لا تخرجوا إلا رغبة فى الجهاد. أما الغنيمة فلا أعطيكم منها شيئًا». ثم سار المسلمون حتى نزلوا على خيبر، وحاصروا «اليهود» وحصونهم وافتتحوها حصنًا حصنًا إلا حصنين منها. وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون. وانتهى أمر من كانوا بالحصنين بالتسليم طالبين حقن دمائهم. وبعد أن أتم الفتح رأى رسول الله أن يقر أهل خيبر فى بلدهم ويترك الأرض فى أيديهم يزرعونها بشطر ما يخرج منها؛ إذ قالوا: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها، فصالحهم على ذلك وعلى أنه إذا شاء أخرجهم. وقد استعقب فتح خيبر صلح يهود فدك وتيماء ووادى القرى، وانتهى الأمر ببقاء الأرض فى أيدى سكانها بشطر ما يجتمع منها على نحو ما كان بخيبر، كما أن المسلمين قد أمنوا شر اليهود.. وتستمر الرحلة.