نقيب المهندسين: النقابة في انتظار أصول جديدة تضاف إلى أملاكها    أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق المصرية اليوم السبت    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه في مستهل تعاملات اليوم السبت    أسعار طبق البيض اليوم السبت 28-6-2025 في قنا    التأمين الصحي الشامل يوقّع بروتوكول تعاون لدعم غير القادرين    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 28-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    السلطة القضائية الإيرانية تتهم الوكالة الطاقة الذرية بتسريب المعلومات الخاصة بملفها النووي    ترامب: اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل.. وضغوط أمريكية على نتنياهو لإنهاء الحرب    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين الكونغو ورواندا.. خطوة مهمة نحو الاستقرار الإقليمي    مواعيد مباريات اليوم في بطولة يورو تحت 21 عام والقنوات الناقلة    الهلال يخسر سالم الدوسري أمام مانشستر سيتي    مواعيد مباريات اليوم السبت في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    تعرف على حالة الطقس اليوم السبت بمراكز وقرى محافظة الشرقية    تفاصيل مواصفة امتحان اللغة الأجنبية الأولى للثانوية العامة بالنظامين القديم والجديد    محافظ المنوفية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 73.53%.. ونتائج متميزة للصم والمكفوفين    صور.. العرض الخاص لفيلم "إن شالله الدنيا تتهد"    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : شهداء لقمة العيش!    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حكاية بين الخبز والكتب !!    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    الدكتور علاء الغمراوى: تدشين مبادرة للقضاء على روماتيزم القلب فى أفريقيا    العام الهجري الجديد.. فضائل شهر محرم وأسباب تسميته بهذا الاسم؟    استشهاد 11 فلسطينيا في قصف للاحتلال استهدف خيم النازحين بحى الرمال غربى غزة    وزير خارجية إيران يدين تصريحات ترامب تجاه خامنئي ويصفها بالمهينة    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    مصرع 3 من أسرة واحدة فى انقلاب سيارة من أعلى كوبرى قويسنا بالمنوفية    دون فلتر.. طريقة تنقية مياه الشرب داخل المنزل    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق بمول شهير في العبور    عمرها 16 عاماً ووالديها منفصلين.. إحباط زواج قاصر في قنا    رسالة نارية من أحمد الطيب ل الأهلي بشأن بيع وسام أبو علي.. ويطالب بعودة معلول    ستوري نجوم كرة القدم.. مناسبة لإمام عاشور.. تهنئة شيكابالا لعضو إدارة الزمالك.. رسائل لعبدالشافي    «ملوش علاقة بأداء الأهلي في كأس العالم للأندية».. إكرامي يكشف مفاجأة عن ريبيرو    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    «الجبهة الوطنية»: صرف 100 ألف جنيه لأسر المتوفيين و50 ألف للمصابين بحادث المنوفية    قانون العمل الجديد يصدر تنظيمات صارمة لأجهزة السلامة والصحة المهنية    استمرار تدريبات خطة النشاط الصيفي بمراكز الشباب في سيناء    جامعة الازهر تشارك في المؤتمر الطبي الأفريقي Africa Health ExCon 2025    برئاسة خالد فهمي.. «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    حزب الجبهة يقدّم 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و50 ألفا لكل مصاب بحادث المنوفية    شيماء طالبة بالهندسة.. خرجت لتدبير مصروف دراستها فعادت جثة على الطريق الإقليمي    مصرع صياد وابنه غرقا في نهر النيل بالمنيا    بعنوان "الحكمة تنادي".. تنظيم لقاء للمرأة في التعليم اللاهوتي 8 يوليو المقبل    هدير.. طالبة التمريض التي ودّعت حلمها على الطريق الإقليمي    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    عمرو أديب عن حادث المنوفية: «فقدوا أرواحهم بسبب 130 جنيه يا جدعان» (فيديو)    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    الصحف المصرية: قانون الإيجار القديم يصل إلى محطته الأخيرة أمام «النواب»    لحظة إيثار النفس    «زي النهارده».. وفاة الشاعر محمد عفيفي مطر 28 يونيو 2010    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 28 يونيو 2025    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    نجم الزمالك السابق: الأهلي يرفع سقف طموحات الأندية المصرية    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن عقب آخر تراجع ببداية تعاملات السبت 28 يونيو 2025    شيخ الأزهر ينعى فتيات قرية كفر السنابسة بالمنوفية ضحايا حادث الطريق الإقليمي    طفرة فى منظومة التعليم العالى خلال 11 عامًا    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    فنانة شهيرة تصاب ب انقطاع في شبكية العين.. أعراض وأسباب مرض قد ينتهي ب العمى    اعرف فوائد الكركم وطرق إضافتة إلي الطعام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيمن موسى يكتب: إنقاذ أم تورط؟!.. الحسابات الروسية في علاج الأزمة السورية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 28 - 12 - 2024

للأسف، المقولة التي تؤكد أن العرب لا يتعلمون من دورس التاريخ، تثبتها العديد من الأنظمة العربية عبر التاريخ، وقليلا منهم فقط من يدرك أن التغيير هو سمة الحياة، وأن الركود والثبات لا يؤديان إلى أى تقدم أو إنجاز، وقبل كل شيء إدراك حقيقة هامة، وهى أن مقومات الدولة وإن كانت ثلاثة أضلاع وأهمها الشعب والأرض، أما الحكومة أو السلطة فهى ليست ضلعا قائما بذاته في هذه المعادلة، وإنما هو ضلع خرج من صلب ضلع الشعب، وتأصل عبر الضلع الثانى وهو الأرض.
روسيا وضرورة التركيز على الدور الإنساني في سوريا
والحقيقة أن السقوط المهين للنظام الحاكم فى سوريا بقيادة الأسد، سواء الأب أو الابن، واللذين لم يكونا فى أى يوم من الأيام أسدين سوى على شعبهما المسكين، هذا السقوط عاهدناه من قبل بالنسبة لنظام صدام والقذافى، حيث فوجئنا ليس بين ليلة وضحاها بل فى سويعات بسيطة باختفاء الجيوش، وكأنها لم تكن، وهو الشيء الذى إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية أن تكون السلطة وطنية والجيش وطنيا، ويخرجان من صلب الشعب، وليس مجرد فئة أو طائفة محددة منه.
روسيا مع الشعب السوري
◄ جيش مصر الوطني
لماذا يعتبر الجيش المصري مثالًا يحتذى به عبر التاريخ، لأنه فعلا وواقعيا جيش وطنى خرج من صلب الشعب المصري، وعندما يقف الجندى على الجبهة فهو يحمى أمه وأباه وإخوته وأحباءه وتاريخه ومستقبله، فهو يتمسك بكل حبة رمل فى أرض هذا الوطن الذى يشعر بإيمان راسخ أنه بيته وملاذه الأول والأخير، لذلك لا أتصور بأى حال من الأحوال أن يترك الجندى المصرى سلاحه وموقعه ويفر تاركا وطنه فريسة لأى من يكون، مثلما شهدنا فى أحداث مؤسفة فى دول أخرى ليست ببعيدة عنا، وما حدث بهذه الدول إنما يدل بكل ثقة على أن من كانوا يتولون السلطات بها لم يكونوا وطنيين حقا ولم يكونوا يسهرون على خدمة الشعب ورفعة الوطن، بل هم لا يختلفون عن أعداء أوطانهم فسلموا هذه الأوطان هكذا ببساطة، وآثروا استكمال مسلسلاتهم فى النهب والسرقة كأسوأ أنواع اللصوص قبل أن يفروا جبناء يلعنهم التاريخ.
وبعيدًا عن توصيف ما حدث في سوريا وأسبابه، والتى لاشك فى أن التاريخ سيقول كلمته الصادقة عنها وسيظهر بكل وضوح حقيقة أبطال كل حقبة ووجوههم الحقيقية، ويسقط عن كل أفاق قناعه أو حتى أقنعته، ويظهر حقيقته أمام شعبه وشعوب العالم بأسره، بعيدا عن هذا كله استرعانى رد فعل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن الأحداث فى سوريا، والتى لم يتوقف عندها كثيرا فى حواره السنوى مع شعبه، حيث أكد بوتين الذى يحترم شعبه ويحرص على الحوار المباشر والمنتظم معه أن روسيا لم تنهزم فى سوريا.
■ شعوب الشرق الأوسط مازالت تثق في الرئيس الروسي
◄ سؤال الروس!
هذا الأمر حقيقي مائة بالمائة، وعلى كل من يتساءل أين كانت روسيا عندما وقع نظام بشار الأسد عليه أن يرجع إلى الوراء فى مرحلة ما قبل تدخل روسيا فى سوريا، فى سبتمبر 2014، وربما قبل ذلك أيضاً، وفى بداية الأحداث فى سوريا 2011، كانت روسيا تردد دائما عبر وسائل الإعلام وفى اللقاءات الدبلوماسية والسياسية أنه لا يعنيها نظام بشار الأسد أو غيره، وإنما يعنيها مصير الشعب والدولة السورية ذاتها، وكان الروس وقتها وخلال لقاءاتهم الكثيرة مع مسئولى مُختلف الدول سواء العربية أو فى الشرق الأوسط أو غيرهم، يتساءلون عمن يمكن أن يخلف الأسد فى حال تنحيه عن الحكم، وحتى لا تسقط سوريا فى أتون الفوضى (مثلما هى الحال حاليا)، والمدهش هنا أن كل من كان ينتقد الروس لما يدعونه من مؤازرة نظام بشار الأسد لم يكن لديه إجابة أو تصور عمن يمكن أن يخلف الأسد أو شكل الدولة بعد التغييرات التى يطالبون بها.
◄ مغناطيس سوريا
مرة أخرى، لو ألقينا نظرة سريعة على مرحلة ما قبل تدخل روسيا فى سوريا، سنرى أن سوريا كانت بمثابة المغناطيس الذى يجتذب مختلف العناصر الإرهابية من مختلف دول العالم، بل وكانت تجتذب الكثير من الشباب الباحث عن المغامرة، وتغيير نمط حياته الممل فيقع بسهولة فى براثن الإرهاب، وكان عدد كبير منهم من أبناء مختلف الأقاليم الروسية ودول آسيا الوسطى، حيث كان بعضهم يعود لينفذ عمليات إرهابية أو يقومون بتجنيد العناصر عبر الإنترنت لتنفيذ العمليات سواء بدافع البحث عن المغامرة والمتعة أو بدافع الطمع والبحث عن المال السهل، أو ببساطة بسبب ضعف المعلومات والإدراك الصحيح، فيصبحون فريسة سهلة لتشويه المعلومات والمعتقدات.
لم يكن أمام روسيا من بد وقتها سوى العمل على ضرب هذه العناصر فى منبعها الإرهابى قبل أن تصل إلى أراضيها بسمومها المميتة، وكان ذلك من أهم الأهداف التى أعلنتها روسيا عند إرسال باكورة قواتها إلى سوريا.
الشيء الآخر، والأكثر أهمية هو طبيعة مهمة القوات الروسية فى سوريا، فقد أكدت روسيا وقتها أنها لم تأتِ إلى سوريا لتحارب بدلا من الجيش السورى أو لتحارب الشعب السوري، بل أتت لكى تساعد السوريين على مواجهة الإرهاب، والدليل القوى على ذلك هو أن القوات الروسية لم تكن تقصف القرى السورية أو التجمعات السكانية السورية، وكانت أغلب عمليات القوات الروسية تدور فى مجال الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية أو المساعدة فى التصدى للجماعات المسلحة التى تهدد أمن المدنيين العزل.
◄ مجموعة الشيشانية
المعروف أن أهم وحدات القوات الروسية فى سوريا كانت هى مجموعة أحمد الشيشانية، والتى كان يقودها رئيس البرلمان شخصيا، وكان ظهور هذه العناصر فى مختلف الأماكن فى سوريا يعطى الناس شعورا بالطمأنينة، وحتى بعض المجموعات والعناصر المسلحة كانت تبادر بتسليم نفسها إلى هذه القوات خوفا من التنكيل بهم من جانب المجموعات المسلحة الأخرى فى حال تخليهم عن السلاح وسفك الدماء.
وبالفعل تمكنت روسيا من تحقيق هدفها الرئيسي، وهو القضاء على إمكانيات تشكيل تهديدات إرهابية ضدها وضد دول الاتحاد السوفيتى السابق انطلاقا من سوريا.
أما الهدف الآخر، والذى لا يقل أهمية فهو دحر الإرهاب فى مهده، والإرهاب المقصود هنا هو تنظيم الدولة الإسلامية، الذى شكله الغرب ليبث سمومه فى دول المنطقة، وكل من يمثل منافسة للنفوذ الغربى فى أى مكان، حيث نجحت روسيا من خلال قاعدتيها فى سوريا، وبالتنسيق مع مختلف الدول فى العالم العربى والشرق الأوسط فى توجيه ضربات مهلكة لتنظيم داعش والدولة الإسلامية وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وهو ما قلل كثيرا من خطر هذه التنظيمات على دول المنطقة التى كان ينبغى أن تشعر بالامتنان للإسهام الروسى فى هذا المجال.
◄ عملية «أستانا»
والحقيقة، أن الدور الروسى فى سوريا لم يقتصر على العمليات القتالية، مع تكرار أن روسيا لم تصل سوريا لتحارب مكان أحد أو لتصبح طرفا فى النزاع هناك، ولكنها حرصت على بذل الجهود لإقامة الحوار بين فصائل المعارضة والسلطة حيث أطلقت ما يعرف بعملية «أستانا»، التى كانت تعتبر فرصة جيدة من أجل السلام والتسوية فى هذا البلد، وهما الهدفان اللذان بدا أنهما ليسا من أهداف من يشعلون الأحداث والنزاع فى هذا البلد، حيث شهدت مراحل عملية «أستانا» وضعا مختلف الشروط التعجيزية والمقترحات غير البناءة لإطالة أمد العملية دون جدوى ملموسة، حتى أن الروس كانوا فى بعض الأحيان يعربون عن تشككهم فى صدق رغبة أطراف المحادثات فى التسوية السياسية الحقيقية.
كما أكد الكثير من المسئولين الروس منذ وصولهم سوريا على وجود مشاكل كثيرة ومستعصية، والتى بدون إيجاد حلول لها ستسقط الدولة دون شك، فقد أشار مسئولون أمنيون فى روسيا إلى أن المخابرات الإسرائيلية متوغلة بشكل مخيف وسط مختلف السلطات والأروقة فى سوريا، والأخطر من ذلك هو أن الفساد منتشر بشكل سرطانى فى أوصال هذا البلد، وأن الجيش فى حال يرثى لها، ويحتاج تنشيط التدريب على نطاق واسع، إلا أنه تبين أن قيادات الجيش منشغلة فى أمور أخرى لا علاقة لها بالعمل العسكرى مثل الأنشطة التجارية والأعمال الخاصة والنهب والسلب، وحتى الاتجار بثروات الدولة بشكل غير مشروع.
وتؤكد المصادر الروسية أن هؤلاء لم يكتفوا بالانشغال عن الفساد والسلب والنهب عن أعمال الدولة فقط، بل تعدوا ذلك لمساومة كل من يرغب فى الفرار بنفسه وأسرته من جحيم الحرب للتنازل عن ممتلكاته فى الداخل مقابل السماح لهم بالسفر وتسهيل الحصول على الأوراق المزورة للهروب.
لسنا فى هذا المقام بصدد تحليل سقوط لست أقول سوريا ولكن النظام السورى المستبد الدموي، الذى آل على نفسه ألا يسقط إلا ومعه الدولة والشعب، ولكن ما أريد تسليط الضوء عليه هو أن غالبية وسائل الإعلام فى روسيا قد انبرت فور الأحداث؛ لتنفى عن روسيا التسبب فى سقوط سوريا أو التآمر على سقوطها أو حتى العجز عن مساعدتها على عدم السقوط.
◄ اختزال المشكلة
وقد فضلت ربما غالبية وسائل الإعلام والكثير من المسئولين فى روسيا اختزال المشكلة السورية فى عنصر واحد فقط، وهو مصير القواعد العسكرية الروسية فى هذا البلد، وإن كنت شخصيا أعتقد أن روسيا ربما تكون وسط حالة من الذهول مما حدث، لكنها دون شك ستقف وقفة جادة مع النفس لدراسة ما حدث واستخلاص الدروس مع الوضع فى الاعتبار الكثير من العوامل الهامة التى ساعدت فى الوصول إلى هذه النتيجة وعلى رأسها..
عندما تحدث مسئولون أمنيون فى روسيا عن توغل المخابرات الإسرائيلية فى أعماق السلطة السورية، فهل ذات المسئولين يضعون فى اعتبارهم تصريحات صدرت عن مسئولين أمنين إسرائيليين سواء فى السلطة أو خارجها، وتتحدث عن تنسيق محكم مع روسيا فيما يخص الشأن السورى سواء على المستوى الرسمى وهو أمر مفهوم أو غير الرسمى وهو الأمر الذى يحتاج لدراسة عميقة جدا فى روسيا.
هل واجه الروس القيادة السورية بالمشاكل الحقيقية التى تنخر فى الجسد السورى بسبب الفساد والقهر والجرائم ضد الإنسانية، وإذا كان الأمر كذلك ولم تبدِ القيادة أى رد فعل، فكيف قرر الروس مواصلة مساعدة هذا النظام فى ظلمه، أم كان لروسيا رأى آخر، وهذا الرأى أدى إلى النتيجة التى وصلنا إليها اليوم.
◄ المتسبب الحقيقي
من المتسبب الحقيقى فى تعطيل التسوية السياسية، أم إن ما نحن بصدده اليوم هو جانب من هذه التسوية المتاحة.
تناولت الكثير من الكتابات فى روسيا الدور التركى فى المنطقة وحقيقة المطامع التركية وهو ما أثبتته الأحداث فى تركيا، وبالتالى يجب أن تعيد روسيا إعادة قراءة تعاونها وعلاقاتها مع تركيا على ضوء هذه الأحداث.
ما حققته روسيا فى العقود الأخيرة من تقدم فى علاقاتها مع دول إفريقيا، ومختلف مناطق العالم وعلى الأخص على صعيد الدعوة لبناء نظام عالمى متعدد الأقطاب لن يمر دون رد فعل عنيف وتآمرى من جانب الغرب، وعلى روسيا ومن يؤيدها فى مساعيها أن يستعد لصد المؤامرات الغربية التى لن تخلو من إراقة الدماء وهدم أركان الدول.
اللعبة من بدايتها لنهايتها لا دخل للقيم والأخلاقيات بها، بل هى تمس المصالح فى المقام الأول، والغرب الذى بنى حضارته وتقدمه على أساس ثروات الدول الفقيرة لن يترك لها الفرصة بسهولة للاستفادة من هذه الثروات أو منعه من الوصول إليها.
لقد لخص الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الأحداث فى سوريا بأن إسرائيل هى المستفيد الأول منها، وهذا أمر حقيقي، فهل ستستطيع روسيا أن تقنع دول المنطقة بما تحيكه إسرائيل وحلفاؤها بهم وتتعاون معهم لكشف أبعاد المؤامرات قبل وقوع المحظور.
ما حدث في سوريا ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة، ستطول بعض حلقاتها بكل تأكيد الدولة الروسية ذاتها، فهل ستعمل روسيا على تعزيز تنسيقها وتعاونها مع دول المنطقة لإجهاض هذه المخططات.
◄ القواعد العسكرية
أما بالنسبة لموضوع القواعد العسكرية الروسية في سوريا أو حتى نقلها فى ليبيا فلا يخفى على أحد أنه من أهداف إسقاط الدولة السورية هو إجبار روسيا على سحب هذه القواعد وإضعاف صورتها وسط العالم العربى والشرق الأوسط وإفريقيا، بل وتأكيد أنه لا مستقبل حقيقى لتعزيز التعاون معها أو مجرد الحلم ببناء نظام عالمي عادل يقوم على أساس التعددية القطبية، لكن لو تمكنت روسيا من التوصل لصيغة تفاهم مع السلطات القادمة فى سوريا فستكون بذلك قد ضربت المتآمرين فى مقتل حيث حافظت على قواعدها فى سوريا وفي نفس الوقت ربما تتمكن من إعادة فتح قواعدها السابقة فى ليبيا.
كل هذا يظل مجرد افتراضات تتوقف فى المقام الأول على نجاح روسيا فى إعادة الحسابات، ومواجهة الأمر الواقع وهو الأمر الذى يقول إن التواجد الروسى فى سوريا لم يحل دون سقوط النظام والدولة السورية، فما الذى سيدفع الدول الأخرى للثقة فى إمكانيات التعاون مع روسيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.