ذات صباح أعلن شعاع شمس عصيانه وتمرده ضد مساره الإجبارى وقرر أن يتجول كما يحلو له متخليًا عن مهمته - التى يراها صغيرة - فى رحلته اليومية بالوصول إلى نبتة فى جحر فقير الضوء وسأل نفسه مستنكرًا لماذا لا يكون مسارى مميزًا كأقرانى؟ ولم لا أسير نحو الأشجار المورقة لهذا المنتجع أو تلك الزهور المبهجة فى (لاند سكيب) الحى الراقى أو حدائق القصر الملكى النادرة؟.. لماذا تتجاهلنى قائمة المهمين؟.. وانتفض صارخًا إذا كانت الشمس قد فرضت أوقات خروجى وعودتى فسأختار وحدى طريقى وأنتزع مكانتى.. وصاح فى زهو وغرور.. يليق بى الأحسن ولست أقل من أصحاب المهمات الكبرى.. وبدأ شعاعنا الهمام التنقل هنا وهناك يزاحم غيره أدوارهم، ليكتشف أنه غير مرغوب فيه،، تلفظه تلك الأماكن، تقتله الحسرة من سخرية الآخرين على تطلعه غير المحسوب.. فعاد خاسئًا نادمًا ليجد نبتته على وشك الموت حيث كانت تنمو بوجوده وكان حضوره لها هو الحياة نفسها، فى حين أنه كان فى عوالم من فرض نفسه عليهم فارغًا بلا تأثير.. فأدرك أن أعظم أدواره أن يكون مؤثرًا فى حياة من كلفه القدر برعايتهم وتأكد أن الشمس لم ترسله عبثًا إلى النبتة، بل لتكون هى مبررًا لأهميته وعزًا لدور.. فلا تقلل من أهمية دورك سواء كنت أبًا أو أمًا أو زوجة أو أخًا أو صديقًا، فهناك وظيفة خلقت لتلعبها وكل ميسر لما خلق له وتيقن بأن خالق ومنظم الكون (من الذرة إلى المجرة) صنعك لما تستطيع وأنك عظيم ولو اقتصر دورك على عش صغير - إن أجدت رعايته - ملكًا متوجًا لا يحق له التخلى عن عرشه ليكون مجرد (خيال مآتة) فى قصور الآخرين.. فأنت بما تنفع ومن تنفع وإن غابوا أصبحت شعاعًا بلا ظل.