عقب عملية الدهس التي استهدفت سوق الميلاد في ماجديبورج، تواجه الحكومة الألمانية انتقادات تدور حول معرفة ما إذا كان ممكنا توقيف السعودي المشتبه به في وقت أبكر. وسألت صحيفة "بيلد" الأكثر قراءة في البلد في افتتاحية نشرت اليوم الأحد 22 ديسمبر، "لماذا؟". لماذا لم يضبط هذا الطبيب الخمسيني الذي يشتبه في أنه تسبب بمقتل 5 أشخاص وجرح أكثر من مئتين مساء الجمعة، في ظلّ المؤشّرات الخطرة الكثيرة التي بدرت منه خلال السنوات الأخيرة في ألمانيا؟ اقرأ أيضًا: مصرع 4 أشخاص جراء اصطدام طائرة هليكوبتر للإسعاف بمستشفى في تركيا وهو مثل أمام قاض السبت ووضع في السجن على ذمّة التحقيق. وأفادت مجلّة "دير شبيجل" بأن المخابرات السعودية وجّهت قبل سنة تنبيها إلى نظرائها الألمان بشأن طالب جواد العبد المحسن، على خلفية تغريدات هدّد فيها ألمانيا بدفع "ثمن" معاملتها للاجئين السعوديين. وبقي ذاك التنبيه حبرا على ورق، في حين كان الرجل يكثّف الخطابات العنيفة المشحونة بالكراهية. وهو ما انفكّ يتّهم ألمانيا بأنها لا تحمي بما فيه الكفاية السعوديين الفارين من بلدهم بسبب التشدّد، في حين أنها كانت تستقبل بصدر رحب مسلمين متشدّدين من بلد آخر. عجز الإدارة وفي آب/أغسطس الماضي، كتب على حسابه في اكس "هل من سبيل إلى العدالة في ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو ذبح مواطنين ألمان عشوائيا؟ أبحث عن هذا السبيل السلمي منذ كانون الثاني/يناير 2019 ولم أجده بعد". وفي العام 2013، فرضت عليه غرامة في روستوك "للإخلال بالأمن العام" و"التهديد بارتكاب جرائم". وهو كان حتّى يثير المخاوف في أوساط الجالية السعودية في ألمانيا. وقالت عنه مينا أحدي، رئيسة المجلس المركزي للمسلمين السابقين إنه "مضطرب عقليا يميني متشدّد يعتنق نظريات المؤامرة" ويكره كلّ من لا يشاركه كراهيته. والعام الماضي، قيّمت الشرطة الألمانية "الخطر" الذي قد يشكّله وخلصت إلى أنه لا يمثّل "خطرا معيّنا"، بحسب ما أوردت صحيفة "دي فيلت" الأحد. وعشّية الهجوم، تجاهل الطبيب النفسي السعودي استدعاء قضائيا في برلين على خلفية تنديد صاخب في مركز للشرطة رفض تسجيل شكواه، وفق وسائل إعلام ألمانية. وصرّحت أليس فايدل، زعيمة اليمين المتطرّف في ألمانيا إن "عجز الإدارة الذي سمح بواقعة ماجديبورج يتركنا في حالة صدمة". جدل سياسي وطالب حزبها "البديل من أجل ألمانيا" بجلسة استثنائية في مجلس النواب حول الوضع الأمني "الكارثي" في البلد. والأمر سيان بالنسبة إلى اليسار الراديكالي الذي طالبت زعيمته ساره فاغنكنشت بتفسيرات بعد "تجاهل هذا العدد الكبير من التحذيرات". وفي نهاية الأسبوع، تقاطر المسؤولون الألمان إلى موقع الحادثة في ماجديبورج (شرق ألمانيا) حيث قضى صبيّ في التاسعة وأربع نساء تتراوح أعمارهن بين 45 و75 سنة وأصيب أكثر من مئتي شخص بجروح مساء الجمعة. وحصيلة الضحايا مرشّحة للارتفاع، إذ إن حوالي أربعين شخصا يعاني إصابات خطرة، بعدما هاجم طالب جواد العبد المحسن الحشود في السوق الميلادية بسيارة من طراز "بي ام دبليو" كان يقودها بسرعة فائقة. ويتوجّه الوزير الفرنسي المكلّف شؤون أوروبا بنجامان حداد بعد ظهر الأحد إلى ماجديبورج "للإعراب عن دعم فرنسا للشعب الألماني". ودعا المستشار أولاف شولتس الألمان إلى "التعاضد" غير أن هجوم ماجديبورج يزيد من الانتقادات الموجّهة إلى ائتلافه في خضمّ الحملة الانتخابية.