أيادٍ خفية كانت وراء السقوط الرهيب للجيش السورى! يخطئ كثيراً كل من يعتقد أن سقوط العاصمة السورية دمشق وغيرها من المدن الكبرى يعنى استقرار الأوضاع هناك وخاصة بعد هروب الرئيس بشار إلى موسكو. لقد تابع العالم كله تصاعد الأحداث واستيلاء الجماعات الإسلامية المسلحة على كل النقاط الحصينة والمؤسسات العسكرية دون أى محاولة للدفاع عنها من قبل الجيش السورى الذى اختفى تماماً من الميدان كما اختفى معه المدد والدعم الذى كان مفترضاً من حليفيه روسيا وإيران وجماعات ما يسمى بالمقاومة على رأسها حزب الله. عاشت سوريا حرباً غير متكافئة فرغم وجود الجيش السورى النظامى وعشرات القواعد العسكرية إلا أن السقوط السريع أمام الجماعات المسلحة يؤكد بما لا يدع مجالاً لأى شك أن هناك أيادى خفية كانت وراء ذلك. تابعنا جميعاً فرحة الشعب السورى بسقوط نظام بشار الأسد بكل الاتهامات التى ستظل تلاحقه وهى الفرحة التى يجب أن نحميها ونذود عنها لأن المهم ليس سقوط النظام ولكن المهم الآن هو استمرار حالة الوفاق التى تجمع كل الفرقاء الذين ساهموا بطريقة أو أخرى فى إسقاط بشار وأيضاً الحفاظ على الجيش السورى بكل ماله من رصيد عسكرى. إن قراءة سريعة للموقف تؤكد أن فرحة الشعب السورى تتربص بها مخاطر كثيرة يأتى فى مقدمتها خطر التقسيم والذى بدأت بعض الجماعات القبلية التمهيد له وعلى حين يعيش الشعب السورى أفراحه بسقوط النظام تسعى إسرائيل جاهدة لتنفيذ بعض أوراق أجندة توسعاتها فيما يسمى بالشرق الكبير. قامت باحتلال مناطق كثيرة على طول الحدود وإنشاء ما يسمى بالمناطق الآمنة وهو الاحتلال الذى لم يدنه أحد من الجماعات المسلحة التى قامت بالثورة ضد بشار. وفى الوقت الذى يتصدر فيه أحمد الشرع قادة الجماعات التى قامت بالثورة فإن هناك عشرات غيره من القادة الذين لعبوا مع جماعاتهم دوراً كبيراً فى إسقاط النظام. دعونى أقل بكل الصراحة أن كعكة الثورة سوف تصبح مطمعاً لبعضهم ويجب على الجميع عدم الوقوع فى شرك الانقسام لأنه سيكون دعوة مجانية لبعض القوى الخارجية للتدخل، لقد ظهر أحمد الشرع فى العديد من وسائل الإعلام الأمريكية فى الوقت الذى لا يزال فيه أحد المطلوبين للسلطات الأمريكية بتهمة الإرهاب. غير أن لغة المصالح قد تؤدى لرفع اسمه من قوائم الإرهاب. أيام قليلة مرت على ما سمى بالثورة السورية غير أنها شهدت زخماً شديداً وعجلة من جانب جماعة الشرع والتى سارعت بتشكيل حكومة مؤقتة وبدأ قائدها الحديث عن نيته فى عقد اتفاقيات للدفاع المشترك مع دول لم يسمها. أعلن الشرع عن تفكيك بعض القوى الأمنية التى كانت تابعة لحكومة بشار. أصدر أوامره بالإفراج عن كل المسجونين دون تفرقة بين السياسيين والجنائيين وحديثه عن إلغاء التجنيد و400٪ زيادة فى المرتبات ..شهدت بعض مرافق سوريا حالة من الفوضى والنهب والسرقة والاستيلاء على بعض الاسلحة التى كانت تابعة للأمن.. خطوات كثيرة قام بها دون وجود أى حوار أو نقاش مع بقية الجماعات السورية بل وأعلن تشكيل لجنة دون ان يسميها لاعادة كتابة دستور جديد. نتمنى السلامة للشعب السورى الشقيق.. فهو وحده صاحب الحق فى رسم معالم اليوم التالى والذى يبدو أن معالمه لم تتضح بعد وربما لا تبشر بالخير!! نتمنى ألا يولد دكتاتور جديد بديلا لدكتاتور رحل.