انخفاض أسعار النفط بعد الارتفاع المفاجئ في المخزونات الأمريكية    سعر الذهب اليوم الخميس يصل لأعلى مستوياته وعيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 22 مايو بسوق العبور للجملة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 22 مايو 2025    إسرائيل تعترض صاروخا قادما من اليمن    زعيم كوريا الشمالية غاضبا بعد فشل تشغيل سفينة حربية: إهمال لا يمكن أن يغتفر    زلزال قوي يضرب القاهرة والجيزة وبعض محافظات مصر    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    يصيب الإنسان ب«لدغة» وليس له لقاح.. تفاصيل اكتشاف فيروس غرب النيل في دولة أوروبية    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    نماذج امتحانات أولى ثانوي 2025 بالنظام الجديد.. رابط مباشر    رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    القيمة المضافة.. الصناعات الزراعية أنموذجا    قبل ساعات من محاكمته.. إصابة إمام عاشور بوعكة صحية ونقله للمستشفى    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 22-5-2025    إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    5 شهداء جراء استهداف الاحتلال منزلا في حي الصفطاوي شمالي غزة    بعد استهداف الوفد الدبلوماسي، كندا تستدعي السفير الإسرائيلي وتطالب بالمحاسبة    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    هذا أنا مذكرات صلاح دياب: حكاية جورنال اسمه «المصرى اليوم» (الحلقة الثالثة)    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    أرباح إيسترن كومبانى تنمو 36% خلال 9 أشهر.. بدعم 27 مليار جنيه إيرادات    أموريم: كنا أفضل من توتنهام.. وسأرحل إذا أراد مانشستر يونايتد إقالتي    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    توقعات حالة الطقس اليوم الخميس    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    بعد انخفاضه لأدنى مستوياته.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس 22 مايو 2025    السعودية تدين وتستنكر تعرض وفد دبلوماسي لإطلاق نار إسرائيلي في مخيم جنين    رئيس جنوب أفريقيا: نرحب بالاستثمارات الأمريكية ونتوقع زيارة من ترامب    مراسم تتويج توتنهام بلقب الدوري الأوروبي للمرة الثالثة فى تاريخه.. فيديو وصور    كندا تطالب إسرائيل بتحقيق معمّق في واقعة إطلاق النار على دبلوماسيين بالضفة الغربية    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    الهلال ينجو من خسارة جديدة في الدوري السعودي    كيف تغلبت ياسمين صبري على التصميم الجريء لفستانها في مهرجان كان؟ (صور)    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    وزير الزراعة يحسم الجدل حول انتشار وباء الدواجن في مصر    لحظة وصول بعثة بيراميدز إلى جوهانسبرج استعدادا لمواجهة صن داونز (صور)    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القريب والبعيد فى سوريا (1 )
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 17 - 12 - 2024

‬سقط ‬الأسد.. ‬دخل ‬الجولانى ‬المسجد ‬الأموى ‬فى ‬مشهد ‬سينمائى.. ‬لكن ‬يبقى ‬السؤال ‬بين ‬السقوط ‬والدخول ‬هل ‬تحكم ‬الأول ‬فى ‬قرار ‬سوريا ‬فى ‬سنوات "‬الثورة"‬؟ ‬وهل ‬سيحدد ‬الثانى ‬مصير ‬سوريا ‬فى ‬المستقبل ‬؟ ‬يبدو ‬الاثنان ‬واجهات ‬لأصحاب ‬القرار ‬الحقيقى ‬سواء ‬الأسد ‬الذى ‬مضى ‬والجولانى ‬الذى ‬حضر ..‬لماذا ‬؟ ‬لأن ‬لعبة ‬سوريا ‬أكبر ‬من ‬رئيس ‬هارب ‬وجهادى ‬متحول. ‬
تدفعنا ‬الأحداث ‬المتلاحقة ‬والحادة ‬فى ‬سوريا ‬إلى ‬متابعتها ‬عبرمستويات ‬متعددة.‬
يتعلق ‬هذا ‬المستوى ‬بدور ‬جماعة ‬الإخوان ‬والتى ‬نجدها ‬دائمًا ‬فاعلا ‬رئيسيًا ‬وراء ‬كافة ‬أحداث ‬العنف ‬التى ‬اندلعت ‬فى ‬سوريا ‬منذ ‬مايزيد ‬عن ‬عقد ‬وأيضا ‬كلاعب ‬ووسيط ‬مؤثرفى ‬الصفقات ‬الاستعمارية ‬/ ‬الإقليمية.‬
بعيدًاعن ‬تعدد ‬مسميات ‬فصائل "‬المعارضة ‬المسلحة " ‬فالعمود ‬الفقرى ‬لهذه ‬الفصائل ‬التى ‬ترفع ‬الشعارات ‬الدينية ‬هو ‬حركتها ‬تحت ‬المظلة ‬الإخوانية / ‬التركية ‬يمكن ‬فهم ‬عمل ‬هذه ‬المظلة ‬وتحكمها ‬فى ‬حركة ‬الفصائل ‬وعلى ‬رأسها ‬هيئة ‬تحرير ‬الشام ‬بالعودة ‬إلى ‬الصيف ‬الماضى ‬كنموذج. ‬
تحكمت ‬هيئة ‬تحرير ‬الشام ‬بقيادة ‬الجولانى ‬فى ‬أدلب ‬وأقامت ‬ما ‬يسمى ‬بحكومة ‬الإنقاذ ‬والتى ‬تولت ‬إدارة ‬المنطقة ‬على ‬مدار ‬خمس ‬سنوات ‬وكانت ‬العلاقات ‬بين ‬المظلة ‬الإخوانية / ‬التركية ‬والهيئة ‬جيدة ‬إلى ‬أن ‬بدأ ‬الجولانى ‬يحاول ‬الخروج ‬من ‬تحت ‬هذه ‬المظلة ‬عن ‬طريق ‬الخدمات ‬التى ‬قدمها ‬للولايات ‬المتحدة ‬أولا ‬بضرب ‬عناصر ‬داعش ‬وجماعة ‬حراس ‬الدين ‬التابعة ‬للقاعدة ‬وتصديه ‬بشراسة ‬للنفوذ ‬الإيرانى ‬لصالح ‬نفس ‬الطرف ‬وهو ‬الولايات ‬المتحدة ‬بالإضافة ‬إلى ‬تقديم ‬خدمات ‬للاتحاد ‬الأوروبى ‬فى ‬فحص ‬ماضى ‬كل ‬من ‬يصل ‬إلى ‬أوروبا ‬متسللا ‬أو ‬لاجئا ‬وعلاقته ‬بداعش ‬أو ‬القاعدة،امتدت ‬علاقات ‬الجولانى ‬وهيئته ‬إلى ‬روسيا ‬فقاما ‬بدور ‬الوسيط ‬لتزويد ‬المناطق ‬الخاضعة ‬للنظام ‬السورى ‬باحتياجاتها ‬من ‬الوقود ‬والغذاء ‬عبر ‬المعابر ‬الحدودية. ‬
أتاحت ‬شبكة ‬العلاقات ‬المتشعبة ‬للهيئة ‬والجولانى ‬التمرد ‬على ‬المظلة ‬الإخوانية /‬التركية ‬وأراد ‬أن ‬يلعب ‬لحساب ‬نفسه ‬رافضًا ‬أن ‬يكون ‬خاضعًا ‬للوصاية ‬التركية / ‬الإخوانية ‬ولماذا ‬يخضع ‬وهو ‬على ‬اتصال ‬بالقوى ‬الدولية ‬أمريكا ‬وأوروبا ‬وروسيا ‬أيضا..‬إذا ‬فالوسطاء ‬يمتنعون.‬
مع ‬بداية ‬التحضير ‬التركى ‬لعملية ‬إسقاط ‬الأسد ‬وربط ‬شبكة ‬المصالح ‬والتطمينات ‬من ‬واشنطن ‬إلى ‬موسكو ‬وبينهما ‬تل ‬أبيب ‬والتى ‬امتدت ‬إلى ‬طهران ‬وداخل ‬النظام ‬السورى ‬أيضًا ‬وضعت ‬المظلة ‬التركية / ‬الإخوانية ‬هيئة ‬تحرير ‬الشام ‬وزعيمها ‬الجولانى ‬كرأس ‬سهم ‬للعملية. ‬
‬عند ‬بدء ‬المفاوضات ‬أتضح ‬أن ‬الجولانى ‬هو ‬مفاوض ‬جيد ‬بالمناسبة ‬غير ‬راضى ‬عن ‬حجم ‬تواجده ‬فى ‬العملية ‬أو ‬تلقى ‬أوامر ‬قادمة ‬من ‬أنقرة ‬دون ‬نقاش ‬أراد ‬الجولانى ‬البرجماتى ‬كعادته ‬أن ‬يصبح ‬فاعلا ‬رئيسيًا ‬ويحصد ‬أكبر ‬المكاسب ‬وأولها ‬رجل ‬سوريا ‬القادم ‬وأن ‬تدار ‬كافة ‬الأمور ‬من ‬خلاله، ‬تدخلت ‬هنا ‬المظلة ‬التركية / ‬الإخوانية ‬لتعيده ‬إلى ‬حجمه ‬وأن ‬أى ‬مكاسب ‬يحصل ‬عليها ‬لن ‬تتم ‬إلا ‬من ‬خلال ‬إرادة ‬الوسيط ‬التركى.‬
اندلعت ‬فجأة ‬فى ‬الصيف ‬الماضى ‬بكافة ‬المناطق ‬التى ‬يسيطر ‬عليها ‬الجولانى ‬وهيئته ‬مظاهرات ‬شعبية ‬عنيفة ‬تطالب ‬برحيله ‬وعمليات ‬اغتيال ‬وتمرد ‬فى ‬الدائرة ‬المقربة، ‬أمام ‬هذه ‬الصدمة ‬أعلن ‬الجولانى ‬أن ‬هذه ‬المظاهرات ‬والاغتيالات ‬والتمردات ‬من ‬تدبير ‬جماعة ‬الإخوان ‬بدعم ‬تركى ‬أمام ‬فشله ‬فى ‬السيطرة ‬على ‬الوضع ‬وحدة ‬الرسالة ‬عاد ‬الجولانى ‬أسفا ‬تحت ‬المظلة ‬مع ‬تقاسم ‬مكاسب ‬محسوبة ‬تتعلق ‬بوضعه ‬السياسى ‬فى ‬مرحلة ‬مابعد ‬الأسد.‬
‬لذلك ‬فالجولانى ‬الذى ‬اتهم ‬الإخوان ‬بتدبير ‬المظاهرات ‬يأتى ‬بحكومة ‬إخوانية ‬ويستقبل ‬مدير ‬المخابرات ‬التركية ‬إبراهيم ‬قالن ‬استقبال ‬الفاتحين ‬فى ‬الجامع ‬الأموى ‬الذى ‬دخله ‬الجولانى ‬فى ‬مشهده ‬السينمائى. ‬
هل ‬هذا ‬المستوى ‬يعطى ‬صك ‬البراءة ‬للنظام ‬السورى ‬من ‬كارثة ‬ما ‬أحاط ‬بسوريا ‬؟ ‬بالتأكيد ‬لا.. ‬لقد ‬أعطى ‬هذا ‬النظام ‬المبررات ‬الطائفية ‬والمذهبية ‬للغرب ‬وأتباعه ‬عندما ‬فتح ‬أبواب ‬دمشق ‬لتجار ‬دين ‬آخرين ‬وميليشيات ‬دخلت ‬إلى ‬سوريا ‬بأوامر ‬من ‬ملالى ‬طهران ‬وموافقة ‬نظام ‬دمشق. ‬
انفجار ‬الوضع ‬فى ‬هذا ‬المستوى ‬يعود ‬أيضا ‬لسبب ‬آخر ‬يسئل ‬عنه ‬بنسبة ‬كبيرة ‬النظام ‬فى ‬سوريا ‬وهو ‬عدم ‬وضع ‬أى ‬رؤية ‬سياسية ‬لحل ‬الأزمة ‬السورية ‬خاصة ‬بعد ‬هدوء ‬الأوضاع ‬إلى ‬حد ‬ملموس ‬عقب ‬العام. ‬2020
يأتى ‬ابتعاد ‬نظام ‬دمشق ‬عن ‬تقديم ‬رؤية ‬سياسية ‬واضحة ‬نتيجة ‬اعتماده ‬الكامل ‬على ‬قرار ‬حليفيه ‬الروسى ‬والإيرانى ‬اللذان ‬لهما ‬دائما ‬حسابات ‬خاصة ‬مرتبطة ‬بتوازنات ‬الوضع ‬الإقليمى ‬والدولى ‬بعيدًا ‬عن ‬تداعيات ‬الموقف ‬السورى ‬الداخلى ‬أو ‬مصلحة ‬الشعب ‬وهو ‬ماظهر ‬جليًا ‬عند ‬سقوط ‬النظام ‬الأسدى ‬عندما ‬تعارضت ‬مصالح ‬روسيا ‬وإيران ‬مع ‬وجود ‬الأسد ‬فتم ‬التضحية ‬به ‬ولم ‬يسألا ‬عن ‬وضع ‬سوريا ‬الشعب ‬بمكوناته ‬المتعددة ‬فى ‬ظل ‬الصفقة ‬واللعبة ‬الكبرى. ‬
نذهب ‬إلى ‬مستوى ‬آخر ‬وهو ‬مايمكن ‬أن ‬نطلق ‬عليه ‬المستوى ‬القريب ‬والمرتبط ‬بحسابات ‬القوى ‬الإقليمية ‬المتداخلة ‬مع ‬مصالح ‬القوى ‬الدولية. ‬
وإذا ‬نظرنا ‬لخريطة ‬هذه ‬القوى ‬الإقليمية ‬وتحالفاتها ‬الضمنية ‬نجد ‬اتفاق ‬أنقرة ‬وتل ‬أبيب ‬على ‬ضرورة ‬طرد ‬إيران ‬وميليشياتها ‬من ‬سوريا ‬مع ‬سقوط ‬نظام ‬الأسد ‬نفسه ‬وإن ‬اختلفت ‬أسباب ‬هذا ‬الطرد ‬والسقوط ‬بين ‬أنقرة ‬وتل ‬أبيب. ‬
تدفع ‬أنقرة ‬الفصائل ‬التابعة ‬لها ‬للاستيلاء ‬على ‬سوريا ‬المتاخمة ‬تحت ‬المظلة ‬الأمريكية ‬لأن ‬تركيا ‬أردوغان ‬فى ‬تحولاتها ‬البرجماتية ‬التى ‬لا ‬تنتهى ‬وتقفز ‬من ‬معسكر ‬إلى ‬معسكر ‬من ‬أجل ‬المصالح ‬استقرت ‬الآن ‬على ‬تقديم ‬الخدمات ‬كوكيل ‬للولايات ‬المتحدة ‬فى ‬الشرق ‬الأوسط ‬من ‬القرن ‬الإفريقى ‬إلى ‬سوريا. ‬
بالنسبة ‬لسوريا ‬يأتى ‬الاجتياح ‬التركى ‬الفصائلى ‬لتأسيس ‬دولة ‬سنية ‬ذات ‬هوى ‬إخوانى ‬واضح ‬لتوازن ‬النفوذ ‬والسيطرة ‬الإيرانية ‬فى ‬العراق ‬المجاور ‬لدمشق.‬
تحقق ‬تركيا ‬حلمها ‬الاقتصادى ‬القديم ‬الذى ‬بدأ ‬من ‬الاقتراح ‬القطرى ‬قبل ‬عقدين ‬بنقل ‬غاز ‬قطر ‬عبر ‬خط ‬أنابيب ‬يمر ‬بسوريا ‬ويستقر ‬فى ‬تركيا ‬ومنه ‬لأوروبا ‬لتصبح ‬تركيا ‬مركز ‬طاقة ‬مع ‬وجود ‬خط ‬النفط ‬باكو ‬أذربيجان /‬ ‬تبليسى ‬جورجيا / ‬ميناء ‬جيهان / ‬تركيا ‬والذى ‬يصل ‬نفطه ‬إلى ‬أوروبا ‬أيضا. ‬
لا ‬تريد ‬تركيا ‬الاكتفاء ‬بهذه ‬المركزية ‬فى ‬الطاقة ‬بل ‬مع ‬توقيع ‬أذربيجان ‬اتفاقية ‬مع ‬الاتحاد ‬الأوروبى ‬لزيادة ‬صادراتها ‬من ‬الغاز ‬إلى ‬الاتحاد ‬فهذا ‬المورد ‬سيمر ‬عبر ‬خط ‬الغاز ‬الجنوبى ‬الذى ‬يعبر ‬الأناضول ‬وهو ‬مايخدم ‬أنقرة. ‬
من ‬ناحية ‬أخرى ‬يقوى ‬التحالف ‬الثلاثى ‬الذى ‬يضم ‬إسرائيل / ‬أذربيجان / ‬تركيا ‬حيث ‬أذربيجان ‬هى ‬المصدر ‬الأول ‬للنفط ‬إلى ‬تل ‬أبيب ‬وستصبح ‬داعمًا ‬رئيسيًا ‬لتركيا ‬فى ‬حلمها ‬بمركزية ‬الطاقة ‬بالبترول ‬والغاز ‬الممتد ‬إلى ‬أوروبا.‬
‬تقوم ‬تركيا ‬بدور ‬محورى ‬فى ‬هذا ‬التحالف ‬الثلاثى ‬غير ‬مركزية ‬الطاقة ‬لخدمة ‬مشروعها ‬فى ‬سوريا ‬فأعلن ‬الرئيس ‬الأذرى ‬ألهام ‬عالييف ‬أنهم ‬سيتحركون ‬فى ‬سوريا ‬مع ‬تركيا ‬وقام ‬حكمت ‬حاجيف ‬نائب ‬الرئيس ‬الأذرى ‬قبل ‬أيام ‬بزيارة ‬إلى ‬تل ‬أبيب ‬كوسيط ‬يتابع ‬عملية ‬التنسيق ‬بين ‬أنقرة ‬وتل ‬أبيب ‬فى ‬الملف ‬السورى ‬حتى ‬لايحدث ‬أى ‬سوء ‬تفاهم ‬بين ‬البلدين ‬فى ‬ظل ‬الأحداث
المتلاحقة. ‬
يحقق ‬الثلاثى ‬مكاسب ‬ليست ‬قليلة ‬من ‬طرد ‬إيران ‬من ‬سوريا ‬وإضعافها ‬فأذربيجان ‬وفرت ‬لإسرائيل ‬قواعد ‬عسكرية ‬على ‬أراضيها ‬فى ‬حالة ‬الهجوم ‬على ‬إيران ‬ولا ‬تأتى ‬المساندة ‬الأذرية ‬لتركيا ‬فى ‬سوريا ‬من ‬أجل ‬القضاء ‬على ‬النفوذ ‬الإيرانى ‬من ‬فراغ ‬فإيران ‬الضعيفة ‬التى ‬قد ‬تتعرض ‬إلى ‬ضربات ‬إسرائيلية / ‬أمريكية ‬مما ‬قد ‬يسمح ‬لأذربيجان ‬بضم ‬الأراضى ‬التى ‬يسكنها ‬الأذر ‬فى ‬إيران ‬والمتاخمة ‬لحدودها ‬وهو ‬أمر ‬ستسعد ‬به ‬تركيا ‬لأن ‬أذربيجان ‬عضو ‬فى ‬منظمة ‬الدول ‬التركية ‬التى ‬تقودها ‬أنقرة ‬وبالتأكيد ‬سترضى ‬تل ‬أبيب ‬عن ‬كل ‬هذه ‬التطورات ‬لذلك ‬فاندفاع ‬تركيا ‬فى ‬سوريا ‬لم ‬يكن ‬فقط ‬لخدمة ‬مصالحها ‬المباشرة ‬تحت ‬المظلة ‬الأمريكية ‬ولكنه ‬يحقق ‬أهدافًا ‬مستقبلية ‬لهذا ‬التحالف ‬الثلاثى ‬عن ‬طريق ‬دمشق. ‬
هل ‬تبدو ‬هذه ‬السيناريوهات ‬غريبة ‬من ‬الاندفاع ‬التركى / ‬الإخوانى ‬تحت ‬المظلة ‬الأمريكية ‬فى ‬سوريا ‬وهذا ‬التحالف ‬الثلاثى ‬الذى ‬يخفى ‬مصالحه ‬خلف ‬الظلال؟ ‬الحقيقة ‬أن ‬هذه ‬السيناريوهات ‬وضع ‬تصوراتها ‬وخطوطها ‬العريضة ‬الاستراتيجى ‬الأهم ‬فى ‬تاريخ ‬الولايات ‬المتحدة ‬زبجنيو ‬بريجينسكى ‬مستشار ‬الأمن ‬القومى ‬الأمريكى ‬السابق ‬وراعى ‬حركة "‬الجهاد" ‬العالمية ‬بغطائها ‬الإخوانى ‬منذ ‬حرب ‬أفغانستان / ‬الاتحاد ‬السوفيتى ‬فى ‬العام ‬1979
فى ‬حوار ‬لبريجينسكى ‬عقب ‬اندلاع ‬الأحداث ‬فى ‬سوريا ‬وصف ‬بريجنيسكى ‬سوريا ( ‬السياسية ) ‬بأنها ‬كيانًا ‬مصطنعًا ‬ناتجًا ‬عن ‬اتفاقية ‬سايس / ‬بيكو ‬وأن ‬بريطانيا ‬هى ‬من ‬رسمت ‬هذه ‬الحدود ‬وعند ‬الدخول ‬فى ‬تصوراته ‬حول ‬طبيعة ‬التدخل ‬الأمريكى ‬فى ‬الشرق ‬الأوسط ‬فإنه ‬غير ‬مؤيد ‬للتدخل ‬المباشر ‬بل ‬يجب ‬أن ‬تستعمل ‬واشنطن ‬قوة ‬إقليمية ‬فى ‬تنفيذ ‬التدخل ‬من ‬أجل ‬بلقنة ‬الشرق ‬الأوسط ‬المزعج ‬لخدمة ‬المصالح ‬الأمريكية / ‬الإسرائيلية ‬وهنا ‬يبرز ‬اسم ‬تركيا ‬لتنفيذ ‬هذه ‬المهمة ‬ولايقتصر ‬تصور ‬بريجينسكى ‬على ‬الشرق ‬الأوسط ‬بنسخته ‬العربية ‬بل ‬يمتد ‬هذا ‬الأوسط ‬من ‬أفغانستان ‬إلى ‬القرن ‬الإفريقى. ‬
لايخشى ‬بريجينسكى ‬فى ‬تصوراته ‬من ‬النفوذ ‬الروسى ‬فى ‬الشرق ‬الأوسط ‬عند ‬التدخل ‬الأمريكى ‬فهو ‬أول ‬من ‬أشار ‬إلى ‬أن ‬الضغط ‬بالورقة ‬الأوكرانية ‬سيحجم ‬روسيا ‬عقب ‬نهاية ‬الحرب ‬الباردة ‬ولا ‬يعنى ‬هذا ‬التحجيم ‬إذلال ‬روسيا ‬أو ‬تفجير ‬الوضع ‬بينها ‬وبين ‬الولايات ‬المتحدة ‬بل ‬الدخول ‬معها ‬فى ‬مساومات ‬تصل ‬إلى ‬درجة ‬الاحتواء ‬أو ‬حتى ‬التحالف ‬من ‬أجل ‬تفرغ ‬واشنطن ‬للخطر ‬الأكبر ‬وهو ‬الصين ‬التى ‬تتربص ‬بالشرق ‬الأوسط ‬وبالهيمنة ‬الأمريكية ‬على ‬مستوى ‬العالم.‬
يعتبربريجنسيكى ‬من ‬رعاة ‬تيار ‬ومدرسة ‬اليسار ‬المعولم ‬الأمريكى ‬وعلى ‬رأس ‬تلامذته ‬باراك ‬أوباما ‬ونفذ ‬التلميذ ‬تصورات ‬أستاذه ‬حول ‬بلقنة ‬الشرق ‬الأوسط ‬بإطلاق ‬مايسمى ‬بالربيع ‬العربى ‬بالوكالة ‬التركية / ‬الإخوانية ‬أيضًا ‬ولكن ‬لم ‬يحقق ‬التلميذ ‬رغبات ‬الأستاذ ‬بدقة ‬واحتاج ‬الأمر ‬إلى ‬إعادة ‬تأكيد. ‬
رغم ‬العداء ‬بين ‬الرئيس ‬المنتخب ‬دونالد ‬ترامب ‬واليسار ‬والعولمة ‬وباراك ‬أوباما ‬شخصيًا ‬إلا ‬أن ‬المصالح ‬والاستراتيجية ‬الأمريكية ‬ومخططيها ‬الكبار ‬مثل ‬بريجينسكى ‬وهنرى ‬كيسنجر ‬فوق ‬هذه ‬الخلافات ‬السياسية ‬الانتخابية ‬فالمتحدث ‬باسم ‬إدارة ‬الرئيس ‬المنتخب ‬أعلن ‬اطلاع ‬ترامب ‬الكامل ‬على ‬الوضع ‬فى ‬سوريا ‬وشارك ‬فى ‬كافة ‬القرارت. ‬
يمكن ‬أن ‬تتعارض ‬سياسات ‬ترامب ‬مع ‬سياسات ‬تيار ‬اليسار ‬المعولم ‬فى ‬الداخل ‬الأمريكى ‬من ‬أوباما ‬إلى ‬بايدن ‬لكن ‬عند ‬المصالح ‬الاستراتيجية ‬الأمريكية ‬يذهب ‬الجميع ‬إلى ‬مخططات ‬بريجينسكى ‬فيرعى ‬أوباما ‬الربيع ‬العربى ‬ويضغط ‬بايدن ‬بالورقة ‬الأوكرانية ‬ثم ‬يمد ‬ترامب ‬يده ‬إلى ‬الروس ‬ويفتح ‬الطريق ‬أمام ‬تركيا ‬إلى ‬سوريا. ‬
عندما ‬تراقب ‬المنظور ‬القريب ‬فى ‬سوريا ‬وفق ‬حسابات ‬الاستراتيجية ‬الأمريكية ‬فالرهانات ‬على ‬تفجر ‬الصراعات ‬بين ‬هذه ‬الفصائل ‬أو ‬ظهور ‬وجه ‬داعشى ‬للجولانى ‬أو ‬تفجر ‬الوضع ‬السورى ‬بشكل ‬عام ‬عقب ‬نهاية ‬نظام ‬الأسد ‬تكون ‬رهانات ‬ليست ‬فى ‬محلها ‬لأن ‬الأدوات ‬لا ‬تصنع ‬سياسة ‬بل ‬هى ‬أداة ‬لتنفيذ ‬سياسات ‬فتركيا / ‬الإخوان ‬لم ‬تتجه ‬إلى ‬سوريا ‬بقدراتها ‬الذاتية ‬بل ‬هى ‬تتحرك ‬تحت ‬سقف ‬الاستراتيجية ‬الأمريكية ‬وتنفذ ‬جزءًا ‬فى ‬مخطط ‬أكبر ‬من ‬حجم ‬تركيا ‬يخدم ‬المصالح ‬الأمريكية. ‬
كل ‬القوى ‬التى ‬تحركت ‬تجاه ‬سوريا ‬أو ‬تراجعت ‬عن ‬نفوذها ‬فى ‬سوريا ‬تعلم ‬جيدا ‬ثقل ‬التدخل ‬الأمريكى ‬فالانهيار ‬السريع ‬لنظام ‬الأسد ‬لم ‬يكن ‬نتيجة ‬عبقرية ‬عسكرية ‬للجولانى ‬وصمت ‬سلاح ‬الفصائل ‬الكردية ‬أمام ‬تدخل ‬أنقرة ‬ليس ‬ورائه ‬دهاء ‬أردوغان ‬بل ‬قرار ‬إنهاء ‬حكم ‬الأسد ‬اتخذ ‬فى ‬غرف ‬مغلقة ‬بعيدًا ‬تمامًا ‬عن ‬دمشق، ‬وأن ‬التخطيط ‬العسكرى ‬والسياسى ‬لما ‬يحدث ‬فى ‬سوريا ‬يرافقه ‬خطة ‬اقتصادية ‬وتمويلات ‬ضخمة ‬بالتأكيد ‬لا ‬يمتلكها ‬الاقتصاد ‬التركى ‬فالولايات ‬المتحدة ‬فى ‬هذا ‬المستوى ‬القريب ‬تحاول ‬أن ‬تصنع ‬فى ‬سوريا ‬مايمكن ‬تسميته ‬بالنموذج "‬الناجح" ‬الضاغط ‬على ‬سياسات ‬أنظمة ‬الشرق ‬الأوسط. ‬
تستلزم ‬محاولة ‬الإلمام ‬بتفاصيل ‬وأحداث ‬المشهد ‬السورى ‬المتلاحقة: ‬
‬استكمال ‬تداعيات ‬هذا ‬المستوى ‬القريب ‬
‬الاقتراب ‬من ‬المستوى ‬البعيد ‬وهو ‬الأخطر ‬والمرتبط ‬بالصراع ‬الرئيسى ‬فى ‬العالم ‬بين ‬الولايات ‬المتحدة ‬والصين. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.