الوضع السورى خطير ، والتحديات عديدة ، فهناك بنية تحتية مدمرة، واقتصاد منهار، وأراض مهددة أخشى على سوريا، وشعبها، وأراضيها .. الشعب سعيد بالتخلص من نظام سابق ، لكن الأمن غائب، والصراعات الداخلية تتفاقم ، والتدخلات الخارجية تشتد، والنزعات الانتقامية تسود، وإسرائيل تكثف ضرباتها وتوغلها تجاه العمق السورى، بينما مواقف الدول التى كانت داعمة، أصبحت ضبابية غامضة أمام المشهد الجديد. المرحلة الانتقالية خطيرة، سيسودها بلا شك حالة كبيرة من عدم الاستقرار ، هذا ما يحدث دائما عقب الثورات ، وتشتد وتيرته مع تعدد الفصائل المتصارعة، كما هو الحال فى سوريا ، والحقيقة أن الصراع فى سوريا يتسم بتداخل المصالح المحلية والإقليمية والدولية، فالعديد من الفصائل تتصارع منذ سنوات على أسس سياسية، أوطائفية، فكان هناك الجيش السورى والميليشيات المدعومة من إيران وروسيا. و فصائل المعارضة المدعومة من تركيا، والجماعات الإسلامية السنية، والقوى الكردية. وحاليا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على مناطق واسعة فى سوريا، لاتزال الصراعات قائمة وأبرزها الصراع مع الأكراد الذين يسيطرون على مناطق شمال وشرق سوريا ويسعون للحفاظ على استقلالهم الذاتى فى هذه المناطق. وبالتأكيد فإن استمرار هذه الصراعات سيفتح الباب للتدخلات الخارجية، وفرض حكم دولى قد يطول أو يقصر ، بحجة فض العنف والصراعات ، و إعادة الاستقرار للبلاد. استمرار الصراعات يمنح أيضا وقتا أطول لإسرائيل لاستكمال أهدافها فى تدمير سوريا وتهديد أراضيها. إسرائيل تتحرك دائما بأسرع مما نتوقع، ومنذ أكتوبر الماضى وقبل سقوط بشار، بدأ التوغل الإسرائيلى داخل المنطقة العازلة بين اسرائيل و سوريا ، كانتهاك صارخ لاتفاقية 1974، التى وضعتها الأممالمتحدة لإنشاء منطقة منزوعة السلاح لمنع الصدام بين سوريا وإسرائيل. وكان الطبيعى مع سقوط النظام السورى، وصمت الأممالمتحدة ،أن تنتهز إسرائيل الفرصة لتكثف توغلها ووجودها العسكرى فى العمق السورى ، وتواصل تحديها بقصف القواعد التابعة للجيش السورى ، وتدمير أسلحته، بحجة حماية أمنها، ومنع وقوع الأسلحة فى أيدى العناصر المسلحة. الوضع السورى خطير، والتحديات عديدة، فهناك بنية تحتية مدمرة، واقتصاد منهار، وأراض مهددة، وصراعات داخلية ، وتدخلات خارجية، وفى ظل هذا الوضع المعقد نخشى من بعض السيناريوهات المستقبلية، التى قد تضر بسوريا وشعبها، أو على الأقل ، لا تتوافق مع آماله وأحلامه فى الديمقراطية والاستقرار ، أما السيناريو الذى نأمله جميعا لشعبنا الشقيق، فهو المصالحة الوطنية، والتوافق بين الفصائل السورية لتشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عن مختلف الطوائف لإعادة الاستقرار، لحين إجراء انتخابات حرة. مرة أخرى، الوضع السورى خطير، والمخططات الخارجية تحيط بسوريا، مستغلة الانشقاقات والانقسامات الداخلية لتحقيق مصالحها، والمسئول الأول عن كل ذلك هم الحكام الذين تسببوا بظلمهم فى تأجيج الصراعات الداخلية ، وضياع بلادهم وتحطيم شعوبهم ، ومنح الفرصة للتدخلات الأجنبية الأمل الوحيد الآن، هو يقظة الشعب السورى تجاه كل هذه المخاطر، وحرصه على تهدئة الصراعات وتغليب المصلحة العامة، لإعادة الاستقرار، وتجاوز هذه المرحلة الحرجة. وحدة الشعب السورى ، هى السلاح الوحيد، القادر على صد المخططات والمؤامرات، وإنقاذ سوريا وأراضيها. ويبقى للشعب السورى وحده حق تقرير مصيره .