بعد أن أنهت عملية «ردع العدوان» التى قامت بها فصائل المعارضة السورية حكم عائلة الأسد، واتاحت فرصة لإعادة بناء البلاد وتحقيق الاستقرار، فإن الواقع يشير إلى أن هناك تحديات ضخمة تواجهها البلاد فى ظل واقع معقد محليا وإقليميا ودوليا. فصانع القرار السورى القادم عليه ان يتعامل مع العديد من الملفات الشائكة، مثل تأسيس الدولة وشكل النظام السياسى وتحقيق العدالة الانتقالية وملف الاقتصاد واللاجئين فى ظل العودة المتوقعة لأكثر من 6 ملايين لاجئ وتحديات أمنية عديدة مثل قوات سوريا الديمقراطية «قسد» المدعومة من واشنطن والتى تسيطر على أكثر من 30% من أراضى شرق سوريا والجماعات المسلحة الأخرى، إلا أن أكثر الملفات أو التحديات خطورة هو المواجهة مع إسرائيل. فمع انهيار نظام الأسد، سارعت إسرائيل بتعزيز وجودها فى الجولان المحتل، وتوغلت فى المنطقة العازلة المقررة وفق اتفاقية عام 1974 اجتازت على إثره خط فض الاشتباك مع سوريا، وسيطرت على عدد من النقاط، منها مرتفعات جبل الشيخ وكثفت عملياتها العسكرية داخل الأراضى السورية قصفت خلالها مواقع استراتيجية عسكرية وبحرية . تستغل إسرائيل حالة الفراغ السياسى والأمنى فى سوريا، لأنها تدرك أنه كيفما جرت الأمور، سيكون أسهل لها التعامل والضغط على حكومة جديدة ضعيفة عسكريا، تشعر بالتهديد الدائم من إسرائيل كما تراهن أيضا على استمرار حالة عدم الاستقرار والتشرذم داخل سوريا لإذكاء روح الخلافات ومنع تشكيل حكومة. فى نفس الوقت فهى تسعى لفرض واقع جديد على الأرض لإعادة تشكيل ميزان القوى فى المنطقة، بالاضافة الى اجبار النظام القادم فى سوريا على تسوية أوضاعه مع إسرائيل بإجراء عملية سلام وتطبيع شاملة معها، أو على الأقل تحييده بحيث لا يجرؤ على مواجهة إسرائيل دون سلاح، وهذا ما سيضعه من وجهة النظر الإسرائيلية تحت الضغط والتهديد الدائمين. ومن اجل تحقيق هذا الهدف تسعى إسرائيل حاليا لتشكيل تحالفات جديدة مع قيادات بعض الأقليات السورية مثل الدروز والأكراد. وتقديم دعم مادى لهم لضمان ولائهم والبقاء كلاعب أساسى فى رسم مستقبل سوريا وسط صمت دولى مريب يعكس حالة من الغموض فى المواقف تجاه تطورات الوضع هناك!!