أكد مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أن سوريا بحاجة إلى عملية سياسية وطنية تضع حدًا لمعاناة الماضي، وتلبي تطلعات جميع السوريين، وتضمن الحقيقة والعدالة والتعويض والتعافي والمصالحة، وأي انتقال سياسي في سوريا يجب أن يضمن مساءلة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة، ومحاسبة المسؤولين عنها. وشدد فولكر تورك - في بيان نشره مركز إعلام الأممالمتحدة - على ضرورة جمع كل الأدلة وحفظها بعناية لاستخدامها في المستقبل، مشيراً إلى أنه سوف يكون إصلاح أجهزة الأمن أمرًا أساسيًا، ويجب أن يضمن الانتقال أيضًا معالجة مأساة الأشخاص المفقودين. وأشار إلى خروج السوريين إلى الشوارع بأمل وقلق كبيرين بشأن المستقبل، وقال "الأمل في أن تكون هذه فرصة للبلاد لبناء مستقبل قائم على حقوق الإنسان والحرية والعدالة ومن الضروري، أن تمتثل جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان". وشدد "تورك" على ضرورة اتخاذ التدابير لضمان حماية جميع الأقليات، وتجنب الأعمال الثأرية والانتقامية، كما أكد ضرورة أن تكون حقوق الإنسان لجميع السوريين في صميم هذه العملية، من خلال المشاركة الهادفة والشاملة، بما في ذلك النساء والشباب على وجه الخصوص، وقال " إنه يجب استعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها"، موضحا أن مكتبه مستعد لدعم عملية الانتقال. وكان الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" قد قال - في وقت سابق - "يمكن اليوم للشعب السوري اغتنام هذه الفرصة التاريخية لبناء مستقبل مستقر وسلمي، بعد 14 عاماً من الحرب الوحشية". من جانبها، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إنها تراقب - عن كثب - التطورات الأخيرة في سوريا، مع إيلاء اهتمام خاص لحالة المواقع المتعلقة بالأسلحة الكيميائية وغيرها من المواقع ذات الأهمية. وأوضحت المنظمة أنها تراقب الوضع خصوصاً فيما يتعلق بأمن وسلامة مواقع وأماكن البحث والتطوير والإنتاج والتخزين والاختبار المعلنة للأسلحة الكيميائية، وأي تحركات أو تغييرات أو حوادث تتعلق بمواد ووثائق من هذه المواقع والأماكن، والتدابير التي يجرى تنفيذها لضمان الامتثال لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في ظل الظروف الحالية. وأوضحت المنظمة - التي تتخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقرا لها - أن أمانتها الفنية تواصلت مع السفارة السورية في هولندا بهدف التأكيد على الأهمية القصوى لضمان سلامة وأمن جميع المواد والمرافق المتعلقة بالأسلحة الكيميائية في جميع المواقع على أراضي سوريا. وأكدت أن الأمانة على استعداد للمشاركة بشكل أكبر في هذه المسائل مع السلطات السورية ذات الصلة والشركاء الدوليين. بدوره، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "فيليبو جراندي" إن سوريا تقف - الآن - عند مفترق طرق بين السلام والحرب، وبين الاستقرار والفوضى، وبين إعادة الإعمار أو المزيد من الخراب، وأكد أن هناك فرصة عظيمة أمام سوريا للتحرك نحو السلام وأمام شعبها للبدء في العودة إلى دياره. وقال "جراندي"، إن المفوضية تنصح بالاستمرار في التركيز على قضية العودة، وسوف يكون الصبر واليقظة" ضروريين، على أمل أن تنحى التطورات الجارية على الأرض منحى إيجابيًا؛ مما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة أخيرًا، مع تمكن اللاجئين من اتخاذ قرارات مستنيرة. وأضاف المسؤول الأممي: "دعونا لا ننسى أيضًا أن الاحتياجات داخل سوريا لا تزال هائلة، حيث إنه في ظل البنية التحتية المتهالكة واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية؛ فإن هناك حاجة إلى تأمين مساعدات عاجلة مع اقتراب فصل الشتاء - بما في ذلك المأوى والغذاء والمياه والدفء". وعلى الصعيد الإنساني، قال مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 16 مليون شخص في سوريا يحتاجون بالفعل إلى مساعدات إنسانية، وإنه مع تطورات الوضع فإن هناك حاجة ملحة لمزيد من المأوى والغذاء ومرافق الصرف الصحي. وشدد مكتب الأممالمتحدة على أنه رغم التحديات والوضع المتقلب، يواصل المكتب وشركاؤه تقديم المساعدات الطارئة في شمال غرب سوريا، مؤكدًا أن جميع المنظمات الإنسانية استأنفت عملياتها في إدلب وشمال حلب، كما ظلت المعابر الحدودية الثلاثة من تركيا التي يتم استخدمها لتقديم المساعدة إلى سوريا ظلت مفتوحة. وأوضح أنه يتم تقديم المساعدات في الشمال الشرقي لأولئك الذين فروا مؤخرًا من حلب، وقال إنهم يقدمون المساعدات الأساسية في حلب بما في ذلك الغذاء والصحة وخدمات التغذية والدعم، ودعم الوصول إلى المياه النظيفة، كما أن الشركاء في مجال الصحة يواصلون تقديم الخدمات الأساسية في المناطق المتضررة، بما في ذلك توفير مجموعات العلاج من الرضوح. وشدد على أن التمويل الكافي أمر بالغ الأهمية للمكتب وشركاء الأممالمتحدة لتوسيع نطاق الاستجابة لتلبية مستوى الاحتياجات، ولفت إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية البالغ قيمتها 4 مليارات دولار تم تمويلها بنسبة تزيد قليلا عن 30 في المائة، حيث تم استلام 1.3 مليار دولار فقط حتى الآن، ودعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأطراف إلى تسهيل العمليات الإنسانية الآمنة ودون عوائق للوصول إلى المحتاجين أينما كانوا.