بين أروقة السلطة وكواليس السياسة، كانت بعض زوجات الرؤساء محورًا لصراعات وصدمات تجاوزت حدود القصور الرئاسية. من البذخ الذي ألهب الفلبين مع إيميلدا ماركوس، إلى طموحات جريس موجابي التي زعزعت استقرار زيمبابوي، إلى ميلانيا ترامب بمواقفها التي تخطت البروتوكول، وهيلاري كلينتون التي دمجت حياتها السياسية مع الأزمات العائلية، وصولًا إلى الجدل المتصاعد حول سارة نتنياهو في إسرائيل، وأخيرًا كيم كيون، السيدة الأولى الكورية الجنوبية التي أطلقت جدلًا كاد زلزل حكم زوجها. ففي عالم السياسة، لم تقتصر الأزمات على قرارات الرؤساء وسياساتهم فحسب، بل امتدت إلى أدوار زوجاتهم، اللواتي أثّرن بشكل مباشر أو غير مباشر في مسارات حياتهم السياسية، بعيدًا عن الصورة التقليدية لزوجات القادة كرموز دعم، تركت بعضهن أثرًا عميقًا في السياسة، أحيانًا كان هذا الأثر بمثابة شرارة أزمات هزت حكومات وأثرت على مصائر أمم. وفي التقرير التالي، نستعرض شخصيات أثارت جدلًا عالميًا، مثل إيميلدا ماركوس من الفلبين بغناها المترف، وتأثير جريس موجابي المثير للجدل في زيمبابوي، وكذلك ميلانيا ترامب التي أُثير حولها جدل إعلامي بسبب تصريحاتها الجريئة، وهيلاري كلينتون بمواقفها السياسية، وسارة نتنياهو بتدخلاتها الجدلية، وصولًا إلى كيم كيون، السيدة الأولى في كوريا الجنوبية. اقرأ أيضًا: باحث: فرض الأحكام العرفية يضع رئيس كوريا الجنوبية أمام تهديد العزل زوجة الرئيس الفلبيني.. «المرأة التي زعزعت عرش السلطة» اشتهرت إيميلدا ماركوس، زوجة الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس، بنمط حياتها الفاخر الذي كشف عن فجوة عميقة بين رفاهيتها ومعاناة شعبها، حيث أبرزت مجموعتها المذهلة من الأحذية رمزية الفساد الذي طبع فترة حكم زوجها، ما أدى إلى انهيار نظامه في ثورة عام 1986 التي غيّرت مسار التاريخ الفلبيني. بدأت إيميلدا ماركوس، كملكة جمال تُعرف بلقب "وردة تاكلوبان"، وبزواجها السريع من ماركوس، تحولت إلى أيقونة سياسية وداعمة قوية له خلال فترة حكمه، غير أن نفوذها الواسع وسياساتها أثارت جدلًا واسعًا، خاصة بعد تورطها في قضايا فساد أثرت على سمعة نظام زوجها آنذاك، وفقًا للموسوعة البريطانية "بريتانيكا". من ملهمة مانيلا إلى شخصية محورية في عهد زوجها الرئيس ماركوس، لعبت إيميلدا دورًا سياسيًا مثيرًا، رغم مشاريعها التطويرية، رافق فترة حكم زوجها اتهامات بالمحسوبية والفساد من بين الأسباب، رفاهيتها الصارخة التي صاعدت من الغضب الشعبي، ما أدى إلى إسقاط النظام عام 1986. «رفاهية على حساب وطن» في ظل حكم زوجها، أصبحت إيميلدا رمزًا للبذخ، أدارت مشاريع ضخمة، لكنها وُصمت بإهدار المال العام وتعزيز المحسوبية، فيما تركت إيميلدا وراءها إرثًا مثيرًا للجدل يبرز في تاريخ الفلبين الحديث. بعد سقوط نظام زوجها الرئيس الفلبيني ماركوس، فرت إيميلدا إلى خارج البلاد، لكنها عادت لاحقًا إلى الفلبين، لتخوض انتخابات وتستعيد مكانتها في السياسة، رغم الإدانة والاتهامات، بقيت شخصية بارزة مثيرة للجدل، تعكس مرحلة مليئة بالتناقضات السياسية والاجتماعية في الفلبين.. زوجة الرئيس الزيمبابوي تسقط إمبراطورية موجابي مثلت جريس موجابي، زوجة الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي، وجهًا آخر للفساد السياسي في زيمبابوي بنفوذها المتصاعد وفضائحها المالية، فقد ساهمت في تشويه صورة زوجها بشكل حاد، حيث عجّل دورها الطموح لتولي السلطة بانقلاب في البلاد 2017، الذي أنهى حقبة زوجها موجابي وأطاح بأطماعهما السياسية معًا. استقال روبرت موجابي من رئاسة زيمبابوي بعد حكم دام 37 عامًا، إثر تدخل الجيش وانهيار نفوذه، وانتهى عهده الطويل، الممزوج بالقمع والاستبداد، بمشهد عزله الذي حطم أوهامه بالبقاء الأبدي في السلطة، رغم إعلانه يومًا أن لا أحد سوى الله يمكنه إزاحته، وفقًا لصحيفة "إنديان إكسبريس الجديدة" الهندية. دخلت جريس موجابي، زوجة الرئيس الزيمبابوي، المشهد السياسي فجأة بطموحات غير متوقعة، رغم افتقارها لتاريخ نضالي، أعلنت رغبتها في خلافة زوجها وسخرت من منافسيه القدامى، لكن دعم موجابي لها تسبب بتوتر داخلي شديد عجّل بسقوط نظامه. أزمات الثراء الفاحش تحت حكم موجابي كانت احتفالات عيد الميلاد المكلفة والقصور الفاخرة قد عكست تناقضات نظام موجابي بسبب ترف النخبة مقابل معاناة الشعب من أزمة اقتصادية خانقة أفرغت جيوب المواطنين بينما كانت العائلة الحاكمة تستعرض أسلوب حياة باذخًا، ما زاد من نقمة الشعب على النظام. أطلقت وسائل الإعلام على جريس موجابي، ألقابًا ك"جوتشي جريس" بسبب تبذيرها المفرط، من رحلات تسوق بملايين الدولارات إلى قصور فارهة، حتى أن تجاوزاتها أدت لفرض عقوبات أوروبية، مكملة فصلًا مأساويًا في تاريخ زيمبابوي. وبينما كان المواطنون في زيمبابوي يعانون البطالة والجوع، كان أبناء موجابي يستعرضون حياتهم الفارهة على وسائل التواصل من حفلات مترفة إلى استعراض ثرواتهم، أضافوا مزيدًا من الوقود لغضب شعبي ضد عائلة عاشت بمعزل عن معاناة البلاد، حتى أُطيح بموجابي، في خطوة فتحت الطريق أمام زوجته جريس لتولي الحكم، لكنها أيضًا أشعلت ثورة داخلية جعلت سقوط النظام أمرًا لا مفر منه. ميلانيا ترامب.. خيار السترة وصراع الأضواء جذبت ميلانيا ترامب، زوجة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الأنظار بمواقفها المختلفة أحيانًا عن سياسات زوجها خلال فترة رائاسته الأولى، حيث أثارت تصرفاتها بملف المهاجرين تساؤلات عديدة، بعدما أثارت سترة ميلانيا ترامب التي تحمل عبارة "أنا لا أهتم حقًا" جدلاً واسعًا، وفقًا لصحيفة "واشنطن إكزامينر" الأمريكية. رغم التفسيرات الرسمية بأنها بلا معنى خفي، رأى البعض أنها رد على منتقدي زيارتها الحدودية للأطفال المهاجرين، فبررت ميلانيا ترامب ارتداءها للسترة المثيرة للجدل بأنها موجهة للإعلام، وفق تغريدتها لاحقًا، ومع ذلك، أكد مقربون أنها كانت ردًا على انتقادات داخلية وخارجية لخطوتها الجريئة بزيارة مراكز الأطفال المتأثرين بسياسات الهجرة الصارمة لزوجها. ففي ظل انتقادات واسعة، أصرت المتحدثة باسم ميلانيا ترامب أن اختيار السترة كان شخصيًا تمامًا، وفق تصريحاتها، لا تخضع زوجة ترامب لأي ضغوط في قراراتها، لتبقى خياراتها، سواء رمزية أو عفوية، مادة غنية للتأويل والنقاش الإعلامي. هيلاري كلينتون.. في مرمى الجدل الإعلامي في مقابلة حديثة، أكد بيل كلينتون، أكد أن الانتقادات حول زوجته هيلاري كلينتون قديمة وستظل مستمرة، مقارنةً بين الجدل حول رسائل البريد الإلكتروني والتحقيقات حول فضيحة وايت ووتر، وشدد على براءتها في الماضي، رغم الضغوط الإعلامية المستمرة التي قد تثير التساؤلات حولها مجددًا. حيث أظهرت فضيحة وايت ووتر، ضعف مشروع عقاري للعائلة، حيث حاول بيل وهيلاري كلينتون مع شركائهم الاستثمار في أراضٍ بأركنساس، وأثار المشروع العديد من التحقيقات حول احتمال تورط الزوجين في سوء إدارة المال، إلا أن التحقيقات أثبتت براءتهما، وذلك بحسب موقع "بوليتيفاكت" الأمريكي. منذ بداية مشروع وايت ووتر العقاري في 1978، واجه الزوجان كلينتون صعوبات اقتصادية كبيرة، ما أدى إلى خسائر ضخمة، ورغم محاولاتهم المستمرة لتعزيز المشروع، لم تكن مشاكل السوق والضغط الاقتصادي كافية لإنقاذه، ما جعل من هذه القضية بداية لسلسلة التحقيقات التي أُجريت لاحقًا. رغم تورط شركاء في فضيحة وايت ووتر بتهم جنائية، لم تظهر التحقيقات أي دليل يدين بيل وهيلاري كلينتون، واعتُبرت مزاعم الضغط على شركاء غير موثوقة، ما جعل الزوجين يواجهان سلسلة من التحقيقات التي انتهت بتبرئتهما رغم الضغوط السياسية والإعلامية المستمرة. سارة نتنياهو.. اتهامات جديدة وسابقة مالية في أبريل 2024، عاد الجدل حول سارة نتانياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد تقرير كشف عن استئجار شقة مجاورة للمقر الرسمي لتصفيف شعرها على حساب دافعي الضرائب، وخضعت الشقة لتجديدات واسعة تشمل تجهيزات تجميلية، ما أثار انتقادات جديدة في وسائل الإعلام العبرية. أثناء الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية في تل أبيب، رصد المحتجون سارة نتانياهو وهي تصفف شعرها في صالون فاخر، وأثار ذلك موجة غضب، حيث ردد المتظاهرون شعارات مثل "الدولة تحترق بينما سارة تصفف شعرها"، ما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية، وفقًا لشبكة "الحرة" الأمريكية. ولم تكن هذه الحادثة الأولى التي تثير الجدل حول سارة نتانياهو، فهي متهمة سابقا باختلاس الأموال العامة، بما في ذلك استخدام 100 ألف دولار من المال العام على وجبات فاخرة، كما طلب رئيس الوزراءالإسرائيلي رفع ميزانية نفقاتهما الشخصية إلى 80 ألف شيكل. زوجة الرئيس الكوري الجنوبي تجر زوجها لأزمة سياسية في الأسبوع الماضي، تصاعدت الأزمة السياسية للرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بعد أن أُثير الجدل مجددًا حول زوجته، السيدة الأولى كيم كيون هي، بسبب قبولها حقيبة يد ديور باهظة الثمن، ودفعت الحادثة، التي اعتُبرت انتهاكًا لقوانين الفساد، نواب المعارضة إلى الدعوة لإقالة رئيس كوريا الجنوبية، متهمين إياه بالتورط في فضيحة قد تهدد استقرار حكومته. وجدت زوجة الرئيس الكوري الجنوبي، كيم كيون نفسها في قلب فضيحة ضخمة بعدما تم تصويرها وهي تتلقى حقيبة يد فاخرة من ماركة "ديور"، في هدية من قس أمريكي معروف بمواقفه المؤيدة لتوثيق العلاقات مع كوريا الشمالية، ما تسبب في زيادة الضغوط السياسية على زوجها يون سوك يول، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في البلاد، وفقًا لشبكة "سي إن إن" الإخبارية. ما بدأ كحادثة بسيطة سرعان ما تحول إلى أزمة داخل الحزب الحاكم، حيث طالب العديد من الأعضاء الرئيس وزوجته بالاعتذار، لكن أثارت حدة الخلافات داخل حزب "سلطة الشعب" القلق حول تأثير هذه الفضيحة على حظوظ الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، تساؤلات حول سلوك زوجة الرئيس تهدد مساعي الحزب للفوز. نواب كوريا الجنوبية يشهرون سيف الإقالة لعزل الرئيس رغم محاولات القس الذي قدم الهدية تبرير تصرفه باعتباره "مساعدة سياسية"، إلا أن الكثيرين شككوا في تصرف زوجة الرئيس الكوري الجنوبي، واعتبروا تقبلها الحقيبة خطوة غير لائقة، بينما تمسك آخرون بأن الحادث كان جزءًا من فخ سياسي، في حين اظهرت استطلاعات الرأي انقساما حادا في الرأي العام حول موقفها. فيما حاول يون، فرض الأحكام العرفية وسط مخاوف من التحقيقات، ما أدى إلى غضب واسع في البرلمان الكوري الجنوبي، ومع تزايد الضغوط الشعبية، طالبت المعارضة بإقالته فورًا، حتى في حزبه الحاكم، باتت تُثار تساؤلات حول مستقبله السياسي. ويواجه يون سوك يول، التحقيقات بسبب محاولته فرض الأحكام العرفية، ما دفع ذلك النواب المعارضين للتقدم بمذكرة لعزله، متهمين إياه بانتهاك الدستور لتحقيق مصالح عائلي، لجد زوجة الرئيس الكوري الجنوبي نفسها في قلب الأزمة السياسية التي تهدد استقرار الحكومة.