في قلب القوقاز، تتأرجح جورجيا بين آمال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وبين تزايد العلاقات مع روسياوالصينوإيران، ووفق تقرير ل"المجلس الأطلسي" فهذا التغير الجيوسياسي يضع مستقبل البلاد على المحك، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات الداخلية، وتعليق المساعدات الغربية، وتحولات السياسة الخارجية الجورجية نحو محاور بديلة. احتجاجات شعبية في 28 نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي كوباخيدزه تعليق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028، ما أثار موجة احتجاجات واسعة النطاق في البلاد، وشهدت الاحتجاجات تصعيدًا كبيرًا للعنف من قبل الشرطة ضد المتظاهرين السلميين، وخاصة الصحفيين. في اليوم ذاته، تبنى البرلمان الأوروبي قرارًا يدعو حزب الحلم الجورجي الحاكم إلى إعادة إجراء الانتخابات، مع مطالب بفرض عقوبات على مسؤولين كبار في الحكومة بسبب "التراجع الديمقراطي". وبعد يومين، علقت الولاياتالمتحدة شراكتها الاستراتيجية مع جورجيا، ما شكّل أزمة دبلوماسية واقتصادية حادة للبلاد. الانفصال عن الغرب بينما يؤيد 80% من الجورجيين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قاد حزب الحلم الجورجي، بقيادة الملياردير بيدزينا إيفانشفيلي، سياسة تقارب مع روسياوالصينوإيران، مستبدلًا الشراكات الغربية بمحاور جديدة تُعرف ب"محور التهرب". منذ وصول الحزب إلى السلطة عام 2012، تضاعفت التجارة مع روسياوالصينوإيران بشكل كبير، حيث ارتفعت صادرات جورجيا إلى روسيا بنسبة 1700%، بينما زادت الواردات بنسبة 350%. تعليق المساعدات الغربية كانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي من أكبر داعمي جورجيا ماليًا، حيث قدما مساعدات بقيمة 6.2 مليار دولار منذ استقلال البلاد عام 1991. لكن، نتيجة سياسات حزب الحلم الجورجي، أوقفت الدول الغربية مساعداتها، بما في ذلك 126 مليون دولار سنويًا من الاتحاد الأوروبي و95 مليون دولار من الولاياتالمتحدة هذا العام. ألغت وزارة الدفاع الأمريكية تدريبات عسكرية كانت مقررة في جورجيا، كما أوقف الاتحاد الأوروبي تمويل التنمية الاقتصادية للبلاد، في خطوة تهدف للضغط على الحكومة للتراجع عن سياساتها الحالية. العلاقات مع الصينوإيران توسعت العلاقات الاقتصادية بين جورجياوالصين، مع توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية عام 2023. ومع ذلك، أثار هذا التعاون مخاوف بشأن تأثير الصين على البنية التحتية الجورجية، خاصة بعد فوز اتحاد صيني سنغافوري بمناقصة بناء ميناء بحري عميق على البحر الأسود. في الوقت نفسه، تتزايد العلاقات الاقتصادية مع إيران، رغم المخاطر المتعلقة بالعقوبات الأمريكية على النظام المالي الإيراني. دعوات إعادة توجيه الدعم يشدد الخبراء على ضرورة توجيه الدعم المالي الغربي إلى المنظمات والجماعات المؤيدة للديمقراطية في جورجيا، لتعزيز المقاومة الشعبية لسياسات حزب الحلم الجورجي. مع تزايد العزلة الدولية وخسارة المساعدات الغربية، تجد جورجيا نفسها أمام خيارات مصيرية، فبينما يستمر حزب الحلم الجورجي في تعزيز علاقاته مع محاور جديدة، يبقى السؤال: هل تستطيع جورجيا الحفاظ على مسارها الديمقراطي أم ستغرق في تيار المصالح الجيوسياسية؟