ما بين صور الأقمار الاصطناعية، وتحولها إلى معلومات مؤثرة فى مشروعات البنية التحتية والمشروعات القومية، تقف هيئة الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، بعلمائها وخبراتها لتترجم سيل الصور الفضائية، وتحويلها إلى معلومات تؤثر فى إتخاذ القرار وصناعته، توضح الرؤية للمسئول أو المستثمر، وتساعده فى اتخاذ القرار الصحيح، وأهم إنجازاتها، خلال الفترة الأخيرة، تحديد دقيق للتعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، وإصدار تحليلات موثقة لمشروع 1.5 مليون فدان، بداية من تركيبة التربة وتحديد المحاصيل الزراعية، ومصادر المياه الجوفية، وتحديد الأحوزة العمرانية، ومؤخراً إصدار خريطة مصر من المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها «الظقمح والأرز». إذا كانت الأقمار الاصطناعية، تمثل عين الدولة من السماء، ف الهيئة القومية للاستشعار عن بعد، هى من تترجم الصور إلى معلومات، انطلاقاً من قلب الصحراء إلى أعماق البحار.. ترصد كل التفاصيل لمستقبل أفضل ومشروعات مبنية على دراسات صحيحة. وقد قامت «الأخبار»، بجولة داخل الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، للتعرف على كيفية تحليل البيانات، وصولاً إلى استخلاص المعلومات من صور الأقمار الاصطناعية، حيث تنقلت بين شعب الهيئة، للتعرف عن قرب على طبيعة العمل. أسئلة كثيرة، بحثنا عن إجابات لها بداية من تحليلات مستقبل «الدلتا»، وخطورة التغيرات المناخية، وطبيعة مساهمة الهيئة فى المشروعات القومية ومواجهه التعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، ومشروع 1.5 مليون فدان، وخريطة المعادن ومخزوناتها الاستراتيجية، وإصدار أطلس التغيرات المناخية، وأمور أخرى كثيرة تكشف قوة الهيئة، فى مد صناع القرار بالمعلومات الدقيقة. البداية، كانت من «شعبة تحليل البيانات»، عقل الهيئة، وفريقها الأساسى، وهم بمثابة خبراء «فك شفرة» صور الأقمار الاصطناعية، حيث يجلس الجميع أمام أجهزة الكمبيوتر «شاشات متراصة تعرض عليها صور الأقمار الاصطناعية، وأناملهم تترجم الصور إلى بيانات ومعلومات على لوحة الكيبورد»، ورغم زحام المعلومات والبيانات، التى ترسل لهم، السكون يخيم على الأجواء وسط حالة من اليقظة والانتباه، لتبدأ رحلة تحليل الصورة وتحويلها إلى معلومة رقمية، تخدم أى متخذ قرار سواء فى الحكومة أو المستثمر. ويقود فريق العمل د. أشرف حلمى، رئيس الشعبة، الذى أوضح أن صور الأقمار الاصطناعية، تبدو لغير المتخصصين مجرد صورة غامضة ، لكن بالنسبة لنا فهى مليئة بالأرقام، التى نضع بها سيناريوهات ونماذج للتنبؤ لمختلف المجالات، مثلاً «كشف مخزون المعادن فى هذه المنطقة ، أو تحديد مخرات السيول، وكيف تؤثر على أى مشروع، أو تحديد نوعية التربة والزراعات المناسبة، ورصد الآفات، ورصد تأكل الشواطئ، أو تأثير التغيرات المناخية سواء الحالى أو ما هو قادم».. وشدد على أن الشعبة بها أعلى الكفاءات بهيئة الاستشعار عن بعد، حيث تقوم بتحويل البيانات التى تأتى من الأقمار الصناعية على هيئة صور، إلى رؤى قابلة للتنفيذ، وتوفر معلومات قيمة للكيانات الحكومية والخاصة، موضحاً أنه تم دمج الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء ، لتعزيز استخدام تطبيقات الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء. وأضاف أن هذه الاستخدامات تؤدى إلى تحسين اكتساب البيانات، وتخزينها واسترجاعها، وتطوير منصات تحليل بيانات ذكية، وتقوم باستخراج المعلومات من تدفقات بيانات الأقمار الاصطناعية، كما بدأنا بزيادة استخدام نماذج التنبؤ القائمة على الذكاء الاصطناعى، لتوقع التغيرات البيئية ، ونقص الموارد والكوارث المحتملة، مما يتيح استراتيجيات التخفيف الاستباقية لأى حدث. وأشار إلى أن أنظمة تحليل البيانات، أصبحت تستخلص المعلومات من صور الأقمار الاصطناعية، ويمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعى استخلاص المعلومات المهمة من تدفقات البيانات الكبيرة المستمدة من الأقمار الصناعية، وأجهزة الاستشعار. وكشف أن هذه التقنيات، تعمل على توفير رؤى قيمة فى مجموعة متنوعة من المجالات، مثل علوم البيئة وعلم المناخ، حيث يمكن استخدامها لمراقبة تغيرات البيئة وتتبع انبعاثات الغازات الدفيئة، وبالنالى توقع التأثيرات المناخية، وتأثيرها فى مجالات مثل الزراعة وإدارة الموارد الطبيعية، حيث يمكن تحسين إنتاجية الزراعة، وتوجيه استخدام المياه والموارد بشكل أكثر فعالية. من جانبه، أكد د. سيد عبده، مدير محطة الاستقبال الأرضية ، أنهم يعملون يومياً على تحليل بيانات الأقمار، وفقاً لتكليفات، رئيس الهيئة، من خلال العمل على أى مشروع يتم تكليف الهيئة به أو طلبه منها، سواء من الجهات الحكومية أو الخاصة، التى يتم التعاقد معها. وبين أن هناك مشروعاً يعتبر من أضخم المشروعات بالهيئة، يتم لصالح محافظة البحيرة، وهو تصميم منصة رقمية مسجل عليها جميع ملكيات الأراضى، ورصد التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، يتم فيها تحديث مستمر وسريع لخرائط المحافظة، عن طريق الأقمار الاصطناعية، ويقوم برصد أى حالة تعد، وتحديد موقعها بدقة والمساحة المتعد عليها وبيانات مالك الأرض. وكشف أن المنصة الرقمية، قاربت على الانتهاء ويتم العمل عليها منذ 6 أشهر، بداية من البرمجة الخاصة بها وصولاً إلى البيانات النهائية، وشارك فى إعدادها فريق من المتخصصين فى الهيئة، وأيضاً من المحافظة «منهم فريق عمل مساحى» يرصد على أرض الواقع، المناطق التى تم تصويرها ويمد المنظومة ببيانات مختلف الأراضى على مستوى المحافظة، ويقوم تسجيل كل قطعة ومالكها وبياناته وطرق التواصل معه. ولفت إلى أن المنصة تتيح للمحافظ، معرفة ملكية كل قطعة أرض بدقة ويتيح معلومات له فى حالة حصول مستثمر لأرض بهدف إنشاء «مشروع زراعي»، ولكن لم يقم المستثمر على سبيل المثال بزراعة المساحة المستهدفة، يظهر للمحافظ هذه المساحات بدقة، وأيضا التعديات الموجودة على أى مشروع، مما يتيح معلومات دقيقة تسهل على صانع القرار إتخاذ الإجراءات الصحيحة مع أى مخالفة. «غرق الدلتا».. سيناريو وهمى غير صحيح :«إلهام»: إصدار «أطلس» التغيرات المناخية من رفح إلى السلوم بين طرقات، هيئة الاستشعار عن بعد، وفى طريقنا لشعبة البيئة، دارت فى رؤوسنا أسئلة عن الدراسات، التى تطفو على السطح بين حين وآخر، عن غرق الدلتا، والسيناريوهات المرعبة للتغيرات المناخية، وحقيقة ظهور بعض القروش على الشواطئ، باعتبارها أحد نتائج التغير المناخى .. بحثنا عن الإجابات من د. إلهام محمود، أستاذ البيئة والتطبيقات الخاصة بحماية البيئة البحرية بالهيئة، والتى أكدت، أن التغيرات المناخية العالمية، أثرت على البيئة وأظهرت بعض التحديات التى تواجه العالم، ولذلك يجب مواصلة إجراءات تخفيض الانبعاثات الغازية لتبطئ التغيرات المناخية، دون درجة ونصف، وهو المستوى الذى يخشى العالم الوصول إليه ، وبالتالى ارتفاع منسوب البحر، ومازلنا حالياً لم نصل لحد الخطر. وأوضحت، أن البحيرات الشمالية، تحمى مصر من هذا التأثير، وأن سيناريو «غرق الدلتا» غير صحيح ومستبعد، لأن الدولة إتخذت إجراءات كثيرة لحماية السواحل الشمالية من أثار التغيرات المناخية، لذلك هذه البحيرات بمثابة «صمام الأمان» لمصر، لكن الخطورة تكمن فى أن ملوحة المياه ودخولها على الدلتا سواء بالفيضان أو التسريب يسبب ملوحة الأراضى الزراعية، وهو ما يقلل من خصوبة التربة، وبالتالى تقلل جودة المحاصيل، خاصة أن أرض الدلتا بطبيعتها منخفضة عن مستوى سطح البحر. وأشارت إلى أن الهيئة، أعدت أطلس يوضح تنبؤات التغيرات المناخية على السواحل الشمالية، وهو يحتوى على عدة سيناريوهات مختلفة، من الممكن حدوث واحد منها، خلال ال 100 عام، فهو يبدأ من عام 2000 حتى 2100 ميلادية، وهذه السيناريوهات، تندرج من السيناريوهات الأقل حدة بالتدريج وصولاً إلى السيناريو السادس الأكثر خطورة، والذى يقول إنه من الممكن حدوث زيادة فى مستوى سطح البحر بنسبة كبيرة تصل من متر إلى متر ونصف. وعن المهام الرئيسية فى مجال البيئة، أوضحت، أن الهيئة تقوم بقياس الكلوروفيل فى البحار والبحيرات بدقة 90% (كمدلول للتلوث) وأيضاً تتبع للمزارع السمكية فى المناطق الساحلية وتأثيرها على البيئة الساحلية وتتبع التسرب النفطى فى البحار وتحديد السفن المسببة فى ذلك، وتتبع تغيير خط الشاطئ باستخدام صور الأقمار الصناعية، لتحديد الأماكن الأكثر تأثراً من النحر البحرى لعمل الحماية عليها من الجهات المعنية.. وشددت على أن الدولة، نفذت على مدى سنوات خطة حماية الشواطئ وعمل مصدات بحرية، وهو مايدحض نظرية غرق الدلتا، لأننا متيقظون جداً لكل السيناريوهات ، والهيئة تمد جهات الدولة بكافة التفاصيل وتطورات حالة البحار بشكل مستمر. وعن ظهور بعض القروش على الشواطئ المصرية، أوضحت أن هذا أمر طبيعى، وليس نتيجة تغيرات مناخية، كما يدعى البعض، ويمكن أن يحاول بعض القروش استكشاف أماكن الغذاء السمكى والتنقل بشكل مستمر، وهو أمر يحدث فى كل دول العالم، وأن مصر لم تدخل فى حزام زلازل كما يدعى البعض.