أسعى للانفتاح الثقافى مع أوروبا وتنشيط روافد الترجمة الإبداعية تعد الأكاديمية المصرية بروما منارة مصرية فى قلب أوروبا، ونافذة لثقافتنا داخل المجتمعات الغربية، وجسرًا حيويا للتواصل الحضارى، والفكرى، والثقافى، والفنى بين مصر وإيطاليا والدول الأوروبية، بما يسهم فى تحقيق أهداف الدبلوماسية المصرية فى استثمار القوة الناعمة فى دعم وتعزيز حوار الثقافات بين مصر ودول أوروبا، وتأصيل وصون تراثنا وهويتنا الثقافية والحضارية، وأيضا تقديم الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية للجاليات المصرية، وفى هذا الحوار مع د.رانيا يحيى مدير الأكاديمية المصرية للفنون بروما نتعرف على الدور الذى ستؤديه الأكاديمية فى المرحلة المقبلة: ما رؤيتك لتعظيم تأثير هذا المركز الحيوى فى قلب أوروبا ومجالات هذا التأثير؟ الأكاديمية المصرية للفنون بروما هى واحدة من أهم مراكز الإشعاع الثقافى والفنى والحضارى خارج مصر، فقد جرى إنشاؤها منذ عقود بهدف التواصل والانفتاح على المجتمع والثقافة الأوروبية، من خلال المجتمع الإيطالى الذى يتميز باحتضان العديد من الثقافات الأوروبية والانفتاح على مجتمعاتها، فإيطاليا بلد عريق يمتلك حضارة وثقافة وتاريخا ممتدا فى عمق الزمن، وتربطها بمصر علاقات قوية منذ القدم، وذلك يؤثر بشكل إيجابى كبير ويعظم الدور الذى يمكن أن تؤديه الأكاديمية من خلال الشراكة المصرية الإيطالية، مما يساعد على تقديم المزيد من الدعم لقوتنا الناعمة فى الفن، والثقافة، والفكر والإبداع، والاستفادة من خبرات الآخر فى تلك الدول. كل هذا يسهم فى ترسيخ الدور الحقيقى للأكاديمية وينعكس على تقوية العلاقات الدبلوماسية والدولية بيننا وبين هذه الدول، ويدعم قدرتنا على تحقيق مصالح مصر فى الخارج. ما الخطوات التى ترينها لتنشيط جهود الترويج للحضارة المصرية فى قلب أوروبا؟ الحضارة المصرية القديمة تتميز بما قدمته للبشرية والإنسانية فى مختلف العلوم والفنون، ومبنى الأكاديمية يحمل من الخارج الحروف الهيروغليفية المميزة لهويتنا وحضارتنا، وفى الداخل لدينا متحف «توت عنخ آمون»، وهو واحد من أهم المعالم الحضارية التى نقتنيها، ويأتى إليها الكثير من الزائرين والرواد، وهذا يوفر لنا فرصة ذهبية لمزيد من التوغل والغوص فى حضارتنا وأن ننقل كل ما تمتلكه هذه الحضارة من كنوز معرفية فى الفن والثقافة والفكر إلى المجتمع الأوروبى، وهذا ما نتميز به، ويحقق لنا خصوصية حقيقية ننفرد بها عن بقية الأكاديميات التى تحيط بنا. اقرأ أيضًا| الأكاديمية المصرية للفنون بروما تحتفل ب150 عامًا على ميلاد فيروتشى لماذا يحظى الفن التشكيلى دائما بنصيب الأسد فى اهتمامات الأكاديمية؟ لا شك أن الفن التشكيلى يحظى بنصيب الأسد فى اهتمامات الأكاديمية؛ لأنه منذ البداية، الفنانون التشكيليون هم من سعوا منذ عقود إلى تأسيسها؛ وعلى رأسهم: راغب عياد، ويوسف كامل، وهم أيضا من تولوا إدارتها، ففى الفترات السابقة تعاقب على رئاسة الأكاديمية العديد من الفنانين التشكيليين، وبالتالى كان الاهتمام بالفن التشكيلى بحكم أنه مجالهم، لكن الوضع اختلف فى الفترة الأخيرة واتجه قليلاً ناحية السياحة والآثار، والآن، لأول مرة يتولى «موسِيقى» مسئولية إدارة الأكاديمية. ماذا عن موقع ترجمة الأدب العربى إلى الإيطالية وسائر اللغات الأوروبية، والترجمة العكسية- أيضا- من الإيطالية إلى العربية على خريطة العمل؟ الحقيقة، موضوع الترجمة من اختصاص «المركز القومى للترجمة»، وهو أحد أهم القطاعات التابعة لوزارة الثقافة المصرية، ومؤخرا جرى اجتماع مع د.أحمد هنو، وزير الثقافة، بحضور عدد من قيادات الوزارة، ومنهم د.كرمة سامى، رئيس المركز القومى للترجمة وجرى الاتفاق على أنشطة متبادلة بين الأكاديمية والمركز، ومنها التركيز على الترجمة من وإلى الإيطالية، لتحقيق المزيد من الانفتاح على الفكر الثقافى الأوروبى وتنشيط التبادل المعرفى والإبداعى. هل تسعى الأكاديمية إلى زيادة فرص التدريب وتلقى الخبرات فى المعاهد والجامعات الإيطالية فى شتى التخصصات، مثل: ترميم الآثار والمخطوطات؟ لا شك أن أحد الأهداف التى أسعى إلى تحقيقها خلال الفترة المقبلة هو زيادة فرص التدريب وتبادل الخبرات مع المعاهد والجامعات الإيطالية، لتعظيم استفادة الدارسين المصريين المبعوثين بهذه الخبرات مما يسهم فى نقلها بشكل أكبر للمجتمع المصرى، ويعد مجال ترميم الآثار والمخطوطات من أهم المجالات التى سيجرى التركيزعليها فى المرحلة الحالية، بالإضافة إلى مجالات الفنون والإبداع، وتحقيق ذلك من خلال التواصل مع المجتمع الغربى ومعرفة أحدث التطورات التى وصلوا إليها، فى مختلف الفنون، مثل فن الباليه والموسيقى الغربية الكلاسيكية، هى فنون غربية تعلمناها من خلال الانفتاح عليهم، ونهدف أيضا إلى تنشيط التبادل الثقافى، فلدينا موروث ثقافى كبير، ومتعدد، ومتنوع فى مختلف أشكال الفنون، الحديثة والكلاسيكية والتراثية، وهذا يساعدنا على تقديم وانتشار ثقافتنا والمحافظة على هويتنا الثقافية. ما أبرز التكليفات والتوجيهات التى تلقتها د.رانيا من وزير الثقافة المصرى فى اللقاء الذى جمع بينكما بعد اختيارك لهذه المهمة؟ أهم التكليفات هى بذل كل ما بوسعنا من الجهد لإعادة الأكاديمية إلى مكانتها الكبيرة، والانفتاح بشكل كامل على المجتمع الأوروبى والغربى، وخاصة الإيطالى بحكم الوجود الجغرافى للأكاديمية، وأن نستعيد رونقها، ونشاطها، ومجدها، كما كان فى السابق، حتى تكون نافذة حقيقية للدولة المصرية فى الخارج، ومنبرا حضاريا فعّالا ومهما للثقافة والفن والفكر والإبداع، تنطلق منه الفنون المصرية إلى المجتمع الغربى.