يستضيف جاليرى سويلم بالزمالك حاليا معرضا عن الفن التشكيلى السودانى المعاصر بعنوان «الطير المهاجر» لمجموعة من الفنانين السودانيين، منهم مجموعة كبيرة من القائمين فى مصر. ويعد الفن التشكيلى السودانى جزءًا مهمًا من ثقافة الشعب السودانى ويعكس فكره وموهبته وقدراته، وقد ظهر فن الرسم والنحت فى السودان منذ عصر ما قبل التاريخ، وتشهد على ذلك النقوش المحفورة على جدران المعابد النوبية فى شمال السودان. اقرأ أيضًا | قبل انطلاقه| ننشر تفاصيل افتتاح «مؤتمر أدباء مصر» وتاريخيا.. تم افتتاح كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالسودان فى منتصف الأربعينيات فى ظروف استثنائية، وذلك لما شاهده المجتمع السودانى من أحداث سياسية كان لها تأثير على البلاد فى هذا الوقت، ولا شك أن تاريخ الفنون الجميلة يرتبط بشكل عام بأحداث ومحطات هامة فى تاريخ الأمة، وقد تخرجت أول دفعة من الفنانين التشكيليين عام 1951. ومن هنا بدأت الحركة التشكيلية الحديثة فى المسيرة، وأفرزت العديد من الأسماء من خريجى الكلية أمثال: عبد الله محيى الدين، وعلى مصطفى العريقى، وإبراهيم الصالحى، وبسطاوى بغدادى.. وآخرين. ومن الفنانين المشاركين فى المعرض الحالى: حسين الشريف، محمد عمر، شريف مطر، عواطف على، عادل كبيده، سارة عاصم، ليلى آدم، طارق كمال، محمد عتيبى، صباح جبارة. وجاء اختيار «الطير المهاجر» عنوانًا للمعرض تعبيرًا من المشاركين عن الحالة العامة فى السودان، حيث كتبوا فى مطوية المعرض: «الطير المهاجر.. عنوان اخترناه وهى أغنية منقوشة فى وجدان الشعب السودانى، تمثل الحالة التى نعيشها اليوم، فهذا المعرض هو محاولة للتواصل الثقافى بين مصر والسودان، وهى علاقة قائمة على امتداد التاريخ والجغرافيا والنيل العظيم. ويمثل هذا المعرض جزءًا يسيرًا من المشهد التشكيلى السودانى باتجاهاته ومدارسه، وهى تجارب لفنانين وفنانات كبار وصغار ويعد تعبيرًا عن آمالهم وأحلامهم فى وطن آمن ومستقر، والتحية لمصر وهى تستقبل عشرات الفنانين بترحاب وأريحية. ومن لوحات المعرض لوحة للفنان محمد عبد الله عتيبى، وهى تعكس مغزى المعرض، حيث رسم الفنان فتاة وهى تطير كالحمام كأنها تغادر المكان أو تهجره، ورسم أعلاها ثلاث حمامات بيض تطير فى نفس الاتجاه وبنفس الحركة والوضع التشريحى، وكأنه يشير إلى هجرة الإنسان مثله مثل طائر الحمام الضعيف الذى لا حيلة له. ورسم أسفل اللوحة مجموعة من السودانيين بملابسهم المعروفة رجال ونساء يصطفون بجوار بعضهم البعض وخلفهم بعض البيوت الريفية بتكوينها البنائى الهندسى البديع وبألوان زاهية تعكس جمال الريف السودانى، وتلك الوقفة ما هى إلا إيذان بالهجرة الجماعية الاضطرارية. ويسيطر اللون الأخضر على الجزء السفلى من اللوحة إشارة للخير والنماء الذى سيتركونه مجبرين بسبب الأوضاع الراهنة، لكن هناك دائمًا شعاع أمل فى العودة القريبة من خلال الهلال الأبيض المرسوم أعلى اللوحة. وهناك عمل آخر للفنان عمر كمال يجسد فيه مجموعة من المتصوفين بملابسهم ذات الألوان الصريحة مثل الأحمر والأزرق والأخضر.. رسمهم واقفين فى حركة شبه منتظمة، وكأنهم فى جلسة ذكر، ورسم فوقهم بعض المساحات الهندسية غير المنتظمة كأنها زهور أو أشكال متنوعة الأحجام. وكتب بداخلها بعض الآيات القرآنية فى إشارة إلى ما يردده كل منهم.. مثل: الرحمن الرحيم، والصراط المستقيم، ومالك يوم الدين، واللافت للنظر فى هذا العمل تلك الحركة التناغمية والمساحات اللونية الصريحة التى تجذب الانتباه وتعكس المضمون، وتعكس التجربة السودانية الراهنة تجليات كامنة فى التكوين واللون والفكرة ومهارة التوظيف داخل المسطح التصويرى.