«كلود مونيه» رائد من رواد المدرسة الانطباعية فى فن الرسم، ويعد أحد أهم الفنانين على مر التاريخ، ولد فى باريس 14 نوفمبر عام 1840، ورحل فى 5 ديسمبر عام 1926، كان يقول: عزائى الوحيد فى هذه الدنيا هو وقوفى مباشرة أمام الطبيعة أثناء الرسم، وقد سعيت من وراء ذلك إلى تصوير انطباعاتى عن تلك اللحظات سريعة الزوال فيها». كان مونيه عاشقًا لرسم المناظر الطبيعية وخاصة وقت الشروق، وكان له الفضل فى اشتقاق اسم المدرسة الانطباعية من لوحته «انطباع شروق الشمس» التى رسمها عام 1872. اقرأ أيضًا | آيتن أمين: «آل شنب» كوميديا مواقف تعود قصة هذه اللوحة حينما أقام معرضًا مع أصدقائه عام 1874، فشاهده أحد النقاد التشكيليين ويدعى «لويس لويرى» وكتب مقالًا مهينًا، ثم أطلق على هذه اللوحة كلمة «انطباعية»، وذلك لأنها - بحسب وصفه - تعتمد فى رسمها على الضوء والشكل، ومنذ هذه الواقعة ارتبط اسم مونيه ب «الانطباعية». محاولة انتحار عانى كلود مونيه خلال حياته من عدة مشاكل كانت سببًا فى إصابته بالاكتئاب والفقر، ففى عام 1868 وبعد مضى أشهر على ولادة ابنه، وبسبب تراكم ديونه حاول اللجوء للانتحار بأن يغرق نفسه فى نهر «السين» للتخلص من آلامه، وفى الخامسة والستين من عمره أبدى قلقه الشديد بسبب تراجع قدراته البصرية.. ورغم معاناة مونيه من ضعف الرؤية فإنه أنجز أعمالًا عظيمة منها لوحة: «الصفصاف الباكى» التى رسمها عام 1921. انطباع شروق الشمس رسم مونيه لوحته الشهيرة «انطباع شروق الشمس» خلال عامى 1872، 1873 بمساحة 48x63 سم بالألوان الزيتية، وشارك بها فى المعرض الأول للانطباعيين عام 1874، وهذه اللوحة من مقتنيات متحف مارموتان بباريس. رسم مونيه لوحته فى الصباح الباكر من خلال نافذة غرفته بالفندق الذى كان يقيم به فى «بلوهافر» وهى مدينة فرنسية تقع بالقرب من نهر السين، وقد وصف مونيه هذه اللوحة بأنها ليست بالمنظر الطبيعى للبحر عند «لوهافر»، بل هى منظر يعبر عن تغير الضوء، سطوعًا. رسم مونيه فى اللوحة عددًا محدودًا من المراكب الشراعية الصغيرة وميزها بالأسود، لتشعر المشاهد المتأمل بأن هناك حالة من الضباب تسيطر على المكان..، لكن مع تأمل ألوان اللوحة نجد سيطرة الألوان الزاهية مثل الأزرق الفاتح والأصفر المائل للبرتقالى لنرى فيها دلالة مغايرة ألا وهى دلالة الشروق. نلمح فى اللوحة أيضًا بعض آثار دالة على بقايا الأشجار والنباتات والجبال على الضفة الأخرى من البحر لكن دون تفاصيل واضحة ليؤكد المعنى الانطباعى، فقد رسم الأشجار من خلال ضربات فرشاة غير منتظمة والأقرب إلى سكتش، وتنعكس آثار تلك الأشجار على مياه البحر متأثرة بحركتها البطيئة كأنها تنتظر وتترقب حالة شروق الشمس، التى تظهر آثارها من بعيد وكأنها تهمس وتتحسس المكان التى تقترب منه. اختار مونيه الجزء العلوى من اللوحة ليشعر المشاهد بلحظة الشروق التى عبر عنها بإضافة مساحات غير منتظمة من اللون الأصفر المائل لضوء الشمس انتظارًا لأن يعم اللون والضوء على المكان معلنًا عن ميلاد يوم جديد. لم يهتم بدراسة التفاصيل فهو يرفض قوانين الفن التقليدية، ليرسم بالأسلوب الذى يراه، ويعبر عما يشعر به من وجهة نظره بضربات فرشاة ومجموعة من الألوان لإعطاء حس الانعكاس الضوئى، وبالتالى لن يُظهر لنا تفاصيل طبيعية وواقعية مدروسة، لكن المساحات اللونية ودرجاتها الواضحة تعكس لنا حالة انطباعية عن المغزى الذى يسعى لإظهاره. ربما نختلف عند تأمل لوحة مونيه أنها لحظة شروق الشمس أم غروبها، فهناك بعض الكتب المتخصصة قد وصفت اللوحة بأنها لحظة غروب، وبالفعل كانت الآراء تختلف فيما إذا كانت اللوحة تدل على شروق الشمس أم على غروبها، لكن بعد تحليل المشرفين والخبراء ثبتت النتيجة بأن زمن اللوحة هو زمن شروق الشمس.