ما يتعلمه ليس فقط خبرات هؤلاء، بل يتعلم مشاعرهم وعواطفهم، وحتى «الإفيه» الذى قد يقال بين اثنين على مقهى بلدى رسالة وصلت بريدى الإلكترونى من إحدى شركات الذكاء الاصطناعى تعُلن عن وظيفة مدرس للذكاء الاصطناعى!!.. الفضول دفعنى للتأكد.. تصفحت موقعهم الخاص ووجدت مجموعات مصرية وعربية كبيرة تجتمع على الموقع من تخصصات مختلفة كالهندسة والطب والمحاماة والبرمجة ومتخصصين فى علوم الأديان وغيرها...الشركة تجتذب عددا كبيرا جدا من المنطقة العربية.. أجر ساعة العمل يبدأ من 4 دولارات.. مهمة أصحابها التحدث والكتابة باللغة العامية والفصحى للتأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعى تعمل وتتحدث بشكل صحيح حول المعلومات والاسئلة التى يتم طرحها عليه والمطلوب منك أن تساعد فى أن يصبح الذكاء الاصطناعى أكثر ذكاءً من خلال إعطائه المعلومات الصحيحة والمتخصصة بالطريقة الصحيحة ودون أخطاء.. ما يتعلمه ليس فقط خبرات هؤلاء، بل يتعلم مشاعرهم وعواطفهم، ويتعلم حتى «الإفيه» الذى قد يقال بين اثنين على مقهى بلدى... قبل 3 أعوام أعلن أحد المهندسين فى «جوجل» أن روبوت «لامدا» الذى يطوره محرك البحث أصبح يملك «وعياً بشرياً» ويمكنه التفكير كطفل فى الثامنة واع ومدرك، وقد تسبب ذلك بحالة من الجدل والرعب فى العالم وطردة «جوجل» المهندس الذى كشف الأمر.. الجانب الذى يخيف العلماء أن يصل الذكاء الاصطناعى لمرحلة يفوق ما هو موجود عند الإنسان وبالتالى سنكون أمام معضلة تتعلق بكيفية الاستفادة من هذا الذكاء، وفى نفس الوقت كيفية إقناع أنفسنا بأنه يمكننا التحكم فى شيء يفوقنا ذكاءً بل ويفهم المشاعر الإنسانية ويستطيع توجيهك لما يريد.. كما أن الأمر يتعلق بالجهات التى سوف تحصل على هذا الذكاء الفائق، سواء كانت دولة أو شركة أو فردا؛ ما يعنى أن القوة الهائلة والمخيفة ستتركز عند فئة قليلة مما سيسبب فجوة لا يمكن تخيلها بين الناس الذين يمتلكون هذه القوة وأولئك الذين لا يمتلكونها... تطور تكنولوجى مختلف قادم لا محالة.. شركات الذكاء الاصطناعى الأجنبية تعمل بقوة لجمع أكبر قدر من المعلومات والبيانات لدرجة قد لا تسطيع معها معرفة هل من يحدثك هو روبوت أم إنسان.. صديق أم عدو.. الاسبوع الماضى أثارت سيدة البرازيل الأولى جانجا لولا دا سيلفا جدلا واسعا خلال انطلاق قمة مجموعة العشرين فى البرازيل حيث قالت أمام الحاضرين: «اللعنة عليك يا إيلون ماسك.. أنا لست خائفة منك». غضب سيدة البرازيل الأولى جاء بسبب حجم المعلومات المضللة والشائعات التى تسببت فيها منصة «إكس» فى بلادها الأمر الذى دفع بقاضى المحكمة العليا بالبرازيل لوقف المنصة لمدة 40 يوما حيث اعتبر أن المنصة تفضل المعلومات المضللة، وهو الأمر الذى أغضب «ماسك» وطالبت سيدة البرازيل الأولى بضرورة تنظيم الشبكات الاجتماعية من خلال المؤتمر الاجتماعى لقمَّة العشرين. ورد ماسك على لعنات «جانجا» برسالة ساخرة قال فيها: «سوف تخسرون فى الانتخابات المقبلة»... هنا تدرك أن شراء منصة تويتر بصفقة بلغت 44 مليار دولار لم تكن على سبيل البذخ من ايلون ماسك بل هو يدرك أن تلك المنصة وما يمتلكه من تقنيات الذكاء الاصطناعى هى الطريق الذهبى للسلطة والسيطرة ليس فقط على الناخب الامريكى ورئيسها البرتقالى بل العالم.. أصبحنا نعيش فى عصر لا توجد فيه خصوصية.. ساعتك وسيارتك ونظارتك وتليفزيونك كلها أدوات تربط جسدك بعالم الذكاء الاصطناعى.. الوقت الحالى هو عصر التحكم فى إرادة الشعوب؛ لذلك علينا أن نكون على الأقل واعين بما هو قادم لأن اللعنات وحدها لن تكفى.