وزير الخزانة الأمريكي في ولاية ترامب الأولى، ستيفن منوشين، صرح في وقت سابق أنه قضى «نصف وقته تقريبًا في التعامل مع العقوبات»، هذا التصريح يحمل دلالات أهمية التي كانت توليها إدارة ترامب لاستراتيجية العقوبات، باعتباره سلاح يكبح جماح خصوم الولاياتالمتحدة. وتوقع المركز الأطلسي المتخصص في الشأن الدولي، أن تلعب العقوبات دورًا بارزًا في أجندة السياسة الخارجية لترامب في فترة رئاسته الثانية. هذا التوقع يأتي في ظل احتمالية انضمام شخصيات سبق لها العمل تحت إدارة ترامب إلى فرق العقوبات في وزارتي الخزانة والخارجية في إدارته الجديدة. كما أن المهندس الرئيسي لحملة «الضغوط الاقتصادية القصوى» ضد إيران يقود جهود انتقال وزارة الخارجية. علاوةً على ذلك، تم ترشيح السيناتور ماركو روبيو، المعروف بدعمه للعقوبات ومواقفه المتشددة تجاه إيرانوالصين، لمنصب وزير الخارجية، مما يشير بوضوح إلى أن الإدارة المقبلة ستركّز بشكل كبير على استخدام العقوبات كأداة رئيسية في سياساتها، وفق المركز الأطلسي. ◄ ارتفاع القلق العالمي هناك قلق عالمي بشأن ما قد تعنيه إدارة ترامب الثانية فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على روسيا، خصوصًا إذا ما تم رفعها بسرعة كجزء من صفقة لإنهاء الأزمة في أوكرانيا. حتى الآن، كانت العقوبات ضد روسيا جهدًا متعدد الأطراف بشكل حقيقي، حيث شاركت فيها عشرات الدول مع تنسيق وثيق بين شركاء مجموعة السبع «G7» وفِرَق الاتحاد الأوروبي. ورغم أن الرئيس المنتخب ترامب لم يُدلِ بأي تصريحات محددة بشأن استخدام العقوبات ضد روسيا، إلا أنه قد يتخذ خطوات لتغييرها. ومع وضع هذا الاحتمال في الاعتبار، من المهم الإشارة إلى أن الرئيس ليس صاحب القرار الوحيد في هذه المسألة. هذه التوقعات ترفع من منسوب القلق العالمي، مع الأخذ في الاعتبار أن أي خطوات مقبلة، نحو توسيع أو تقليص العقوبات المفروضة على روسيا، ستعتمد بشكل كبير على الشخصيات التي ستُعيّن في المناصب الرئيسية بمجلس الأمن القومي ووزارتي الخزانة والخارجية، إضافة إلى دور الكونغرس. ◄ مواجهة خصوم أمريكا حتى يتسنى توضيح دور الكونغرس في تقييد صلاحية الرئيس، يتوجب الإشارة إلى أنه في العام 2017، وخلال إدارة ترامب الأولى، أُقرّ قانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات «CAATSA» في خطوة نادرة حملت إجماعًا من الحزبين، للحد من قدرة الرئيس على رفع العقوبات المفروضة على دول مثل روسيا بشكل أحادي. ينص القانون على أن الرئيس ملزم بتقديم تقرير إلى لجان الكونغرس المختصة وقياداته قبل رفع أي عقوبات عن روسيا. ورغم المخاوف المشروعة لشركاء مجموعة السبع «G7» بشأن احتمال قيام الولاياتالمتحدة برفع عقوباتها على روسيا، فإن الإدارة المقبلة ستواجه إجراءات تنظيمية معقدة يجب اجتيازها قبل اتخاذ أي قرارات بهذا الشأن. ووفق المركز الأطلسي، فإنه إذا قررت الإدارة الأمريكية المقبلة توسيع العقوبات المفروضة على روسيا، قد تلجأ إلى أداة سبق استخدامها بشكل محدود خلال إدارة ترامب الأولى، وهي العقوبات الثانوية. هذه العقوبات تُجبر الدول على الاختيار بين التعامل التجاري مع الدول التي تفرض العقوبات أو مع الدول المستهدفة بها. واستخدمت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هذه الأداة لإجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مما أدى إلى التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة «JCPOA» عام 2015، وهو الاتفاق الذي تخلى عنه ترامب لاحقًا في 2018. وفي ديسمبر 2023، فرض الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات ثانوية على روسيا، وبدأ تنفيذها تدريجيًا. استراتيجية الإدارات الأمريكية السابقة، تعزز وفق المركز الأطلسي من فرص سير إدارة ترامب الثانية على نفس النهج، باعتباره وسيلة ضغط إضافية لإجبار الدول غير المتحالفة، بما في ذلك بعض حلفاء الولاياتالمتحدة الحاليين، على تبني سياسات تتماشى مع الأهداف الأمريكية، سواء فيما يتعلق بروسيا أو أولويات الأمن القومي الأخرى مثل الصين. ◄ قناة التواصل بين واشنطنوبكين حينما يتم التطرق إلى العلاقات الأمريكية - الصينية، يتوجب التأكيد على أن علاقات واشنطن مع بكين ليست متوترة كما كانت عندما غادر ترامب منصبه قبل نحو أربع سنوات، حيث سعت إدارة بايدن إلى إعادة ضبط العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالصين بعد أن بلغت التوترات ذروتها خلال حادثة منطاد التجسس في 2023، مع اتباع سياسة شبيهة بالنهج الذي بدأ خلال إدارة ترامب فيما يخص قيود التصدير والعقوبات. اقرأ أيضا| قصة غلاف| «تايم» تكشف أسرار «الصديق الأول» في كواليس إدارة ترامب كما خففت الإدارة بعض التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الممارسات التجارية غير العادلة للصين، لكنها لم تلغها بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، تشكيل مجموعة العمل الاقتصادية بين الولاياتالمتحدةوالصين في أكتوبر 2023، كقناة مستمرة لمناقشة القضايا الاقتصادية الثنائية، بما في ذلك تغير المناخ، متطلبات رأس المال، وتهريب الفنتانيل. ورغم استمرار المناوشات المتعلقة بالتجارة وقيود التصدير، فإنها تتم على نطاق أقل بروزًا مقارنة بما كان عليه الوضع خلال إدارة ترامب الأولى. ◄ بناء علاقات مع الخصوم العلاقات الخارجية للولايات المتحدة شغلت حيزا كبيرا من خطابات ترامب خلال حملته الانتخابية، وأشار في أكثر من مناسبة إلى أهمية بناء علاقات مع الخصوم، رغم ذلك لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيعود إلى تكتيكاته السابقة المتمثلة في التهديدات التجارية وفرض التعريفات الجمركية ضد الصين بمجرد توليه المنصب. وشهدت العلاقات مع الصين منذ مغادرة ترامب البيت الأبيض تغيرات عدة، بما في ذلك إصدار الصين قانون مكافحة العقوبات الأجنبية في عام 2021، الذي يمنع الامتثال للعقوبات الأجنبية داخل الصين. هذا القانون يعقّد قدرة الشركات الأمريكية على الامتثال الكامل لكل من اللوائح الصينيةوالأمريكية. ووفق المعطيات السابقة، يرجح المركز الأطلسي أنه وسط متطلبات قانون مكافحة العقوبات الأجنبية وقيود التصدير التي فرضتها الصين على المعادن الأرضية النادرة والمعادن الثمينة، قد تعتمد إدارة ترامب الثانية نهجًا دبلوماسيًا أكثر تجاه الصين لتجنب الإضرار الواسع بسلاسل الإمداد العالمية.