كانت خطوة الإخراج خطوة مؤجلة لدى الفنانة التونسية درة تفكر فيها دوما ومترددة في دخولها، إلى أن جاءت أسرة فلسطينية هاربة من جحيم الحرب في غزة لتدفع درة إلى الجلوس على كرسي المخرج دون تردد، وتقدم لنا تجربتها الإخراجية الأولى في الفيلم الوثائقي "وين صرنا" الذي يشارك في مسابقة "آفاق عربية" بالدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. تحدثت درة ل "أخبار النجوم" عن السبب في اختيار اللون الوثائقى لأول أفلامها، وعن صعوبات التصوير في غزة وغيرها من التفاصيل تقرأها في الحوار التالي. في البداية .. أريد أن أعرف كيف جاءتك فكرة تقديم فيلم وثائقي عن معاناة الشعب الفلسطيني؟ قرار تقديم الفيلم بدأ عندما تعرفت على تلك العائلة الفلسطينية تحديدا، حيث جاءتني السيدة نادين لتروي لي قصتها ومعاناتها هي وأسرتها منذ اندلاع الحرب، ولم يكن يخطر ببالها على الإطلاق أن حديثنا ذلك سينتج عنه تفكيري في تقديم فيلم يتناول قصتهم، وعندما تواصلت معي كان لعلمها بدعمي للقضية الفلسطينية ومساندتي لمن نجحوا في النجاة والخروج من غزة، وعندما اقتربت من الأسرة وتعاملت مع أفرادها نما بداخلي إحساس قوي أنني أريد تقديم فيلم عن مأساتهم، ولأنني من أحسست بذلك الشعور، قررت أنني من سأتولى إخراج الفيلم برؤيتي الشخصية. لكن هل كنت تفكرين في الأساس بخوض تجربة الإخراج؟ كانت خطوة مؤجلة بالنسبة لي، وهي خطوة لن أخفي أنني طول عمري خائفة من الإقدام عليها، والمشكلة أنني عندما قررت أيضا خوض التجربة، دخلتها من الباب الصعب، وهي السينما الوثائقية، وجميعنا نعلم أن الفيلم الوثائقي طبيعة إخراجه وإنتاجه مختلفة، لهذا قررت أن أدرس الإخراج الوثائقي جيدا قبل البدء في العمل، بسبب لغته السينمائية المختلفة عن الفيلم الروائي، وكذلك بسبب عدم إقبال الجمهور على الأفلام الوثائقية، ورغبتي أن انجح في جعل الفيلم مقبولا لدى الجمهور، ورغم كل تلك التفاصيل قررت تقديم الفيلم بالأسرة الفلسطينية، لأنني لم افضل الاستعانة بممثلين يقدمون القصة، لذلك قدمتها بأصحاب القصة الأصليين، لأنهم سيعبرون عن كل ما شعروا به في تلك المحنة. إذن يمكننا القول أن حرب غزة كانت المحرك وراء قرارك بدخول عالم الإخراج.. ولولاها لما اتخذت تلك الخطوة من الأساس؟ تلك الخطوة كانت بالفعل ممكن أن تتأجل، وكان من الممكن أن تحدث أو لا تحدث على الإطلاق، فأنا لم يكن لدي خطة محددة لأصبح صانعة أفلام، لكن الجانب الإنساني للموضوع من حمسني لخوض التجربة. ما الاختلاف بين وجودك أمام الكاميرا والجلوس خلف الكاميرا؟ لقد استمتعت كثيرا وأنا خلف الكاميرا، حيث أكون صاحبة الرؤية الكاملة للعمل، لكن أمام الكاميرا أعيش كذلك متعة التمثيل الشخصية، لكل من العالمين مميزات وعيوب، لكن كوني مخرجة في ذلك العمل شيئا أحببته كثيرا، وأحببت التعامل مع الأسرة الفلسطينية وإدارة الفيلم على الرغم من عدم عملهم بالسينما من قبل، وعلى الرغم من الصراع المؤلم الذين أتوا منه، أكتشفت كذلك أن عدم الوقوف أمام الكاميرا أراحني من الضغط الذي أعيشه أمامها وأنا ألعب أي شخصية جديدة. ما الصعوبات التي واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟ تكمن الصعوبة بسبب قصة الفيلم المرتبطة بظروف الحرب، وقد استطعت تصوير مجموعة من المشاهد في غزة، لكني للآسف لم أستطع التواجد بنفسي لتصويرها، فاعتمدت على مصور من غزة هو أحمد الدنف، وأقول له أنت بطل حقيقي، حيث تولى تصوير جميع مشاهد الفيلم هناك، وكنت أتمنى أن يكون معنا ويشاهد الفيلم الذي شارك في صنعه، لكنه مع الآسف لم يتمكن من القدوم، أيضا من العوائق التي واجهتنا أننا لم نتمكن من إعادة تصوير أي مشهد قمنا بتصويره في غزة بسبب القصف المستمر، وبسبب إغلاق المعبر بعد ذلك، فالمشاهد على سبيل المثال التي صورها الأب وهو قادم من غزة لم يكن بإستطاعتنا إعادة تصويرها في حالة حدوث خطأ تقني أو فني، لهذا فالمشهد كان لابد أن يخرج بدون أي خطأ من "أول Take"، أيضا كانت هناك أفكار رغبت في تنفيذها لكن بسبب غلق المعبر والقصف الذي لا يتوقف لم أتمكن من تصويرها، رغم أنها كانت ستضيف إلى فنيات الفيلم، ورغم كل تلك القيود التي حاصرتنا في التصوير، نجحت في الخروج به إلى النور. اقرأ أيضا: درة التونسية وزوجها يصلان حفل جولدن جلوب كيف كان شعورك باختيار فيلمك الأول كمخرجة للمشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟ مجرد مشاركة وعرض الفيلم بمهرجان القاهرة السينمائي بمثابة شهادة كبيرة بالنسبة لي، فالمهرجان عريق وهام وله اسمه وسط المهرجانات العالمية، وأي فيلم يشارك به من المعروف أنه تتوافر فيه جميع العناصر المطلوبة للفيلم الجيد، والجميل أنني في فترة تصوير الفيلم كنت أتخيل أنه سيشارك في المهرجان، وهو ما حدث بالفعل، فأنا سعيدة وفخورة للغاية بوجود أول أفلامي كمخرجة في "القاهرة السينمائي". هل تفكرين في عرض الفيلم خارج حدود الوطن العربي حتى يكون بمثابة صوت جديد للشعب الفلسطيني للعالم الغربي؟ بالطبع، البداية الموفقة كانت هنا في مهرجان القاهرة، ويعرض بعدها في مهرجان "أيام قرطاج السينمائية" بتونس، وأنا أرتب حاليا لعرضه في العواصم الأوروبية، ولن أحصر عرض الفيلم في المهرجانات أو الفعاليات الرسمية فحسب، لأنها ببساطة تكون ذات حضور جماهيري محدود، لكنني أخطط لعرضه بشكل تجاري حتى يحظى بمشاهدة جماهيرية كبيرة.