جهود وخطط مكثفة تبذلها الدولة من أجل النهوض بالحرف والصناعات اليدوية والتراثية، بعد أن ظلت لسنوات طويلة فى دائرة النسيان. تعاون بين مختلف الجهات المعنية بدءًا بوزارة الثقافة التى أطلقت العديد من المبادرات التشجيعية لإحياء تلك الصناعات من جديد، ودعم وتشجيع العاملين بها، مرورًا بجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وما يوفره من قروض وتمويلات ميسرة للعاملين فى القطاع، وأخيرًا المجلس التصديرى الذى يضم مختلف العاملين فى الحرف اليدوية، ويهدف إلى فتح أسواق خارجية أمام المنتجات المصرية من خلال خطط جديدة بالتعاون مع مكاتب التمثيل التجارى فى الخارج، بهدف الوصول فى النهاية إلى «براند مصري» ذات سمعة كبيرة فى الأسواق الدولية. «الحرف التراثية» جزء أصيل من الهوية الثقافية لمصر، فهى تعكس إبداع الإنسان المصرى عبر العصور، وتبرز مدى ارتباطه بالطبيعة والبيئة المحيطة، وانطلاقًا من هذا الدور الثقافى، تبنّت وزارة الثقافة المصرية سلسلة من المبادرات والسياسات لدعم الحرفيين والحفاظ على هذه الصناعات التراثية من الاندثار، فى هذا التقرير، نناقش أبرز الجهود التى بذلتها الوزارة لتحقيق هذه الأهداف. وقامت وزارة الثقافة المصرية بجهود حثيثة لدعمها وتطويرها، كأحد روافد التنمية المستدامة، وأطلقت مجموعة من المبادرات لدعم الحرف التراثية والحفاظ عليها، ومنها: صنايعية مصر، وأيادى بلادى، ومبادرة لنقل أسرار الحرف التراثية للأجيال الجديدة. ومن جانبه أكد وزير الثقافة، د. أحمد فؤاد هنو، على ضرورة الاهتمام بمثل هذه المشروعات، مشيرًا إلى ملتقى «أيادى بلادي» الذى تم إطلاقه بالتزامن مع المنتدى الحضرى العالمى، هذا الملتقى يُعتبر خطوة نحو استدامة الحرف التقليدية التى تواجه تحديات عديدة بسبب دخول المنتجات الصناعية، مما يجعل الحفاظ على هذا التراث أمرًا ضروريًا. أتاح الحدث للمشاركين فرصة للتعرف على الإرث الحرفى المتنوع فى مصر، وعزز من قدرات الحرفيين المحليين من خلال برامج تدريبية ومنح تهدف إلى تطوير مهاراتهم التسويقية، كما ساهم فى تمكين الحرفيين من التعاون وتبادل المعارف لزيادة تأثيرهم الاقتصادى وتشجيع الأجيال الجديدة على الحفاظ على هذا التراث الثرى، يعد ملتقى «أيادى بلادي» حجر أساس لمستقبل واعد للحرف التقليدية والتراثية فى مصر، وتنظيم الملتقى بالتعاون بين وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة، هدف إلى تقديم فرص للحرفيين لعرض أعمالهم وتعزيز قدراتهم التسويقية للحفاظ على الحرف التقليدية كجزء من الهوية الثقافية المصرية ودعمها اقتصاديًا. «تراثنا».. فى الحفظ والصون وتمويلات مالية ميسرة ومعارض لزيادة المبيعات الحفاظ على المنتجات اليدوية والتراثية من الاندثار وتقديم الدعم الكامل لأصحاب المشروعات من أهم الملفات التى تعمل عليها الدولة خلال الآونة الأخيرة، لتشجيع الشباب على الاستمرار فى العمل والإنتاج والإبداع للحفاظ على الهوية المصرية التى تتجسد فى منتجاتهم المختلفة. ومنتجات أصحاب الحرف اليدوية تعبر عن ثقافة وفنون الحضارة المصرية العريقة، لذلك ينفذونها بتصميمات جذابة وجودة عالية وأسعار فى متناول الجميع، لذلك يقدم جهاز المشروعات التسهيلات اللازمة لأصحاب تلك المهنة وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والدعم المالى وغير المالى وإقامة المعارض وأشهرهم بالتأكيد «تراثنا والبازار» والتدريب المطلوب لمساعدتهم على التصدير. ويعتبر معرض تراثنا من أكبر المعارض المتخصصة فى مجال الحرف والتراث فى مصر وذلك بهدف فتح أسواق جديدة للمنتجات التراثية والحرفية وتشجيع أصحابها على زيادة الإنتاج وتشارك الخبرات ورفع مهاراتهم الإدارية والتصنيعية والفنية، وتم إقامة المعرض أكثر من مرة خلال الأعوام السابقة، وابدى المشاركون سعاتهم لمشاركتهم فى هذا الحدث الأشهر فى مصر، والذى يحظى باهتمام كبير من جانب الدولة، ويعد فرصة حقيقية للعارضين لزيادة مبيعاتهم والتعرف على أحدث التصميمات فى المجالات المختلفة. واهتمت الدولة المصرية بدعم وتطوير قطاع الحرف اليدوية والصناعات التراثية خلال الفترة الماضية، ومن بينها توجيهات الرئيس بتخصيص 200 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر لهذه الحرف، لأن الجميع يدرك مدى أهمية هذه الحرف لأنها تدل على جوانب الهوية الوطنية للدولة، ويعتمد فيها الصانع على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية، باستخدام الخامات الأولية المتوفرة فى البيئة الطبيعية المحلية وصناعة «تحف» من جميع المنتجات لعرضها بالأسواق، ويعمل الجهاز على توفير الدعم والرعاية لقطاع الحرف والصناعات اليدوية والتراثية للحفاظ على هذه الصناعات والحرف وخلق البيئة المواتية لإعادة إحيائها واستمراريتها. ومن جانبه، أكد باسل رحمى الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات، أن هناك تمويل بقيمة 25 مليون جنيه لتعزيز الدعم المتاح للمشروعات الحرفية والتراثية، «مشروع حرفة للتمويل متناهى الصغر»، وذلك لتنفيذ استراتيجية الدولة فى النهوض بالمشروعات متناهية الصغر والتوسع فى تمويلها لتشجيع المواطنين على التشغيل الذاتى والحد من انتشار البطالة ورفع مستوى المعيشة والتركيز على الحرف اليدوية والتراثية لما تتمتع به من قدرة على توفير فرص عمل كثيفة، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يتم تمويل حوالى 250 مستفيدا من خلال تنفيذ هذا العقد خاصة بمناطق التجمعات الإنتاجية بما يساهم فى مساعدة المشروعات الحرفية والتراثية على المنافسة والاستمرار فى السوق والتحول من القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى. وصرح مدير مركز الحرف التراثية، الفنان التشكيلى أحمد وحيد، بأن هناك خطوات جادة لتعزيز الشراكات لتسويق الحرف التراثية بدأت بالتعاون مع سفارة الصين واستضافة وفد صينى للتعرف على منتجات المركز كما تمت مناقشة عدة قضايا تسويقية لدعم تسويق الحرف التراثية، تعمل الوزارة أيضًا بالتعاون مع وزارات أخرى ومنظمات دولية لدعم عمل النساء فى هذا المجال، وهذا جزء من رؤية أوسع للحفاظ على التراث المصرى وتعزيز دوره الثقافى. وفيما يخص التسويق الإلكترونى أطلقت وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية منصة أيادى مصر، لتسويق المنتجات اليدوية والتراثية إلكترونيًا. كما تنظم وزارة الثقافة مهرجانات سنوية بمشاركة واسعة من الحرفيين لعرض منتجاتهم واستقطاب السياح والمستثمرين المهتمين بهذه الصناعات، كما تدعم المرأة فى الصناعات التراثية، عبر برامج تدريبية متخصصة، ويتم تنظيم ورش عمل لتطوير مهارات النساء فى الحرف اليدوية، بالإضافة إلى توفير فرص تسويق محلية ودولية لمنتجات النساء الحرفيات، وتحويل الحرف اليدوية إلى مصدر دخل مستدام للأسر المعتمدة على هذه الصناعات. التصدير.. الخطوة الأهم ، 20 % زيادة خلال عام.. وخطة للوصول إلى 650 مليون دولار تصدير منتجات الصناعات والحرف اليديوية أمر ضرورى، لعرض الإنتاج المصرى فى مختلف السواق الدولية، ولهذا تم مؤخرًا إنشاء المجلس التصديرى للحرف والصناعات اليدوية الذى يستهدف بالأساس دعم العاملين بالقطاع، ومساعدتهم على تصدير منتجاتهم. وأكد هشام العيسوى، رئيس المجلس التصديرى للحرف والصناعات اليدوية، أن هناك خطة واضحة واضعها المجلس منذ انتخابه تستهدف تعزيز مكانة الحرف اليدوية والإبداعية المصرية فى الأسواق الدولية، وأكد أن مصر تمتلك تراثاً عريقاً وحضارة فريدة يجب أن تنعكس على أرقام صادراتنا وحصص مصر السوقية العالمية فى مجالات الحرف والصناعات اليدوية والابداعية، وأضاف أن هناك دولاً أخرى استطاعت اقتناص حصص سوقية من منتجات مصر الحرفية والابداعية فى الأسواق الخارجية، مما يتطلب جهودا مضاعفة لاستعادة تلك المكانة والتميز، بما يتطلب أيضاً توحيد الجهود والرؤى للوصول إلى المكانة السوقية العالمية التى تستحقها مصر. وأشار إلى أن المجلس التصديرى للحرف اليدوية حقق نجاحاً ملموساً خلال الفترة الماضية، حيث تمكنا من زيادة صادرات الحرف اليدوية والابداعية بقيمة تقدر بحوالى نصف مليار دولار، ما يمثل نمواً بنسبة 20% خلال عام واحد فقط، مما يعزز من مكانة المنتجات المصرية فى السوق العالمى، وأكد العيسوى إلى أن المجلس يضع خطة طموحة تستهدف تحقيق زيادة كبيرة فى الصادرات، للوصول إلى 650 مليون دولار بحلول عام 2027، تأتى هذه الخطة كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى رفع قيمة المنتجات وتوسيع انتشارها عالمياً. وأوضح العيسوى، أن المجلس يتبنى توجهاً يركز على «الكيفية» إلى جانب «الكم»، حيث يتم تطوير وتحسين جودة المنتجات الحرفية والابداعية المصرية ورفع مواصفاتها وقيمتها المضافة لتلبية احتياجات الأسواق العالمية، وذلك بالاستعانة بخبراء مصريين على مستوى عالمى فى التصميم والاستدامة والتسويق والتغليف والتسعير لمخاطبة الفئات المستهدفة وتعظيم العائد على صادراتنا من الحرف والصناعات اليدوية والابداعية، وشدد هشام على أهمية دراسة الأسواق المستهدفة بعناية قبل الدخول فيها، موضحاً أن التحليل الدقيق لهذه الأسواق يساهم فى تحقيق مكاسب مستدامة للصادرات المصرية. وأشار هشام إلى أن قطاع الحرف اليدوية والصناعات الإبداعية يعمل به ما يزيد على 2 مليون فنان وحرفى مبدع على مستوى الجمهورية، مما يجعله ركيزة أساسية فى نمو الاقتصاد الوطنى وهناك توقعات بمضاعفة هذا الرقم خلال السنوات المقبلة ولا بد من استغلال هذا القطاع بشكل يضيف إلى الاقتصاد المصرى، وأوضح أن استهداف الأسواق المناسبة يسهم فى رفع كفاءة العمليات التصديرية وضمان الوصول للفئات المستهدفة بفعالية، ولفت إلى أنه فى إطار مسؤولية المجلس نحو التطوير، يعمل المجلس على تقديم برامج تدريبية وتوجيهية لدعم الحرفيين وتمكينهم من تحقيق أفضل مستويات الإنتاجية، ويسعى المجلس أيضاً إلى تطوير مواصفات المنتجات المحلية وجعلها متوافقة مع المعايير العالمية مما يساعد فى تعزيز تنافسيتها وجذب المزيد من العملاء.