أصدرت المحكمة الدستورية العليا، حكم قضائى قلب الموازين، والذي ينص بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنته من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وحددت المحكمة اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى الحالى لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر حكمها. وحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية فى نظام الإيجار القديم عند 7%، يمثل انتصارًا للملاك ويدفع نحو زيادة الإيجار بشكل متناسب مع الوضع الحالي. قانون الإيجار القديم يحتاج إلى فترة انتقالية لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين وتحديد الأجرة بقانون الإيجار يتعين دومًا أن يتساند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية مما يوجب تدخل المشرع لإحداث هذا التوازن، فلا يمكّن المالك من فرض قيمة إيجارية استغلالًا لحاجة المستأجر إلى مسكن يأويه، ولا يهدر عائد استثمار الأموال - قيمة الأرض والمباني – بثبات أجرتها بخسًا لذلك العائد فيحيله عدمًا. ماهو مضمون الفقره الأولى من المادة 1 من القانون 136 لسنة 1981 المقضي بعدم دستوريتها؟ أجاب احمد البحيري المستشار القانوني لجمعية المتضررين الايجار القديم، قائلا نصت الفقرة الأولى من المادة 1من القانون: فيما عدا الإسكان الفاخر، لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7% من قيمة الأرض والمباني وعلى ألا تقل المساحة المؤجرة لهذه الأغراض عن ثلثي مساحة مباني العقار . وأضاف بأن الحكم القضائي حدد لمجلس النواب الانتهاء من القانون خلال فترة الانعقاد، وإذا لم يتم الانتهاء من القانون من حق المالك إقامة دعوى قضائية أمام المحكمة المدنية وبناءً عليه من حق المالك أن يضع سعر الايجار للشقق بما يريد . وبسؤال المستشار القانوني حسام الجعفري تفاصيل حكم الدستورية، ماهو مضمون الفقره الأولى من المادة 2 من القانون 136 لسنة 1981 المقضي بعدم دستوريتها؟ قال إن الفقرة الأولى من المادة «2» من القانون تقدر قيمة الأرض بالنسبة إلى الاماكن المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة وفقا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وتقدر قيمة المباني وفقا للتكلفة الفعلية وقت البناء، فإذا ثبت تراخي المالك عمدًا عن إعداد المبنى للاستغلال، تقدر تكلفة المباني وفقا للأسعار التي كانت سائدة في الوقت الذي كان مقدرًا لإنهاء أعمال البناء وذلك دون الإخلال بحق المحافظة المختصة في استكمال الأعمال وفقا للقواعد المنظمة لذلك. ماذا تضمن حكم عدم الدستورية في حيثياته؟ أجاب حسام الجعفري المحامي قائلا: وفقا للمحكمة أن النصين المطعون عليهما قد حظرا زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7٪ من قيمة الأرض عند الترخيص، والمباني طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، وهو ما مؤداه ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، ولا تؤثر فيه زيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لقيمة الأجرة السنوية، واضمحلال عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم، وهو ما يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية. ماهو موعد تنفيذ الحكم؟ أضاف الجعفري وفقا لما جاء بالحكم فإن موعد تنفيذ الحكم سيكون في اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب وهو ما يعنى ضرورة قيام البرلمان من الآن وحتى فض دور الانعقاد بصياغة مشروع قانون بتعديل الفقرتين الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص بقيمة الزيادة السنوية للإيجار بالنسبة للوحدات السكنية المؤجرة بهذا القانون. ودور الانعقاد العادى بدأ في شهر أكتوبر 2024 الجاري ويستمر لمدة تسعة أشهر وعقب انتهائه يبدأ تنفيذ الحكم أي من المحتمل ان يكون في يونيو أو يوليو 2025. وسبق وأن صدر القانون 10 لسنه 2022 والذي تضمن إخلاء وحدات أو أماكن الإيجار القديم للأشخاص الاعتباريين لغير غرض السكن. ماهو موقف أماكن الإيجار القديم للأشخاص الاعتباريين لغير غرض السكن؟ قال حسام الجعفري المحامي بصدور القانون رقم 10 لسنه 2022 والذي تضمن إخلاء وحدات أو أماكن الإيجار القديم للأشخاص الاعتباريين لغير غرض السكن، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ال5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون، وإلزام المستأجر بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك، وفى حالة امتناع المستأجر يحق للمالك اللجوء للقضاء، وتحديد القيمة الإيجارية 5 أمثال القيمة القانونية السارية، وزيادة سنوية وبصفة دورية بنسبة 15%، وهذا القرار مقيد بشرطين، الأول أن يكون المستأجر من الاشخاص الاعتبارية فقط «الشركات بأنواعها – مؤسسات – هيئات منظمات»، والثاني أن يكون الغرض من الإيجار غير معد للسكن كأن يكون «مقر إدارى للشركة - مخزن – معرض ... إلخ». والحديث عن المدة التى يجب خلالها إخلاء الأماكن المؤَجرة للأشخاص الاعتبارية، قال الجعفري أن المادة الثانية نصت على أن أجل إخلاء الأماكن المؤَجرة للأشخاص الاعتبارية خلال مدة لا تجاوز 5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون. وبالحديث حول كيفية تحديد القيمة الإيجارية، قال: تضمن المادة 3 تحقيق التوازن بين طرفى العلاقة الإيجارية، بأن حددت القيمة الإيجارية خمسة أمثال القيمة القانونية السارية، وتُزاد سنويًا، وبصفة دورية، بنسبة 15%. وأوضح أنه يتم إخلاء المكان المؤَجر ورده إلى المالك، وذلك لان المادة الرابعة تلزم المستأجر بإخلاء المكان المؤَجر ورده إلى المالك أو المؤِجر بحسب الأحوال فى اليوم التالى لانتهاء المدة المبينة بالمادة 2 من هذا القانون. وأكد حسام الجعفري المحامي أنه فى حالة امتناع المستأجر عن ذلك يكون للمالك أو المؤجر بحسب الأحوال أن يطلب من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن فى دائرتها العقار بطرد الممتنع عن الإخلاء، دون الإخلال بالحق فى التعويض إن كان له مقتضى. وأكد «الجعفري» أن الفئات التى سيتم تطبيق هذا القانون، هم الوحدات الإدارية التى تؤجر للأفراد العاديين، المبانى التى تؤجر من قبل السفارات الأجنبية، المحلات التجارية التى تؤجر من قبل الحكومة، الوحدات السكنية التى تؤجر من الحكومة بهدف تجارى أو إدارى، المكاتب التابعة للشركات، المكاتب الخاصة بالمحاماة، العيادات الخاصة بالأطباء، المكاتب الاستشارية، المحلات التى يتم تأجيرها من قبل الأفراد العاديين. وبالإجابة عن سؤال هل هناك تعارض بين القانون رقم 10 لسنه 2022 وحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 11 لسنة 23 قضائية دستورية؟ قال: صدر حكم المحكمة الدستورية رقم 11 لسنة 23 قضائية دستورية والذى انتهى إلى أمرين، الأول بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة: «لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد،...»، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ 200 جنيه مقابل أتعاب المحاماة، والثاني بتحديد اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره. منح فترة انتقالية يتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية التى تقضى بالإخلاء الفورى فالسؤال هنا.. كيف يكون هناك حكم صادر من المحكمة الدستورية بالإخلاء، ويكون هناك قانون يعطى فرصة انتقالية 5 سنوات قبل تحرير العقود. وهناك أحكام قضائية صدرت بالفعل خلال الفترة السابقة عقب صدور حكم الدستورية ببطلان مادة القانون، فالتعديلات مجرد اقتراح أعلنته الحكومة فى صورة مشروع قانون لن ينفذ إلا بعد إقراره رسميًا ونشره فى الجريدة الرسمية. هل يصبح حكم الدستورية العليا سندًا بذاته لدعاوى إخلاء وطرد للمستأجرين من الشخصيات الاعتبارية؟ قال الجعفري هناك رأيان، الأول: يرى بأنه يجوز أن يكون الحكم بعدم دستورية صدور المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 سنداً لإقامة دعاوى إخلاء للأشخاص الاعتبارية العامة – سنده – أن فقد السند القانونى بعدم دستورية صدور تلك المادة يعنى أن البقاء فى العين المستأجرة من أشخاص اعتبارية سيكون بدون سند من القانون، والثانى: يرى أن حكم المحكمة الدستورية لا يصح أن يكون سنداً لأسباب حاصلها في، أن عدم الدستورية انصرف إلى تأبيد عقود الإيجار التى تعقد للأشخاص الاعتبارية، وبالتالى جوهر القضاء بعدم الدستورية كان (تأبيد) العقود وهو ما يتعارض مع حقوق الملكية الخاصة والتضامن الاجتماعى وفقًا لنصوص الدستور التي تقرر ذلك وغير ها من النصوص التي رددها الحكم، أن تطبيق الحكم بذاته سيخلق هو الآخر نوعًا من عدم التكافؤ، وهو ما حرص الحكم على جعله سندًا للقضاء بعد الدستورية، فيصبح الشخص الطبيعى الذى تعاقد على مكان لغير أغراض السكنى إذا ما توافرت الشروط للامتداد متمتعًا بهذا الحق له وورثته حتى الدرجة الثانية، وربما يكون عقد إيجاره أسبق من عقد إيجار شخصية اعتبارية، بتطبيق الحكم بذاته سيبقى المستأجر الطبيعى مدة أطول كثيرًا بعد تاريخ حكم الدستورية فيما لو اعتبر سندًا بذاته، إن حكم الدستورية يتطلب ضرورة تدخل تشريعى حين جاءت الفقرة (ثانياً) فى منطوق الحكم على هذا النحو (بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره. وبالحديث حول موقف محكمة النقض، قال الجعفري المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار فى القانون المدنى وهى واجبة التطبيق فى الأصل على ما يبرم فى ظلها من عقود ما لم يرد فى تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام، فإذا خلا التشريع الاستثنائى من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون باعتبارها القواعد الأساسية حتى لو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد ممتدًا بقوة القانون الاستثنائى. اقرأ أيضا: عمرو درويش يوضح قرار الدستورية بشأن الإيجار القديم: «لن يتم طرد المستأجرين» ووفقا للمادتين 601, 602 من القانون المدنى فقد جعل المشرع القاعدة هى أن موت أحد المتعاقدين فى عقود الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعقد الإيجار خلافًا للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فإن الإيجار لا ينتهى بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاءه. ولأن كان ظاهر نص المادة 602 سالفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليهما فيه إلا أنه استهداء بالحكمة التى أملته، فإن طلب الإخلاء مخوّل لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقضى كفاية قد لا تتوافر فيهم بخلاف الحالة التى يراعى فى إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 602 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية فى شخص المستأجر - فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد. ومن ثم لا يستطيع المؤجر مع بفرض تطبيق حكم المحكمة الدستورية أن يلجأ إلى إنهاء عقد الإيجار وإلى طلب الإخلاء استنادا إلى هذا الحكم دون صدور نص تشريعى ذلك أن تلك الحالة تعنى كونها حالة لا تشملها القوانين الاستثنائية التى عقد الإيجار فى ظلها، وبالتالى فإن إعمال المادتين 601 و 602 من القانون المدنى هى الواجبة التطبيق، وبالنسبة إلى أن المادة الأخيرة ظاهرها يعطى الحق للمؤجر وللمستأجر وورثته إنهاء العقد فإن محكمة النقض مع حكمة النص قصرت ذلك على المستأجر وحدة دون المؤجر مسايرة لحكمة النص وفقًا لما أقرته محكمة النقض.