7 سنوات هي عمر مهرجان الجونة السينمائي الذي ولد عملاقًا بدورة جعلته حديث مصر والعالم، بعدما أعلن عن ضم لجنته الاستشارية الدولية لنجوم مثل فورست ويتكر ومارجريت فون تروتا والمخرج عبد الرحمن سيساكو، وقائمة بحضور أكثر من 800 نجم من مصر وجميع أنحاء العالم على رأسهم الممثل الأمريكي مايكل مادسون، والممثلة الأمريكية فانيسا ويليامز، الممثل الاسكتلندي جيرارد باتلر والممثل الإسباني أنتونيو بانديراس، والممثل التركي خالد أرجنش، وتكريم الزعيم عادل امام في هذه الانطلاقة القوية. وبالفعل تحولت مدينة الجونة من مدينة ساحلية هادئة على شاطئ البحر الأحمر إلى مدينة تتجه لها انظار واستثمارات العالم ايضًا، بعد أن أصبح المهرجان محطة تجمع بين "الترويج السياحي" للمدينة و"التطوير السينمائي" وواجهة مشرفة لمصر في الوسط السينمائي العالمي. استمر مهرجان الجونة في اللعب على عنصر الابهار وتواجد النجوم و"ترندات السجادة الحمراء" لعدة سنوات فلا يوجد طريقة أضمن من تواجد هذا الكم من النجوم لتحقيق هدف الانتشار وخطف الانظار، ولكن على الجانب الأخر لم يغفل المهرجان منذ الدورة الاولى رسالته الأساسية والتي اعلنها في شعار "سينما من أجل الانسانية" والتزم مع جمهوره بتقديم مجموعة من اروع الأفلام العربية والاجنبية ضمن مسابقاته وبرامجه المختلفة بالإضافة لدعم صناع الافلام ومشاريعهم. في السنه السابعة، وبعد تغيرات في الهيكل الاداري والفني للمهرجان، تغيرت استراتيجيته، وعلى الرغم من تواجد ملحوظ للنجوم الشباب، إلا أن المهرجان لم يولي أهمية أو ميزانية كبيرة كعادته لاستضافة نجوم عالميين، فلم يعد يبحث عن نفس الضجة ولكن أولويته الأن أصبحت تقديم دعم أكبر لصناع الأفلام. هذا ما أكده ايضًا الأخوين "ساويرس" في حفل الافتتاح عندما ذكروا دعمهم القوي للمهرجان في بداياته ولكنه بالنسبة لهم يظل مشروع يجب ان يحقق النجاح المطلوب وان يستطيع الانفاق على نفسه من خلال استقطاب الرعاة والمشاريع المختلفة، وهو ما أحدث تغيير في اوجه صرف ميزانية المهرجان.هذا التغير في استراتيجية المهرجان ترجمه البعض على أنه أفول لنجم الجونة كمهرجان سينمائي مرموق وانه يواجه "هرشة السنة السابعة" بسبب التغيير الفني والاداري وكأن المهرجانات الناجحة تقاس بعدد النجوم على السجادة الحمراء او أن غياب "ميجا ستارز" عالميين عن حفل الافتتاح ازمة تشير لعدم قدرة المهرجان على الحفاظ على النجاح بعد الوصول لقمته! الحقيقة أن الدورة السابعة لمهرجان الجونة تعتبر واحدة من افضل وأنجح الدورات على المستوى الفني والتنظيمي، فقد شهدت منصة "سيني جونة" هذا العام توسعًا ملحوظًا لتطوير المشاريع والإنتاج المشترك، وتوفير الفرص للمخرجين والمنتجين العرب لإيجاد الدعم الفني والمالي اللازم. واستقبلت أكثر من 230 مشروعًا من جميع أنحاء العالم. وقامت لجنة من الخبراء السينمائيين بمراجعة هذه الطلبات، واختيار 13 مشروعًا في المراحل المختلفة تروي حكايات تمثل 13 بلدًا عربيًا، بشراكة مع تسع دول غربية، ستتنافس على مجموعة متنوعة من جوائز الدعم المادي والخدمي بقيمة اجمالية تزيد عن 200 ألف دولار. هذا العام تم اطلاق مبادرة "سيني جونة للمواهب الناشئة"، مع برنامجين جديدين هما "سيني جونة للمواهب الناشئة: النجوم الصاعدة" و"سيني جونة للمواهب الناشئة: زوايا"، بالإضافة إلى مبادرة "سي مي" والتي قدمت فرصًا غير مسبوقة لصانعي الأفلام الطموحين، والمحترفين الإعلاميين، والمبدعين للتواصل مع الصناعة، والتفاعل مع الخبراء، والحصول على تجارب مثمرة. كما نظم البرنامج عرضًا خاصًا للأطفال في مدرسة الجونة "سي سينما" الجونة، في محاولة لتشجيع حب السينما لدى الأطفال منذ الصغر. استضاف البرنامج 150 من صناع الأفلام والمهنيين السينمائيين الشباب من مختلف أنحاء مصر في مدينة الجونة على مدار 9 أيام، العديد منهم حضروا المهرجان لأول مرة. انخرط المشاركون في برنامج غني، حيث حضروا عروض الأفلام، والمناقشات، وجلسات الأسئلة والأجوبة مع صناع الأفلام من جميع أنحاء العالم. وكجزء من مبادرة لتطوير التفكير النقدي والانخراط في السينما، قام المشاركون بالتصويت على أفلامهم المفضلة، وقدمت ثلاث جوائز بقيمة 3 الاف دولار. شهد هذا العام أيضًا النسخة الأولى من برنامج "النجوم الصاعدة"، الذي احتفل بجيل جديد من صناع الأفلام الموهوبين. تم دعوة سبعة مشاركين لعرض أعمالهم في المهرجان، حيث قدموا أحدث أفلامهم القصيرة في جلسات عروض حصرية والانخراط في لقاءات فردية مع صناع الأفلام، والمنتجين، والخبراء في المجال. اما برنامج "سيني جونة للمواهب الناشئة: زوايا"، الذي يركز على تطوير الجيل القادم من المصورين، وصناع المحتوى، و الصحفيين. التقط 15 مشاركًا ومشاركةً جوهر المهرجان من خلال مقابلات الفيديو، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والمقالات. وقد عرضت أعمالهم - التي تضمنت محتوى على منصتي TikTok وInstagram ومواد مكتوبة معمقة تبرز موهبتهم في السرد، وتقدم موجة جديدة من المحترفين الإعلاميين الذين سيساهمون في تشكيل مستقبل صناعة الأفلام. على الجانب الأخر، شهد المهرجان هذا العام اقبال كبير على عروض الافلام مع اعلان حجز 22 ألف تذكرة سينما، حيث امتلأت دور العرض ورفعت بعض الافلام شعار "سولد اوت" مما دفع المهرجان لاعادة بعض العروض بناء على طلب الجمهور. ونافس اكثر من 40 فيلم على جوائز المهرجان للمسابقات المختلفة وهي مسابقة الافلام الروائية الطويلة ومسابقة الافلام الوثائقية ومسابقة الافلام القصيرة بالاضافة لجائزة افضل ممثل وافضل ممثلة وجائزة سينما من اجل الانسانية وجائزة نجمة الجونه الخضراء وهي جوائز تقدر بحوالي 250 ألف دولار أمريكي، بالإضافة لعدد كبير من الافلام التي عرضت خارج المسابقة وفي البرامج الخاصة والكلاسيكية وأيضًا المرممة. وأخيرًا، أرى أن "الجونة" نجح في تجاوز تحديات "السنة السابعة"، سواء كانت اقتصادية أو على مستوى الترتيبات الداخلية، وهي تحديات مرت بها بعض المهرجانات الأخرى حول العالم وتجاوزتها، وهو ما يبشر بقدرة "الجونة" على الاستمرار في الازدهار ليظل واجهة عالمية للسينما المصرية والعربية.