تفصلنا أيام قليلة عن معرفة نتائج الانتخابات الأمريكية، والتى من المتوقع أن تكون الأكثر إقبالًا خلال العقد الحالى، كما أن الحرب على غزة حاضرة بقوة خلال هذه الانتخابات، وقد سعى المرشح الجمهورى دونالد ترامب إلى تناول الأمر بشكل كبير لاستمالة الناخب اليهودى تارة والناخب المسلم تارة أخرى مؤكدًا أنه القادر على وقف الحرب فور تسلمه الحكم. وخلال مؤتمره الانتخابى فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية بالتاسع عشر من شهر أكتوبر الماضى صرح المرشح الرئاسى عن الحزب الجمهورى دونالد ترامب بأنه تحدث أمس مع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى الذى أبلغه أنه لا يستمع لكلام الرئيس الأمريكى بايدن ولا ينفذ ما يطلبه منه، وذلك للإشارة إلى أنه الأقرب لدولة الاحتلال الإسرائيلى. وأكمل ترامب خلال هذا المؤتمر بأنه رد على بنيامين نتنياهو قائلًا له: جيد أنك لم تستمع له أو تنفذ ما يطلبه منك لكانت دولتكم انتهت. رغم أن هذا الكلام يعتبر إهانة للرئيس الأمريكى ج بايدن إلا أن لهذه التصريحات دلالات مهمة تشير لاستغلال بنيامين نتنياهو لضعف الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن واستخفافه بكل إدارته، ورغم كل ذلك نرى حجم الدعم الكبير من قبل إدارة البيت الأبيض لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ومن جانب آخر تسعى مرشحة الحزب الديموقراطى كامالا هاريس لاستمالة الصوت اليهودى الذى ظل داعما للحزب الديموقراطى رغم موقف الجمهوريين المدافعين بكل قوة عن دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتشير التقارير إلى أن جزءا كبيرا من يهود أمريكا قد يصوتون هذه المرة لصالح المرشح الجمهورى دونالد ترامب الذى يعتبرونه من أهم المدافعين عن دولة الاحتلال الإسرائيلى والذى يحرض على المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس بحجة تعاطفها مع الفلسطينيين. رغم قناعة العديد بأن الدولة العميقة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية هى صاحبة القرار وليس الزائر الذى يأتى وطاقمه ليقيم فى البيت الأبيض لمدة أربع أو ثمانى سنوات. فإذا أرادت أن تظهر وجه الولاياتالمتحدةالأمريكية الخشن ستأتى بالجمهوريين لذلك نرى أن المرشح الجمهورى بالعادة عنوان للحروب، أما إذا أرادت الدولة العميقة إظهار الوجه الناعم للولايات المتحدةالأمريكية جلبت الديموقراطيين للبيت الأبيض. إلا أن أى الإدارتين إذا كانت جمهورية أو ديموقراطية يكون بيدها تحدى الدولة العميقة خلال الفترة الانتقالية الممتدة من نهاية الانتخابات فى الخامس من نوفمبر حتى تسليم الرئيس الجديد فى العشرين من يناير، وبمقدورها خلال الشهرين والنصف تمرير قرارات مخالفة لموقف الدولة العميقة، كان أبرز هذه التحديات عندما أخفق الديموقراطيون فى نوفمبر من عام 2016م فوافقوا على تمرير قرار مجلس الأمن 2334 الذى يدين الاستيطان الإسرائيلى فى مدن الضفة الغربية، ولم يستخدموا هذه المرة الفيتو لمنع تمرير هذا القرار، ورغم أن دونالد ترامب لم يلتزم بتنفيذ هذا القرار ومجلس الأمن عجز عن فعل شيء إلا أن الأمر كان له دلالات بأن بالإمكان فعل شيء خلال الفترة الانتقالية لنقل مقعد الرئاسة، لذلك نحن أمام سيناريوهين، الأول فشل الديموقراطيين وإعادة سيناريو عام 2016م والضغط بقوة على الاحتلال الإسرائيلى لوقف الحرب على غزة ولبنان، والموافقة على تمرير قرار لمجلس الأمن يفرض وقف الحرب على كل الأطراف، وإذا رفض الاحتلال الإسرائيلى الالتزام بالقرار أوقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية توريد الأسلحة والذخائر للاحتلال الإسرائيلى، وستكون هذه الفترة فرصة للديموقراطيين لتصويب مصادر ضعفهم والانتقام من بنيامين نتنياهو الذى أهانهم كثيرًا. السيناريو الآخر هو فوز المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، وفى هذه الحالة سيكون الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن متحررًا من ضغوط المنصب هو وطاقمه ويمارس ضغطًا على بنيامين نتنياهو للقبول فى خطته لوقف الحرب على غزة والتى صدر بها قرار مجلس الأمن رقم 2735 وتهرب نتنياهو من تنفيذه. رغم ضعف تأثير الملفات الخارجية على صوت الناخب الأمريكى، إلا أن القضية الفلسطينية تفرض حضورها فى هذا المشهد حتى لو كان هامشيًا.