شقة الزاوية الحمراء كتبت كلمة النهاية للشاب مينا موسى، ممرض المنيا الذى قرر السفر إلى القاهرة فى رحلة الموت بحثًا عن وظيفة اتضح فيما بعد أنها وهمية، ممرض منزلي براتب مغري، كمين محكم من الجناه راح ضحيته، وتقطيع جثته إلى اشلاء وإلقائها للكلاب الضالة. لكن كيف تمت الجريمة؟، كيف استدرج مينا من بلدته فى المنيا إلى مصر الجديدة ومنها الى شقة الموت فى الزاوية الحمراء؟، من هم المتهمون؟، ولماذا خططوا لقتله بتلك الطريقة البشعة؟، والأهم كيف اكتشفت جريمتهم، وأين باقى جثمان القتيل خاصة وانه لم يعثر إلا على أطرافه فقط؟، الجريمة بشعة بكل تفاصيلها، نكشف كواليسها من خلال السطور التالية. كشف القس إبراهيم سعد عم الممرض مينا موسى الذي راح ضحية الوظائف الوهمية عن تفاصيل مهمة ليزيح الستار عن بعض الحقائق المبهمة فى هذه الواقعة التى مازالت قيد التحقيقات. فى البداية قال القس ابراهيم ابن شقيق مينا موسى صاحب ال22 عامًا؛ انه شاب طموح، ووصفه بأنه فاكهة العائلة، عرف عنه الالتزام الدينى، وهو الولد الاكبرعلى ثلاثة شقيقات، محبوب من الجميع يعرف طريق الصواب، دائمًا ما يبحث عن العلم، ومقصده النجاح والتفوق. قرر أن يكمل تعليمه بعد أن حصل على دبلوم الصنايع التحق بمعهد التمريض وتفوق فى المعهد ليحصل على الشهادة، وعمل فى حضانة للاطفال فى بلدتنا بمحافظة المنيا. واستطرد القس ابراهيم الحديث عن رحلة الموت التى انهت حياة مينا وكانت بدايتها ميلاد زميله وصديقه الذى عرض عليه الالتحاق بوظيفة فى محافظة القاهرة، والعمل ممرض بدلًا منه لان ميلاد لن يتمكن من العمل بسبب تأديته للخدمة العسكرية وعرض الوظيفة فيما بعد على مينا خوفًا من ضياع فرصة عمل قد تكون مهمة يستفيد منها فى الحصول على راتب مجزى. وتابع القس ابراهيم؛ ان ميلاد صاحب مينا، يعمل معه في حضانة للأطفال، في احدى المرات تصفح خلالها مواقع التواصل الاجتماعي، فوجد إعلانًا لوظيفة ممرض منزلي بمرتب مغري، يصل الى 9 آلاف جنيه، وكان ذلك فى شهر ابريل الماضى، اى قبل 6 اشهر. وأضاف عم مينا؛ في بداية الأمر رفض العرض لأنه مكتفي بوظيفته الحالية، ولكن مع مرور الوقت ولإلحاح من صديقه تقدم للالتحاق بالوظيفة، وتواصل هاتفيًا مع اصحاب الاعلان الوهمى، وفي اليوم الثاني على الفور جاءه الرد بالقبول، ولكن طلب منهم أن ينتظروا حتى حضورعرس شقيقته، ومن ثم سيتمكن من الالتحاق بالوظيفة واوضح أن الشركة الوهمية كانت تلح عليه حتى أنهم تواصلوا معه بعد عرس شقيقته ليخبرونه أنهم علموا من خلال متابعته عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى بأن فرح شقيقته تم وسؤاله متى سيحضر للالتحاق بالوظيفة. اختفاء وفدية وذكر القس سعد؛ أن مينا توجه إلى القاهرة بعد 14 يومًا من زفاف شقيقته، وفى اليوم التالى تواصل مع الجناة وكانوا في انتظاره فى منطقة الحجاز بمصر الجديدة، وبعد ساعات من خروجه اغلق هاتفه تمامًا، فى البداية رأينا انه امرا طبيعيا ربما نفذ شحن الهاتف أو أن مينا مشغول، وبدأ الوقت يمر ومينا هاتفه مازال مغلقًا حتى وقت متأخر من الليل، هنا بدأ الشك يتسلل إلى قلوبنا، ومع اختفائه لليوم التالى كانت الصدمة عندما فتح هاتفه لترد سيدة؛ وكان هذا احد الخاطفين يتقمص دور امرأة، لم نتشكك لحظة واحدة وكانت الصدمة عندما قالت:»مينا موجود معانا احنا طالبين 120 ألف جنيه فدية لو عايزين ابنكم يرجع تانى»!، وافقنا دون تردد ولو طلبوا مليون جنيه الغريب هو أن الهاتف اغلق تماما، وتلقينا بعدها 12 رسالة فويس على الواتس آب من مينا صوت اشبه بالشخص المخدر واحدة من هذه الرسائل جاء نصها. فى هذه اللحظة قررنا الابلاغ عن خطف مينا؛ لتبدأ رحلة جديدة من البحث عنه والخاطفين، وبعد 24 ساعة تمكن ضباط مباحث المرج بقيادة المقدم أحمد مصلح رئيس المباحث وبإشراف العقيد باهر البشلاوى مفتش المباحث من الوصول إلى مينا وضبط الخاطفين وهو ما جعلنا نشعر بالفرحة، لكن الصدمة عندما عثر على اشلاء من جسد ابن شقيقى، عبارة عن ثلاثة اطراف اليد اليسرى والقدمين فى ترعة الاسماعيلية، ولم نعثر على باقى الجسد حتى الآن، واضاف تم عمل تحليلDNA، واكدت أن الأشلاء المعثور عليها ترجع لجثة ابنه شقيقى، وفى النهاية تم استلام الاشلاء وتشييع الجثمان بمسقط رأسه بقرية الروضة بمركز ملوى بمحافظة المنيا. التخطيط والتنفيذ للجريمة وأدلى المتهمان بأقوالهما أمام جهات التحقيق وجاءت اقوالهما كالتالى؛ المتهم الاول المدعو إبراهيم البالغ من العمر 41 عامًا ممرض، قال انه اقترح على صديقه استدراج أحد الأشخاص بحجة وظيفة وهمية ثم احتجازه وطلب فدية من أسرته، وقد وافق المتهم الثاني شريكه فى الجريمة، وأنشأ صفحة وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وبعمل إعلان عن طلب ممرض منزلي مقابل حصوله على راتب مغري فى محافظة القاهرة. تواصل معهم مينا وتحدث معهم عبر التليفون اكثر من مرة وطلب منه ارسال «السي فى» وطمأنه بأنه زميله ممرض مثله، وبعدها طلب منه يوم الواقعة مقابلته دون أن يستقل أي مواصلة بحجة أنهم قريبين من منزله، وأضاف المتهم في الاعترافات أنهما استدرجا مينا موسى بمنطقة الزاوية الحمراء، وعندما وصل المنطقة استدرج للشقة وايهامه أن الشقة للرجل المسن. «بعد ما طلع وحس بمحاولة خطفه زعق بصوت عالي»، وخوفًا من اكتشاف امرنا وسط الجيران، ضربته على راسه بحديدة اعتقادا انها تصيبه بالإغماء فقط، لكن الضربه ادت إلى موته، و»مكنش قاصد موته»، واتصلت بشريكي بعد أن ترك الشقة واعطيته 500 جنيه من محفظة مينا التى اخذتها عنوة من ملابسه واتصلت على شريكى وابلغته بالعودة إلى الشقة لان مينا مات. المتهم الثانى مصطفى 35 سنة عامل في مطعم قال؛ «معرفش مينا إلا عن طريق إبراهيم صاحبي، كلمني وقالي أنه معاه مصلحة كويسة، واننا هنخطف شاب ونطلب فدية وناخد الفلوس ونسيبه بعدها، ولم اتوقع أن الموضوع هيكبر بهذا الشكل». واضاف؛ «انا ماخطفتوش إحنا اتفقنا معاه هنقابله في الزاوية الحمراء، ولما وصل طلعنا به إلى الشقة ولا أعرف شكله ولا تواصلت معاه، إبراهيم هو اللي كان بيكلمه طول الوقت وبيتابع معاه». واستطرد قائلا؛ «انا اتصلت بوالده، وطلبت منه فلوس زي ما إبراهيم طلب مني، وقولت لهم عايزين 120 ألف جنيه، وبعدها إبراهيم طلب مني أنزل أجيب إيصالات أمانة نمضي مينا عليها، دا كل اللي حصل، و لما نزلت مفيش 10 دقائق وإبراهيم كلمني قالي أن مينا، حاول يهرب فضربه على راسه، ومات فكرت فى الهروب، لكن بعدها تراجعت وقولت أكيد مينا مغمى عليه بس لما رجعت اكتشفنا أنه مات فعلًا، قمنا بجرجرته على الحمام، وقطعنا جثته وحطيناها في شنط بلاستيك وبقينا نرميها في مقالب الزبالة وترعة الإسماعيلية وللكلاب في الشارع، ورجعنا الشقة قمنا بتنظيف الدماء وحاولنا الحصول على الاموال بأي شكل من والده عن طريق ارسال تسجيلات صوتية تؤكد له انه مازال على قيد الحياة، لكن تم إكتشاف امرنا والقاء القبض علينا».