وسط تحديات اقتصادية وأزمات وتوترات جيوسياسية متعاقبة وغير مسبوقة يشهدها العالم، تستضيف مدينة كازان الروسية الثلاثاء المقبل القمة السادسة عشرة لمجموعة البريكس التى تعقد خلال الفترة من 22 و24 أكتوبر 2024 ، ومن المقرر مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى ورؤساء البرازيل وروسيا والهندوالصينوجنوب إفريقيا (الدول المؤسسة للبريكس). وتكتسب قمة كازان الروسية أهمية خاصة كونها أول تجمع يضم الأعضاء الجدد المنضمين إلى البريكس الذين تم ضمهم رسميًا للتكتل فى شهر يناير الماضى بعد موافقة القمة الخامسة عشرة فى جنوب إفريقيا وعلى رأس تلك الدول مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران وإثيوبيا. اقرأ أيضًا | «النواب» يُوافق على إنشاء المجلس الوطنى للتعليم والابتكار وأعلن الكرملين عن مشاركة 32 دولة فى القمة من بينها 24 دولة ستكون ممثلة على مستوى القادة بالإضافة إلى حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش. ومن المتوقع أن تعرض مصر خلال مشاركتها الأولى رفيعة المستوى بعد انضمامها كعضو فى قمة تجمع البريكس الجهود التى قامت بها فى عملية الإصلاح الاقتصادى والتنمية الشاملة وجهود الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص فى قيادة التنمية الاقتصادية بالإضافة لأهم الفرص الاستثمارية والاقتصادية الواعدة وبصفة خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. كما ستتضمن المشاركة المصرية رفيعة المستوى المشاركة والتفاعل مع عدد من الجلسات التى ستعقد على هامش القمة، بالإضافة إلى عقد مجموعة من اللقاءات الثنائية مع الزعماء المشاركين فى الاجتماعات. ويعد تجمع البريكس واحدًا من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم حاليًا، حيث يبلغ الناتج المحلى الإجمالى لدوله 30 تريليون دولار، ويعكس انضمام مصر لمجموعة البريكس قوة الدور المحورى والإقليمى للقاهرة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومكانتها داخل المجتمع الدولى والإقليمي، وما حققته مصر فى عملية الإصلاح الاقتصادى والتنمية الشاملة وقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية، كما تعد مصر نقطة محورية فى طريق التجارة العالمية. وتسعى مصر من خلال مشاركتها رفيعة المستوى فى القمة القادمة للبريكس إلى تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية من خلال التكتل سواء على المستوى الثنائى بشكل عام أو على مستوى دول التجمع على وجه الخصوص، وتعظيم الاستفادة من المزايا التفضيلية التى تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجارى لجذب الاستثمارات للاقتصاد المصرى وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية وتوطين الصناعة والاستفادة من الخبرات المتعددة لدول البريكس. كما ستكون المشاركة المصرية فرصة لعقد مجموعة من اللقاءات الثنائية مع القادة والزعماء المشاركين من دول التجمع فى القمة لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر وهذه الدول وكذا استعراض الملفات الإقليمية المشتعلة فى منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ولبنان وجهود مصر لوقف إطلاق النار لعدم توسع دائرة الصراع ووقف التصعيد الحالى للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، بالإضافة إلى التحديات القائمة بالدائرتين الإقليمية والعالمية ذات التأثير على الأمن القومى المصرى بمختلف أبعاده وعرض رؤية مصر لحل الأزمات والتحديات الجارية. ويتيح انضمام مصر إلى مجموعة البريكس الكثير من الفرص الاقتصادية الواعدة، بشرط نجاح القاهرة فى استثمارها، ويتيح انضمام مصر المزيد من الفرص لزيادة قيمة الصادرات المصرية إلى دول التجمع الخمس، وكذا الدول المنضمة حديثًا مع مصر. ويعد انضمام القاهرة لتكتل البريكس شهادة ثقة من دول المجموعة على قدرة الاقتصاد المصرى لتجاوز التداعيات العالمية الراهنة التى جاءت نتيجة التوترات الجيوسياسية فى المنطقة. كما أنه يأتى تأكيدًا لثقل مصر على المستوى الدولى والإقليمى ورغبتها فى تعزيز التعاون مع شركاء التنمية الدوليين مع رغبة متبادلة من دول التجمع الرئيسيين الذين يمثلون قوة عظمى فى العالم وعلى رأسها الصين وروسيا والهند. كما أن أهم ما يميز انضمام القاهرة للبريكس هو تمتع مصر فى الإطار الثنائى مع دول التجمع المؤسسين والمنضمين حديثاً بعلاقات متميزة ووثيقة على المستوى السياسى والاقتصادي. وتسعى مصر إلى تحقيق أفضل المكاسب من تجمع البريكس الذى يتمتع بثقل اقتصادى عالمى كبير ومحاولة خلق أطر جديدة للعلاقات والتعاون الدولى فى ظل نظام اقتصادى عالمى جديد متعدد الأقطاب الذى أضحى نظام تكتلات فى ظل وجود حراك كبير فى النظام الدولي، مما يتيح العديد من الفرص الاقتصادية الواعدة للدولة المصرية ومنها زيادة التصدير عبر ربطها بالمشروعات العالمية والتجمعات الاقتصادية التى تقودها دول تجمع البريكس واستغلال موقع مصر الجغرافى وقربها من أوروبا وإفريقيا وآسيا والدول العربية والاستفادة من الاتفاقيات التجارية، فضلًا عن جذب الاستثمارات الأجنبية ودعم خطط الاقتصاد المصرى المستقبلية فى جذب عدد كبير من المشروعات فى مجالات الرقمنة والتنمية الزراعية والاستثمارات البيئية الخضراء والبنية التحتية كذلك مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، حيث يسمح وجود مصر فى البريكس بدفع مزيد من الاستثمارات فى تلك المجالات التنموية المهمة وتبادل ونقل الخبرات خاصة فى الصناعة والتكنولوجيا وتوطين الصناعات المصرية من خلال الاستفادة من خبرات دول تجمع البريكس فى زيادة معدلات التصنيع والإنتاج وخلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية وزيادة الصادرات وتخفيف الضغط على النقد الأجنبى فى مصر. كما يسمح انضمام مصر لتجمع البريكس بتأمين احتياجاتها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب كالقمح والأرز خاصًة أن هذا التجمع يستحوذ على حصة كبيرة من الاقتصاد العالمى من تجارة الحبوب تظهر بوضوح فى دولتى الهند وروسيا بالإضافة إلى الغاز والطاقة والحصول على تسهيلات تمويلية عند عقد اتفاقيات تجارية لشراء تلك السلع والمنتجات الأساسية للمواطن. كما أن وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية الجديد التابع لتكتل البريكس سيمنحها فرصًا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية فى ظل ما تشهده القاهرة من حراك تنموى غير مسبوق منذ تولى الرئيس السيسى المسئولية وحتى الآن، بما يؤسس لشراكة قوية بين مصر والبنك الذى يمتلك قدرات تمويلية وخبرات دولية متقدمة يمكن أن تساعد مصر فى تلبية احتياجاتها وتعظيم جهودها فى تطوير البنية التحتية، وتحقيق التنمية المستديمة.