أصدرت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي تقريراً يوثق كيفية استغلال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمنصبه في تحقيق مكاسب مالية ضخمة، إذ بحسب ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية فإن ترامب قام برفع أسعار إقامة عناصر الخدمة السرية في فنادقه بشكل غير مسبوق، في ممارسة وصفها التقرير بأنها "أعظم مخطط للإثراء السريع في العالم". استغلال منهجي للمال العام كشفت الوثائق التي حصلت عليها لجنة الرقابة من شركة "مازارز" المحاسبية، المسؤولة عن حسابات ترامب، تفاصيل مثيرة عن الممارسات المالية في فندق "ترامب إنترناشيونال" بواشنطن. اقرأ أيضًا| قبل انتخابات أمريكا 2024| تأمين تحركات ترامب وهاريس بأعلى مستوى وتظهر سجلات النزلاء التي تغطي الفترة من سبتمبر 2017 حتى أغسطس 2018 نمطاً منهجياً من التلاعب بالأسعار، إذ كان الفندق يفرض على الخدمة السرية أسعاراً تتجاوز المعدلات الحكومية المصرح بها بنسبة تصل إلى 300%، وهو ما يمثل استنزافاً واضحاً للمال العام لصالح المؤسسات التجارية المملوكة للرئيس السابق. وفي تفاصيل أكثر إثارة للدهشة، كشف التقرير أن الأسعار المفروضة على الخدمة السرية كانت تتجاوز حتى تلك المفروضة على كبار الشخصيات والضيوف المرموقين، بمن فيهم أفراد من عائلات ملكية ورجال أعمال صينيون. هذا التناقض الصارخ يأتي في تعارض مباشر مع تصريحات إريك ترامب، نجل الرئيس السابق، الذي ادعى سابقاً أن منظمة ترامب كانت تستضيف عملاء الخدمة السرية مجاناً في عقاراتها، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مصداقية تصريحات العائلة ومدى شفافيتها في التعامل مع المال العام. حجم الاستفادة المالية والتداعيات القانونية يكشف التقرير الموسع، الذي يمتد على 156 صفحة، عن حجم الاستفادة المالية التي حققتها إمبراطورية ترامب التجارية خلال فترة رئاسته، إذ تلقت أربع شركات مملوكة لمجموعة ترامب العائلية مدفوعات تتجاوز 7.8 مليون دولار من 20 دولة مختلفة خلال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض. وعلى الرغم من تحقيق فندق ترامب إنترناشيونال إيرادات ضخمة بلغت حوالي 150 مليون دولار خلال تلك الفترة، إلا أن الفندق تكبد خسائر صافية وصلت إلى 70 مليون دولار، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تداعيات جائحة كورونا العالمية. وتتعمق الإشكالية القانونية لهذه الممارسات في ضوء بند المكافآت في الدستور الأمريكي، الذي يحظر صراحةً على الرئيس تلقي أي مدفوعات من الحكومة الفيدرالية باستثناء راتبه الرئاسي. وفي هذا السياق، يبرز التباين الصارخ بين سلوك ترامب وسلوك الرؤساء السابقين الذين حرصوا على تجنب أي تضارب محتمل في المصالح، فعلى سبيل المثال، قام الرئيس الأسبق جيمي كارتر ببيع مزرعته للفول السوداني في ولاية جورجيا قبل توليه المنصب، في خطوة تعكس التزاماً أخلاقياً بفصل المصالح الشخصية عن المنصب العام. اقرأ أيضًا| بعد محاولة اغتيال ترامب| قواعد حماية الرؤساء من جهاز الخدمة السرية بأمريكا مستقبل القضية وتداعياتها السياسية رغم قيام المحكمة العليا الأمريكية برفض دعويين قضائيتين تتهمان دونالد ترامب بانتهاك بند المكافآت في يناير 2021، معللة ذلك بأن القضية أصبحت غير ذات موضوع بعد انتهاء فترة رئاسته، إلا أن التداعيات السياسية والقانونية لهذه القضية ما زالت تلقي بظلالها على المشهد السياسي الأمريكي. وقد اتخذ ترامب خطوة لافتة في عام 2022 ببيع عقد إيجار الفندق المكون من 263 غرفة، والمعروف باسم مبنى "البريد القديم"، لمجموعة استثمارية مقرها فلوريدا. ويكتسب هذا التقرير أهمية خاصة في ظل استمرار الجدل حول الفصل بين المصالح الشخصية والمناصب العامة في الولاياتالمتحدة، فمنذ إعادة افتتاح الفندق تحت العلامة التجارية لسلسلة والدورف أستوريا في يونيو 2023، شهد إنفاق المجموعات الجمهورية في الفندق انخفاضاً حاداً، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق في واشنطن"، وهي مجموعة رقابية كانت قد رفعت دعاوى قضائية ضد ترامب بشأن قضايا المكافآت.