ماذا يعنى محو(مسرح) لإقامة (جراج)؟!.. حكاية قديمة متكررة، منذ حريق الأوبرا الخديوية (1971) وإقامة جراج متعدد الطوابق، أصبح يسمى (جراج الأوبرا)! المشكلة ليست هدم المسرح العائم (مسرح فاطمة رشدي) أو التفكير فى إزالته، لبناء جراج متعدد الطوابق!..المشكلة ثقافة الهدم، محو الذاكرة والعبث بالتاريخ والأثر وتجريف الثقافة، تلك الآفة القديمة والممتدة من محو حصص الرسم والموسيقى والنشاط المسرحى فى المدارس إلى تقليص الدراسات الإنسانية، وإلغاء دراسة الفلسفة والمنطق!لا أحد ينفي، ولا أحد يؤكد قرار الإزالة، لنفاجأ بين يوم وليلة بهدم المسرح ومحو ذاكرة وإرث ثقافي! والمشكلة أيضا ليست هدم المسرح العائم، فى القاهرة وحدها أكثر من 80 مبنى مسرحيًا (مسارح تابعة للدولة، ومسارح تابعة للقطاع الخاص ومسارح للجامعات، ومسارح لمؤسسات مدنية)، معظم هذه المسارح (مغلقة) فى الأغلب طوال العام، أو تستخدم قاعة احتفالات، بينما لا تتجاوز المسارح المضاءة فعليا بالأعمال المسرحية أصابع اليد الواحدة! ليست مشكلة المبنى المسرحي، المشكلة فى غياب المعنى والوظيفة والدور، مسئولية المسرح فى بناء الوعى وصيانة الإنسان! المسرح العائم فى انتظار وضوح مصيره، هو دائما فى انتظار مصيره، منذ أكثر من 20 عاما وهو بنية متهالكة، بسبب إطلالته على النيل وفضائه المكشوف وعوامل الطقس، وغياب الصيانة الدورية! وبالفعل أغلق عام 2016 للترميم والصيانة، وافتتح 2019 ولا يزال بحاجة إلى الكثير من الصيانة والتحديث خاصة لأجهزة الصوت والإضاءة، وبدلا من التفكير فى استعادة المسرح عافيته، يأتى البحث عن الحلول السهلة والقديمة، التفكير فى الهدم والإزالة! وبدلا من تطوير عقلية وتنمية وعى وبناء الإنسان عبر حضور مسرحى حقيقي، تنحاز ثقافة الهدم إلى السهل التجاري، ثقافة السوق والاستهلاك.