أكثر من 80 وثيقة محلية ودولية لأخلاقيات AI الإيه آى.. والنتيجة لم ينجح أحد!! يفتح الذكاء الاصطناعى عصراً جديداً مفيداً للبشرية، لكنه يثير مخاوف كثيرة أخلاقية وإنسانية وبيئية، منها على سبيل المثال التمييز وعدم المساواة والفجوات الرقمية الاجتماعية أو الاقتصادية والاستبعاد والتهديد للتنوع الثقافى والاجتماعى والبيولوجى، علاوة على سوء استغلال الذكاء الاصطناعى فى الحروب والدعاية والطب وغيرها. لذلك لابد من تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعى وضمان أن يكون فى صالح البشرية من خلال اصدار القوانين وإلزام الشركات والمبرمجين والعاملين فى مجال الذكاء الاصطناعى بمواثيق ومدونات أخلاقية ، تضمن كما يقول تقريراً لليونسكو الشفافية والقدرة على فهم عمل الخوارزميات والبيانات التى تم تدريبهم عليها؛ وتأثيرها المحتمل على، بما فى ذلك على سبيل المثال لا الحصر، كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته الأساسية والمساواة بين الجنسين والديمقراطية والعمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والممارسات العلمية والهندسية ورفاهة الحيوان والبيئة والنظم الإيكولوجية. والمفارقة أن تقنيات الذكاء الاصطناعى يمكن أن تعمق الانقسامات وعدم المساواة القائمة فى العالم، داخل البلدان وفيما بينها، ومن ثم يجب الحفاظ على العدالة والثقة والإنصاف بين كل الدول، سواء من خلال الحصول على وصول عادل إلى تقنيات الذكاء الاصطناعى والتمتع بفوائدها أو فى الحماية من آثارها السلبية، مع الاعتراف بالظروف المختلفة لدول العالم.. إن أخلاقيات الذكاء الاصطناعى هى مجموعة المبادئ التوجيهية التى يستخدمها أصحاب المصلحة (من الشركات والمبرمجين والمهندسين إلى المسئولين الحكوميين) لضمان تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى واستخدامها بشكل مسئول، وهذا يعنى اتباع نهج آمن وإنسانى وصديق للبيئة فى التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وينبغى أن تشمل أخلاقيات الذكاء الاصطناعى تجنب التحيز، والحد من الظلم واللامساواة فى العالم سواء داخل المجتمع الواحد أو بين دول الشمال والجنوب . فى هذا السياق أصدرت هيئات حكومية أكثر من 80 وثيقة محلية ودولية لضبط أخلاقيات الذكاء الاصطناعى منها هيئات فى بريطانيا والولايات المتحدة واليابان والصين والهند والمكسيك وأستراليا مصر، وأصدرت اليونسكو ميثاقا لأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعى، هناك مبادئ بكين للذكاء الاصطناعي، ومبادئ الفاتيكان المعروفة باسم نداء روما لأخلاقيات الذكاء الاصطناعى، كما أصدرت الشركات العملاقة، مثل امازون وما يكروسوفت وجوجل وغيرها العديد من المواثيق الأخلاقية، لكن كل الشركات لم تلتزم بها نتيجة عنف المنافسة والبحث عن الربح .. وتدور معظم المواثيق الأخلاقية للذكاء الاصطناعى حول عدد مهم من المبادئ والقيم أهمها: سلامة وشفافية أنظمة الذكاء الاصطناعى، وسرعة الاعتراف بفشل أنظمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعى والإعلان عنها والعمل على إصلاحها، وتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعى بما يتوافق مع القيم الإنسانية المعترف بها من المجتمع الدولى، وفى مقدمتها الحفاظ على الكرامة الإنسانية والحقوق والحريات والتنوع الثقافى، وحماية الخصوصية ومنع الوصول إلى البيانات الشخصية للأفراد أو التحكم فيها والتلاعب بها، وضمان حرية الأشخاص فى الوصول إلى بياناتهم الشخصية وإدارتها بحرية، والحرص على تحقيق المنفعة المشتركة لأغلبية المواطنين وعدم التمييز أو التهميش لجماعات معينة فى المجتمع، وتقاسم الرخاء الاقتصادى الذى يخلقه الذكاء الاصطناعى على نطاق واسع، ليعود بالنفع على البشرية جمعاء، ومنع استخدام الذكاء الاصطناعى فى سباق التسلح أو إنتاج الأسلحة الفتاكة، وضمان التحكم البشرى لأنظمة الذكاء الاصطناعى ومنع تطبيقات الذكاء الاصطناعى أو الخوارزميات من اتخاذ قرارات منفردة خاصة ما يتعلق بقرارات الموت والحياة للآخرين فى المستشفيات وفى ميادين الحروب وغيرها، وإنشاء أجهزة وهيئات مستقلة لمراقبة ومتابعة تطبيق أخلاقيات الذكاء الاصطناعى، ما يعنى عمليا تطبيق الشفافية والمساءلة.. ولاشك فى نبل وإنسانية هذه المبادئ الأخلاقية ، لكن المشكلة انها لاتطبق، ومن الصعب ايضا إلزام الحكومات والشركات بها، فهى مبادئ وقيم بلا اسنان، فلا عقوبات واضحة على المخالفين، وإنما هى مبادئ وتوجهات عامة، ولاتوجد جهات لها صلاحيات محددة للرقابة والردع، لقد سقطت كل هذه المبادئ والأخلاقيات تحت أقدام التنافس بين الدول وبين الشركات للريادة والهيمنة فى مجالات الذكاء الاصطناعى، من هنا تبرز الحاجة إلى مشاركة دولية أوسع لإصدار قوانين ومواثيق أخلاقية تكون ملزمة لكل الأطراف، ومعبرة عن مصالح وثقافات دول الجنوب، لأن معظم المواثيق الأخلاقية عبرت عن الثقافة الغربية ومصالح الدول المتقدمة.