فى وقت تواصل فيه إسرائيل حرب الإبادة على غزة ولبنان وترتكب من المذابح ما يدعو بعض أقرب الحلفاء إلى الدعوة لمنع تصدير السلاح لها.. لا تكتفى الولاياتالمتحدة بأطنان الأسلحة التى لم تتوقف عن ارسالها لإسرائيل بما فيها الصواريخ والقنابل المحرم استخدامها دوليا، وإنما تضيف الآن قرارا عاجلا بنقل مجموعات من منظومة «ثاد» المضادة للصواريخ. وهى المنظومة الحديثة فى الترسانة الأمريكية القادرة على مواجهة الصواريخ البالستية، ومعها سيصل عدد من ضباط الدفاع الجوى الأمريكى للإشراف على تفعيل هذه المنظومات وتدريب الإسرائيليين عليها!! لم يعد هناك الكثير ليضاف فى الحديث عن «الشراكة الكاملة» بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل فى هذه الحرب الهمجية التى تكاد تفجر المنطقة كلها. لكن القرار الأمريكى فى هذا التوقيت يحمل إشارات عديدة إلى أن كل أسلحة أمريكا التى أرسلتها لإسرائيل لم تستطع «ولن تستطيع»!! توفير الأمان لكيان قام على الإرهاب ويعيش عليه. كيان يتوهم أن المذابح التى يقوم بها يمكن أن توفر له الأمن والاستقرار، ليجد نفسه عاجزا أمام شعوب تدافع عن أرضها ومقاومة تدفع بالدم ثمن الحرية الغالى. كل ترسانة السلاح لدى الكيان الصهيونى لم تمنع صواريخ المقاومة أن تصل إلى تل أبيب، ولم توقف الطائرات المسيرة عن اختراق كل الدفاعات الإسرائيلية لتضرب معسكرات العدو فى حيفا، كما لم تمنع صواريخ إيران من إصابة أهدافها. كانت هذه كلها إشارات إلى أن استخدام القوة الباطشة له حدود، وأن حروب الإبادة لا توفر الأمان بل تقود إلى الهاوية، وأنه لا بديل عن الحل السياسى وإيقاف الحرب فورا لإنقاذ إسرائيل من أخطائها الكارثية ولإنقاذ المنطقة من حرب لن ينجو منها طرف. الولاياتالمتحدة اختارت الطريق الآخر. المزيد من الأسلحة والقنابل المحرمة دوليا، ونقل بطاريات «ثاد» مع الضباط والجنود الأمريكيين للعمل داخل إسرائيل ضد الصواريخ البالستية. وكأنها تقول لنتنياهو: عربد كما تشاء فى المنطقة، ونحن سنتكفل بحمايتك!!.. كان يمكن فهم التصرف الأمريكى لو أنه ارتبط بقرار حاسم بإيقاف إطلاق النار فى فلسطين ولبنان، وبدون ذلك فهو دعوة لاستمرار الحرب وتصعيدها.. فهل هذا ما تريده أمريكا؟ وماذا ستفعل إذا استهدفت بطاريات صواريخها الجديدة أو أصيب جنودها فى حرب كانت تزعم أنها ليست حربها؟!